أيام "سوداء" للجنيه المصري

05 يونيو 2014
قيمة الجنيه المصري تشهد أكبر تراجع في التاريخ/getty
+ الخط -

يبدو أن الجنيه المصري يمر بنفس الظروف الصعبة التي يعيشها المصريون، ودفع ثمناً غالياً لعدم الاستقرار السياسي وتدهور الاقتصاد، وشهد أكبر انخفاض في التاريخ أمام الدولار رسميا، ليواصل النزيف منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز الماضي.
وشهد الجنيه ضغوطاً كبيرة منذ 11 شهراً، وكان أكبر معدل للتراجع خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، فبعد أن كان يدور سعر الجنيه الرسمي مقابل الدولار، حول 6.95 جنيه، في مارس/آذار، تراجع بشكل متسارع ليصل لأول مرة إلى 7.18 جنيه.

ووجهت السوق السوداء للدولار، ضربات متتالية إلى الجنيه، وقفز سعره إلى اكثر من 7.80 جنيه، واضطر البنك المركزي إلى طرح العديد من المزادات الدولارية، كان أخرها مزايدة بنحو 1.1 مليار دولار لكي يكبح جماحه.

ويربط المتعاملون في السوق بين تدهور سعر الجنيه، والأزمة السياسية والاقتصادية التي تتعرض لما مصر عقب الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي.

وحسب متعاملين في السوق، ترجع أسباب انخفاض الجنيه إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، والمضاربات على العملة الأميركية في السوق الموازية غير الرسمية، وتراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات رئيسية منها السياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والاستثمارات الخارجية.

وسجلت الإيرادات السياحية لعام 2013، نحو 5.9 مليارات دولار، مقابل 10 مليارات دولار في العام السابق، بانخفاض بلغت نسبته 41%.

وحسب تقرير للبنك المركزي المصري، تراجعت تحويلات المصريين من الخارج، إلى 8.441 مليار دولار بنسبة 8.9%، خلال النصف الاول من العام المالي الجاري 2013/ 2014، مقارنة بنحو 9.276 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي الماضي 2012/ 2013.

وبلغ الاحتياطي النقدي لمصر، حتى نهاية مارس/ آذار الماضي، 17.4 مليار دولار، رغم المساعدات الخارجية، وزادت الديون إلى أكثر من تريليوني جنيه لأول مرة في تاريخ مصر.

وفي الوقت الذي تشهد فيه السوق السوداء للدولار، ضغوطاً لعدة أسباب ومنها إعلان دول الخليج عن مبادرات لمساندة مصر اقتصادياً ومالياً، إلا أن بعض المتعاملين توقعوا استمرار ارتفاع الجنيه رسمياً، ورهنوا القضاء على السوق السوداء بالاستقرار السياسي والتحسن في أداء الاقتصاد وعودة انتعاش السياحة وباقي القطاعات.

وانخفضت أسعار الدولار بالسوق السوداء بنحو 30 قرشاً، خلال الأسبوع الأخير، حسب متعاملين، وتراجع من 7.8 جنيه، إلى 7.5  جنيه للشراء، وفي نفس الوقت ارتفع الدولار بالسوق الرسمية بقيمة 10 قروش، خلال الفترة ذاتها.

وأرجع خبراء ومتعاملون بالسوق ارتفاع الدولار رسمياً، وانخفاضه بالسوق السوداء، الفترة الأخيرة، إلى تراجع طلبات المستوردين بعد شراء السلع الرمضانية، واتجاه الحكومة لسد الفجوة بين السوق الرسمي وغير الرسمي.

وتعهدت دول الخليج بعد الانقلاب العسكري، بمنح مصر مساعدات لا تقل عن 12 مليار دولار، في حين ذكر السيسي أن اجمالي المساعدات الخارجية بلغ 20 مليار دولار، إلا أن ذلك لم يوقف تدهور الاقتصاد وتراجع الجنيه، في ظل استمرار الاضطرابات السياسية والانفلات الأمني.

وقال مدير إحدى شركات الصرافة بالعاصمة المصرية القاهرة، إسلام عبد المنعم لـ"العربي الجديد"، إن اسعار الدولار انخفضت بالسوق السوداء، نتيجة تراجع الطلب على الدولار من قبل المستوردين، وأوضح أن السوق السوداء بعد تلك الانخفاضات، أثبتت أنها تعمل وفقا للعرض والطلب.
وأضاف عبد المنعم: إن الحديث حول مزيد من الدعم الخليجي، أدى إلى مزيد من التراجع للدولار في السوق الموازية.
وأعلن العاهل السعودي الملك عبد الله آل سعود، الثلاثاء عن مبادرة لعقد مؤتمر لمانحي مصر، بهدف مساندة الاقتصاد المصري المتعثر، عقب الإعلان الرسمي عن فوز عبد الفتاح السيسي، في انتخابات رئاسية شهدت إقبالاً ضعيفاً وانتهاكات جسيمة، ومقاطعة موسعة من التيار الإسلامي وقوى شبابية.

وقال مساعد رئيس صندوق النقد الدولى، فخري الفقي سابقًا لـ"العربي الجديد": إن ضغوط صندوق النقد، دفعت البنك المركزي للتخلي بعض الشيء عن تثبيت سعر الصرف عند حدود معينة، حيث دفع السعر ليصل إلى 7.18 جنيه فى السوق الرسمية ليقترب بذلك من سعر السوق الموازية.
وأكد الفقي إن الدعم الخليجي الجديد المرتقب ضخه في السوق الفترة المقبلة، سيساهم في مزيد من المقاومة للجنيه المصري أمام الدولار.

وقال رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة أحمد شيحة لـ"العربي الجديد": إن معظم الشركات استوردت مستلزمات شهر رمضان من ياميش وفوانيس ولحوم ودواجن وغيرها، وتم طرحها بالأسواق، وبالتالي انخفض الطلب على الدولار.

ورغم هذا التفاؤل بانحسار السوق السوداء، فإن اقتصاديين توقعوا استمرارها، وقدروا الطلب الشهري على الدولار في مصر بأكثر بنحو نصف مليار دولار عن المبلغ الذي يطرح في السوق الرسمية، فظهرت السوق السوداء لتلبية هذا الطلب.

وأجرت رويترز استطلاعاً غير رسمي، أعلنت عنه يوم الأربعاء، لآراء عشرة متعاملين ومديري صناديق واقتصاديين في مصر والخارج، تنبأ فيه ثمانية بأن السعر الرسمي للجنيه سيواصل انخفاضه ليصل بنهاية العام إلى 7.35 مقابل الدولار وهذا سيعني انخفاض قيمة العملة المصرية بنسبة 5.4 في المئة خلال 2014.

وتبقى الاسئلة، هل ستنجح الحكومة في وقف السوق السوداء للدولار؟ وكيف ستواجه التعثر الاقتصادي، وتحسن أداء القطاعات التي تدر العملة الصعبة؟ ومتى يتوقف تراجع الجنيه؟.

المساهمون