دافوس 2018 .. تناقش أزمة الرأسمالية و10 مهددات أخرى للعالم

19 يناير 2018
كلاوس شواب مؤسس المنتدى (Getty)
+ الخط -
يطرح منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، في مداولات العام الحالي التي تحضرها النخب السياسية والاقتصادية من أنحاء العالم، قضايا إصلاح النظام الرأسمالي القائم على مبدأ السوق، ومفهوم النمو الاقتصادي وتداعياته على تماسك المجتمعات في العالم.
ويتناول التطورات التي حدثت في النظام الرأسمالي الذي كان قائماً قبل سقوط الحلف الشيوعي، والمستجدات التي حدثت بعد ذلك وأدت إلى تزايد فجوة في الدخول، وعدم عدالة توزيع النمو الاقتصادي الذي يستفيد منه عدد ضئيل من المجتمعات.
كما يتناول المنتدى، في حواراته كذلك، مفهوم بناء العلاقات بين الدول على أساس الميزان التجاري والحماية الاقتصادية التي أصبحت محور السياسة الأميركية في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب.

في هذا الصدد، حذّر مدير الأجندة العالمية في منتدى "دافوس"، ريتشارد سامانس، قبيل انطلاق المنتدى، الأسبوع المقبل، من فشل النظام الاقتصادي العالمي الحالي، ومخاطر هذا الفشل على مستقبل تماسك المجتمعات في أنحاء العالم.
وقال، في تقديمه لأجندة منتدى العام 2018، إن النظام الاقتصادي العالمي فشل في تحسين المستوى المعيشي لأصحاب الدخول المتوسطة في أنحاء العالم، وبالتالي يجب إصلاحه بشكل يسمح بتوزيع النمو الاقتصادي على كامل المجتمع، وليس محصوراً على فئات معينة في المجتمعات". وأضاف، في تقديمه المنشور على موقع المنتدى، "إن الاحتجاجات التي شهدها العالم تدق جرس الإنذار بضرورة إصلاح النظام العالمي، وإن منتدى هذا العام يوفر فرصة لقادة الدول للاستجابة لهذا النداء".

وأضاف، في نشرة تقديمه لمنتدى العام "المجتمعات في أنحاء العالم تقول لنا بضرورة النظر وإعادة هيكلة منظور النمو والاقتصاد... هنالك حاجة ماسة، أن تجرى تحسينات هيكلية وعمليات إصلاح للرأسمالية القائمة على مبدأ السوق، حتى يمكن التعامل مع فشل النمو الاقتصادي الحالي في تحسين مستويات المعيشة، والاستجابة لعدم قناعة المجتمعات بالنظام الرأسمالي الحالي".
ومن بين الإصلاحات المقترحة في المنتدى، تبنّي مقاييس جديدة للنمو الاقتصادي تركز على المستوى المعيشي ومتوسط الدخول في الدول، كبديل لمقاييس النمو الحالية.

وقال إن المستجدات الجيوسياسية التي حدثت في العالم أخيراً تطرح معطيات اقتصادية واجتماعية تختلف عن مفهوم النمو الاقتصادي في سنوات الحرب الباردة. فالرخاء الاقتصادي والتماسك الاجتماعي لم يعودا متّحدين مثلما كان الحال في السابق. ويشير سامانس بذلك إلى التركّز الحادث حالياً في الثروة القومية في الدول التي يتقلص تدريجياً فيها عدد الذين يملكونها، وتتزايد أعداد الفقراء، وتكاد أن تختفي الطبقة الوسطى في أميركا والعديد من دول أوروبا.

وتنطلق جلسات منتدى دافوس السنوي في مدينة دافوس الجبلية الصغيرة على جبال الألب في سويسرا، حيث يبدأ يوم 23 يناير/كانون الجاري وينتهي يوم 26 منه.
ويحضر المنتدى لأول مرة الرئيس دونالد ترامب، كأول رئيس أميركي يحضر المنتدى منذ عام 2000، حينما حضره الرئيس بيل كلينتون.
وتنتظر الرئيس ترامب مظاهرات حاشدة أعدت لها منظمة "آكشن توغيزر" السويسرية، التي ستقوم بتوزيع منشورات تشرح فيها كيفية مقاومة سياسات الرئيس ترامب.
وتقول في هذه المنشورات إن سياسة ترامب تقوّض السلام وحقوق الإنسان والبيئة والعدالة الاجتماعية في العالم. وبالتالي من المتوقع أن تتزايد نفقات الأمن هذا العام، مقارنة بنفقاته في العام الماضي.

كما سيقوم كل من البروفسور روبرت لورانس، من جامعة هارفارد، والبروفسور يلينغ تان، من جامعة برنستون في تكساس، بإطلاق ندوات حوار واسعة في المنتدى حول سياسة ترامب الاقتصادية والتجارية، تتناول "سوء الفهم في موازين التجارة العالمية".
وتنتقد الورقة الاقتصادية الرئيسية في المنتدى، التي سيقدمها البروفسيران الأميركيان، لورانس وتان، مفاهيم إدارة الرئيس ترامب القائمة على الحماية التجارية وخفض العجز التجاري في بناء علاقات أميركا بالحلفاء ودول العالم.

وتتناول الورقة البحثية، حسب برامج المنتدى "المفهوم الشائع حول أن ميزان التجارة للدولة أحد المقاييس المهمة لنجاح التجارة الخارجية". وهو المفهوم الذي يستند عليه ترامب في تعامله مع الدول، وبناء عليه يعيد التفاوض في اتفاقية "نافتا" التي كانت تبني فضاء تجارياً مفتوحاً بين كل من أميركا والمكسيك وكندا. وتدخل مفاوضاتها حالياً مرحلة حرجة، ويهدد ترامب بإلغائها في أية لحظة. كما تناقش كذلك سحب الولايات المتحدة من عضوية الشراكة التجارية عبر الباسيفيكي.
وإلى جانب الرئيس دونالد ترامب، تحضر منتدى هذا العام، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ولكن من المستبعد أن يتم لقاء بينهما، حيث تغادر السيدة ماي المنتدى قبل حضور الرئيس ترامب، حسب ما ذكرت وكالة بلومبيرغ.

كما يبحث المنتدى كذلك تداعيات أزمة المال العالمية التي ضربت العالم في 2007، بعد عقد على حدوثها ونجاعة أساليب المعالجة التي اتخذتها الدول والبنوك المركزية. وكانت أزمة المال العالمية أن تحطم النظام المالي العالمي وأسواق المال، لولا تدخل البنوك المركزية المباشر بضخ أموال في البنوك والشركات وشراء السندات الفاسدة.
وقد نجح هذا التدخل في إنقاذ النظام المالي، ولكن ما هي الكلفة التي دفعها العالم؟ وكيف يمكن حساب تداعيات الخروج من نظام "التيسير الكمي"؟

وتتناول الورقة التي ستكون واحدة من أهم محطات النقاش في منتدى العام الجاري، 10 مهددات عالمية، يمكن أن تحدث فوضى اقتصادية واجتماعية في العالم. من بين هذه المخاطر، حدوث أزمة غذائية عالمية بسبب تقلبات المناخ، واحتمالات حدوث أخطاء تقود إلى توقف الإنترنت، وربما نهاية النظام التجاري العالمي القائم الآن، بسبب الهجوم الشرس من الرئيس دونالد ترامب على منظمة التجارة العالمية التي تقنن انسياب الحركة التجارية بين الدول وتشرف على تنفيذ اتفاقات التعريفات الجمركية. ويذكر أن الرئيس ترامب ينوي، خلال الشهور المقبلة، معاقبة الصين، التي يتهمها بأنها سرقت التقنية الأميركية، وأجبرت الشركات الأميركية على تسليم حقوق الملكية الفكرية في مقابل السماح لها بدخول السوق الصيني.

كما يطرح المنتدى كذلك المخاوف من نهاية الديمقراطية في العالم، وتحوّل الحوار السياسي السلمي إلى استخدام القوة في حل الخلافات والنزاعات بين الدول. كما يتناول كذلك مخاطر القضاء على الثروة السمكية في العالم، عبر استخدام "سفن درون، سفن بدون بشر" في صيد الأسماك، بدلاً من النظام التقليدي الحالي الذي يسمح بنمو الثروة السمكية.
ويُذكر أن وزير الخزانة الأميركي الأسبق، لورنس سمرز، الذي يعمل حالياً محاضراً في جامعة هارفارد، سبق أن حذّر من مخاطر النمو الاقتصادي غير المتكافئ بين الدول الفقيرة والغنية، وبين الذين يملكون الأموال والطبقات الدنيا في كل من أوروبا وأميركا.

وقال سمرز، في مقال بهذا الصدد سبق أن نشره على موقع هارفارد، إن تركّز الثروات في يد قلة من المواطنين يهدد بحدوث ثورات اجتماعية وفوضى سياسية، ربما تكون سبباً في دمار الاستقرار السياسي والاقتصادي في أجزاء كبيرة من العالم، وتنتهي بخسارة الجميع؛ الذين يملكون والذين لا يملكون.


المساهمون