الكويت تفرض رسوما على الأراضي لمواجهة انفلات الأسعار

29 اغسطس 2015
تنامي سكان الكويت يرفع الطلب على العقارات(فرانس برس)
+ الخط -
أكدت مصادر كويتية مطلعة أن حكومة بلادها عازمة على فرض رسوم على أراضي البناء غير المستغلة، بهدف حث مالكيها على تنفيذ مشروعات عليها أو طرحها للبيع، وذلك للحد من انفلات أسعار الأراضي والعقارات، لتلحق الكويت في ذلك بجارتها السعودية التي طبقت قبل أشهر قليلة إجراءات مماثلة أدت إلى تراجع أسعار الأراضي بنحو 30%.
وفي الكويت قانون صادر منذ نحو 20 عاماً يقضي بفرض رسوم على الأراضي، إلا أنه لم يدخل حيز التطبيق بسبب ضغوط شديدة من بعض المستفيدين، وفق المصادر الكويتية لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن هناك اتجاها لإحياء هذا القانون أو استبداله بآخر جديد.
وتشهد أسعار الأراضي في الكويت ارتفاعات كبيرة، وصلت لأكثر من مليون دولار لأرض لا تتجاوز مساحتها 400 متر مربع، بحسب خبراء اقتصاد.
ويعتبر وزير المالية الكويتي السابق، مصطفى الشمالي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة الأكبر في الكويت لا تكمن في عجز الأراضي، ولكن في ارتفاع أسعارها، موضحاً أن القانون الخاص بفرض رسوم على الأراضي موجود وسبق أن تم تطبيقه في فترات متباعدة.
ورغم انخفاض أسعار العقارات في الكويت منذ مطلع العام الحالي 2015 مقارنة بمستوياتها في 2014، إلا أنها ماتزال وفق محللين، مرتفعة وفوق قدرة المواطن العادي.
وأكد نائب رئيس البورصة الكويتية والخبير الاقتصادي السابق محمد الثامر، أن المشكلة الأكبر في الكويت تكمن في عجز الحكومة عن حل أزمة السكن، التي يجبرها الدستور الكويتي على توفيره.

وقال الثامر لـ"العربي الجديد"، إن فرض رسوم على الأراضي وفق القانون القديم أو إعداد قانون جديد أمر لابد منه، لكنه استبعد حدوث ذلك "في ضوء قوة تجار العقارات، الذين سيقاتلون بكل قوة لمنع تنفيذه مجددا". وأضاف: "فرض رسوم أو ضرائب على الأراضي غير المبنية، أمر ليس بجديد، فسبق أن درست الحكومة في التسعينات تطبيق مثل هذا الأمر، بعد أن وجدت أن بعض الأراضي يتم شراؤها بهدف المضاربة في أسعارها، وصدر قانون بفرض رسوم على كل قطعة أرض لم تُبن، ولكنه لم ينفذ على أرض الواقع".
وتابع: "إذا كان هناك تحرك لإنعاش هذا القانون، فإنه سيواجه بمعارضة شديدة من ملاك الأراضي، وأيضا من المضاربين الكبار، وهم يملكون قوة كبيرة، وسيعملون على تجميد القانون مرة أخرى". وأشار إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في أن معظم الأراضي الفضاء في الكويت مملوكة للدولة، ويتساءل كيف ستعالج هذه المناطق؟ فالأراضي المطروحة للبناء هي في مناطق محدودة، ويحتاج هذا الأمر للعلاج. وأضاف: "كما أن هناك أراضي مملوكة للديوان الأميري، وهي لم تبن منذ 40 عاما، فهل سيطبق عليها القانون الجديد؟ أعتقد أن المسألة سيكون فيها نقاش طويل وأخذ وعطاء، ولن يكون هناك تحرك سريع في هذا الإطار".
ورفض الثامر ما تردد حول اعتزام الدولة إعفاء الأراضي التي تقل مساحتها عن 800 متر مربع من الرسوم، معتبراً أن هذا الامر سيسلب القانون قوته، لكون معظم الأراضي في الكويت تقل عن 500 متر مربع، وبالتالي: "لن يكون للقانون الجديد أهمية".

اقرأ أيضا: رسوم الأراضي البيضاء بالسعودية تكبح انفجار الأسعار

وأكد "معظم تجار العقارات في الكويت فرزوا أراضيهم، وقسموها لـ 500 متر وأقل من ذلك، ولهذا لن يطبق عليها القانون، وسيكون تأثيره محدود جداً ولا قيمة له، فتجار العقارات أقوى من الدولة، الحكومة تحاول أن تثبت حسن نيتها في توفير السكن للكويتيين، ولكن لا أحد يملك أرضا 800 متر، فمعظم الأراضي المتاحة للبيع هي 400 فقط، وبالتالي لن يدفع ملاكها شيئاً".
وأشار إلى أن الكويت تعاني من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، رغم أن الدستور الكويتي كفل الرعاية السكنية للمواطنين، مشددا على أن الحكومة ملزمة بتوفير السكن للمواطن. ولفت إلى أن "طلبات الحصول على مسكن بدأت تتراكم بشكل كبير، لعدم قدرة الدولة على توفيره بالسرعة الكافية، ووصلت لأكثر من 120 ألف طلب وأصبح هناك أزمة".
وتابع: "ارتفعت أسعار الأراضي في المقابل لدرجة جعلت المواطن العادي غير قادر على شرائها، لقد وصلت لأكثر من 300 ألف دينار (1.04 مليون دولار) لأرض لا تزيد مساحتها عن 400 متر، ولا أعتقد أن أحدا ينتظر الرعاية السكنية قادر على توفير هذا المبلغ الضخم. لهذا، الأزمة تحتاج لعلاج حقيقي".
وبحسب الثامر بدأت الدولة في توفير بدائل عبر البناء في مناطق بعيدة عن العاصمة الكويت، ويتوقع أن يقلل ذلك عدد الطلبات من 120 ألفا إلى نحو 60 ألفا فقط، إلا أنه سيظل هناك طلبات لم يتم تلبيتها.
ويأتي الارتفاع المتواصل في أسعار العقارات في الكويت رغم انخفاض عدد الصفقات في السوق العقارية المحلية بنحو 70% خلال النصف الأول من العام الجاري، وانخفاض قيمة التداولات بنسبة 29% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفق تقرير حديث صادر عن بيت التمويل الكويتي (بيتك).
وتسبب الطلب المتزايد على السكن في ارتفاع أسعار الإيجارات بنحو كبير، وباتت الإيجارات تستقطع أكثر من نصف الراتب الشهري للعاملين في هذا البلد، بمتوسط فاق الـ1200 دولار شهرياً في مناطق الأطراف، بينما ترتفع لأكثر من 2000 دولار في الأحياء الداخلية.
وسبق أن أرجع الخبير العقاري حمود الغانم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الارتفاع الكبير في الإيجارات إلى زيادة الطلب وقلة المعروض في ظل تجاوز عدد سكان الكويت 3.5 ملايين نسمة، وانخفاض عائدات الودائع في المصارف، وهو ما دفع أصحابها إلى توجيهها للاستثمار في قطاع العقارات وفرض أسعار مرتفعة للإيجارات لتحقيق مكاسب كبيرة.
وكان مجلس الأمة الكويتي قد ناقش في عام 2010 مشروع قانون يحدد أسعار الإيجارات، ولكن تم إسقاطه قبل أن يصل إلى مرحلة التصويت.

اقرأ أيضا: شحّ الأراضي يحمي عقارات الكويت من الركود
المساهمون