ترامب يخدع العالم ..واشنطن تخفي فائضاً تجارياً يتجاوز 1.4 تريليون دولار

12 يونيو 2018
بحث مصرفي ألماني يكشف أن "العجز" الأميركي ذريعة (Getty)
+ الخط -
كشف بحث ألماني مصرفي نشرت "بلومبيرغ" ملخصاً عن نتائجه اليوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة التي تدعي أنها تعاني عجزاً تجارياً ضخماً في علاقتها مع شركائها التجاريين، هي في الواقع تتمتع بفائض قدره 20 مليار دولار مع الصين و1.4 تريليون دولار مع بقية العالم.

وهذا ليس ميزاناً تجارياً (Trade Balance) طبيعياً على النحو المتعارف عليه، حيث سجلت الولايات المتحدة عجزاً سنوياً يزيد على 330 مليار دولار مع الصين وحوالي 550 مليار دولار مع بقية دول العالم مجتمعةً عام 2017، لكن البحث الذي أعدّته مجموعة "دويتشه بنك" المصرفية الألمانية، يشير إلى فائض المبيعات الإجمالي Aggregate Sales Surplus الذي يقيس كُلاً من "التجارة المباشرة" و"مبيعات الشركات المتعددة الجنسيات".

الفائض الذي لا يتحدث عنه ترامب

تقرير البنك الألماني يقطع بأن مجرّد النظر إلى العجز التجاري في السلع والخدمات هو أمر مضلل، لأنه لا يعكس الحجم الحقيقي للمصالح الأميركية التجارية، وفقاً لخبراء اقتصاد في "دويتشه بنك".

إذ في حين أن بيانات التجارة والشركات لا يتم جمعها معاً في العادة، يبيّن البحث أنه بإضافة البيانات التجارية إلى مبيعات الشركات الأميركية في الدول والشركات الأجنبية في الولايات المتحدة، يتبيّن أن الشركات الأميركية قد باعت بقية العالم، أكثر ممّا باعتها الدول الأخرى في السنوات العشر الماضية، وفقاً لما كتب في البحث كبير الاقتصاديين المتخصصين في الشأن الصيني تشانغ تشيوي.

يأتي هذا البحث فيما يؤكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه على كبح جماح عجز بلاده التجاري، الأمر الذي أجّج خلافه مع الدول المتقدمة، في موقف أجهض قمة مجموعة السبع التي عُقدت في كندا خلال عطلة نهاية الأسبوع.



وفي الوقت ذاته، تُجري الولايات المتحدة والصين مفاوضات لتجنّب اندلاع حرب تجارية، وسط تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات صينية لا تقل قيمتها 50 مليار دولار بعد 15 يونيو/ حزيران الجاري.

فائض مع الصين صغير لكنّ متصاعد

تشيوي كتب في التقرير أنه بالنسبة إلى الصين، "تتناقض صورة العجز التجاري الهائل مع الولايات المتحدة مع حقيقة أن المستهلكين الصينيين يتملّكون مزيداً من هواتف "آيفون"، ويشترون مزيداً من سيارات "جنرال موتورز" أكثر مما يشتري المستهلكون الأميركيون. فهذه السيارات والهواتف تُباع إلى الصين ليس من خلال الصادرات الأميركية، بل عبر الشركات الصينية التابعة للشركات المتعددة الجنسيات".

وبدلاً من عجز تجاري متزايد مع الصين، يُقدّر "دويتشه بنك" أن هناك فائضاً صغيراً لكنه متزايد مع هذا البلد. وتعكس الزيادة ارتفاع طلب الأسر الصينية على السلع والخدمات الأجنبية، مدفوعاً جزئياً بتأثير الثروة التي أنتجتها الطفرة العقارية في الصين.

ويُقدّر تشيوي أن فائض المبيعات مع الصين قد يتجاوز 100 مليار دولار بحلول عام 2020 إذا تجنّب أكبرُ اقتصادين في العالم فخ الحرب التجارية.

وكتب أيضاً أن الولايات المتحدة تحقق، كذلك، فائض مبيعات مع دول أخرى، بينها المكسيك وكندا، لكنها مُنيت بعجز مع اليابان وألمانيا العام الماضي.

لكن، بحسب "بلومبيرغ"، لا يجد كل المحللين أن طريقة تشيوي مفيدة لاحتساب هذا الفائض. إذ يقول المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية، براد سيتزر، إن "دويتشه بنك يقارن بين التفاح والبرتقال".

وتنقل الوكالة الأميركية عن سيتزر، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: "إن النظر إلى المبيعات الإجمالية- بجمع الصادرات مع المبيعات الداخلية للشركات التي استثمرت في الصين- يسبّب مشكلات أكثر بكثير مما يحلها". فبيانات المبيعات مفيدة بذاتها، لكن تلخيصها يؤدي إلى إرباك الأمور فقط. ولا يقدّم طريقة تفكير مفيدة بخاصةٍ عندما يتعلق الأمر بالشوؤن التجارية".


ويفسّر رأيه بالقول إن ما تظهره بيانات المبيعات هو أن مصالح الشركات الأميركية ليست دائماً ذات مصلحة العاملين في الولايات المتحدة، لأن الشركات الأميركية يمكنها الاستفادة من النمو في الخارج من دون التصدير من الولايات المتحدة وتوظيف العمالة الأميركية.

ويشرح سيتزر أكثر قائلاً: "إن إجمالي المبيعات يخبرنا بشيء حول الوضع العالمي للشركات التي يملكها أميركيون، ومن المؤكد أن الصين ستدرس الانتقام من الشركات الأميركية الناشطة في الصين إذا ما خرجت الحرب التجارية عن السيطرة".

في السياق، يقول تشيوي إن أي تدابير انتقامية بحق الشركات في الصين قد يكون له تأثيره أيضاً على مستوى الداخل، لأن نجاح تلك الشركات في الخارج يشكّل دفعاً للاقتصاد الأميركي، كما يفسر جزئياً سبب انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة عما هي عليه معدلاتها عند شركائها التجاريين الرئيسيين.

وقد استخدم "دويتشه بنك" في إعداد بحثه بيانات المكتب الأميركي للتحليل الاقتصادي، من أجل تقدير المبيعات الخارجية للشركات الأميركية خلال عام 2015.

أما بالنسبة إلى المبيعات الأحدث، فقد استقى المعلومات من شركات متعددة الجنسيات مدرجة على "مؤشر ستاندرد أند بورز 500" الذي يؤمّن تقارير مبيعات مقسّمة بحسب الدول، واستخدمها لتقدير المبيعات الإجمالية للشركات الأميركية خلال عامَي 2016 و2017.

المساهمون