ما تأثيرات فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية على الاقتصاد؟

01 يوليو 2024
ترامب يواصل حملته الانتخابية، فيرجينيا 29 يونيو 2024 (واشنطن بوست/Getty)
+ الخط -

ماذا يعني إذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية لأسواق المال؟ يقول محللون إن أسواق المال سترتفع. وخلال رئاسة  ترامب السابقة، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياس الرئيسي لأداء الأسهم الأميركية بنسبة 69.59%، مدفوعاً بسياسات مثل التخفيضات الضريبية على الشركات وإلغاء القيود التنظيمية. ولكن واجهت رئاسته تحديات كبيرة، أبرزها جائحة كوفيد-19، التي أدت إلى تقلبات شديدة في السوق واضطرابات اقتصادية.

وفي عهد جو بايدن، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 41.87% (البيانات حتى 20 يونيو 2024)، بدعم من التحفيز المالي الكبير والإنفاق على البنية التحتية. واتسمت فترة ولاية بايدن بالتحدي المتمثل في ارتفاع التضخم وسياسة الاحتياط الفيدرالي التقييدية التي رفعت معدل الفائدة على الدولار، بهدف  السيطرة على التضخم.

فوز ترامب وسوق السندات

يحظى سوق سندات الخزانة الأميركية باهتمام كبير بسبب سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي التقييدية. ورئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، جيروم باول، الذي عيّنه ترامب واحتفظ به بايدن، يقود الاقتصاد عبر "مشهد مليء بالتحديات، حيث يتسم بمخاوف التضخم وارتفاع أسعار الفائدة".

يذكر أن الولايات المتحدة فريدة من نوعها في وجود سقف للديون، والذي يسمح للحكومة فقط بالوفاء بالتزاماتها القائمة بدلاً من التصريح بإنفاق جديد. ويشمل العبء المالي مدفوعات فائدة كبيرة على العجز بالميزانية. خلال ولاية ترامب، ارتفع إجمالي الدين الفيدرالي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19.5%، بينما انخفض في عهد بايدن بنسبة 1.5%.وهنالك مخاوف من اشتعال حرب تجارية شرسة بين بكين وواشنطن في حال فاز ترامب بالرئاسة.

وتوفر معدلات البطالة عدسة أخرى لتقييم الأداء الاقتصادي، ففي عهد ترامب، ارتفع معدل البطالة من 4.7% إلى 6.4%، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى جائحة كوفيد 19. كما شهدت ولاية بايدن انتعاشاً كبيراً في الوظائف، حيث بلغت البطالة مستوى قياسياً منخفضاً بلغ 4%. ويهيمن التضخم والجهود التي يبذلها بنك الاحتياط الفيدرالي للسيطرة على التضخم على المسار الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة. كما يلاحظ اقتصاديون، أنه في عهد ترامب، كانت القطاعات الأفضل أداءً هي القطاع المالي، والتكنولوجيا، والقطاع الاستهلاكي التقديري. وشهدت فترة ولاية بايدن قيادة قطاعات الطاقة المتجددة والمالية والتكنولوجيا. وتسلط هذه الاختلافات الضوء على تأثير السياسات المالية المختلفة والعوامل الاقتصادية الأوسع على ديناميكيات السوق.

ولكن وفق تحليل اقتصادي بنشرة "موني ويك" الأميركية، فإن نتيجة الانتخابات وحدها لا تحدد انهيارات السوق أو طفراتها؛ بل إن توجيه السياسات يلعب دورا حاسما. وتحدث تطورات سياسية كبيرة عندما يسيطر حزب واحد على البيت الأبيض والكونغرس. وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن هذا السيناريو ربما لن يحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبالتالي، فإن مراقبة برامج الحزب مع تكثيف الحملات ستكون أمرًا حيويًا للتنبؤات الاقتصادية وتأثيرات السوق اللاحقة.

على صعيد أداء سوق الأوراق المالية خلال سنة الانتخابات، تاريخياً، تعمل سنوات الانتخابات على تعزيز التفاؤل في سوق الأسهم. عادة، يبدأ مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بشكل أبطأ في الربع الأول، ثم يصعد حتى الصيف، ثم يتوقف قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، وينتهي بمتوسط زيادة قدرها 6.8%. وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، تظهر الأسواق عموماً أداء إيجابياً خلال سنوات الانتخابات.

ومن المقرر أن ينتهي قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017، وهو سمة مميزة لإدارة ترامب، عام 2025. وإذا أعيد انتخابه، فقد يمدد ترامب هذه التخفيضات، مما قد يؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية الفيدرالية. وعلى العكس من ذلك، فإن السماح بانتهاء القانون من شأنه أن يرفع معدل الضريبة على الشركات من 21% إلى 35%. ويحدث هذا التحول وسط بيئة مرتفعة الفائدة بسبب سياسات بنك الاحتياط الفيدرالي التقييدية، مما يؤدي إلى زيادة عوائد مزادات الخزانة.

وأشار كلا المرشحين إلى زيادات محتملة في الرسوم الجمركية، مما قد يؤدي إلى زيادة الإيرادات. لكن الاختلاف في سياسة الطاقة واضح: فترامب يفضل زيادة عمليات الحفر المحلية، فيما يميل بايدن نحو مبادرات الطاقة النظيفة. ومن المتوقع أن يظل الإنفاق الدفاعي قوياً في ظل أي من الإدارتين. تقليدياً، قد يؤدي موقف الجمهوريين المتساهل في مكافحة الاحتكار إلى إثارة المزيد من أنشطة الاندماج والاستحواذ.

الفائدة والضرائب

من جانبها، ترى نشرة ناسداك، أن خلال فترة ولاية ترامب السابقة، نفذت إدارته تخفيضات ضريبية كبيرة من خلال قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017. وقد فضل هذا التشريع في الأساس الأثرياء والشركات، حيث إنه خفض أعلى معدل للضريبة الفردية وخفض معدل الضريبة على الشركات. 

وقال الاقتصادي الأميركي، أرون شيرشيكوف للنشرة: "إن فوز ترامب قد يؤدي إلى مزيد من التخفيضات الضريبية، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي قصير الأجل وزيادة الإنفاق الاستهلاكي". ويضيف: "مع ذلك، فإن التأثير طويل المدى على أسعار الفائدة قد يعتمد على كيفية تأثير هذه السياسات على العجز الفيدرالي والتضخم". وتابع: "قد يحتاج الاحتياط الفيدرالي إلى تعديل أسعار الفائدة لمواجهة أي ضغوط تضخمية ناتجة عن زيادة الاقتراض الحكومي".

وفي الأمد القريب، قد يؤدي هذا التحفيز إلى تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، ولكن العواقب الطويلة الأجل المترتبة على انخفاض الضرائب على أسعار الفائدة بالغة الصعوبة. في ذات الشأن، قال اقتصادي أميركي آخر لنشرة "ناسداك": "لقد عكست ولاية ترامب السابقة تخفيضات ضريبية كبيرة وإلغاء القيود التنظيمية، خاصة بالنسبة للشركات. إذا اتبع سياسات مماثلة، فقد يؤدي ذلك إلى خلق نمو اقتصادي والمزيد من الاستثمارات التجارية. وهذا يمكن أن يخلق ضغوطاً تضخمية، وقد يزيد الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لموازنة التضخم".

السياسات التجارية قد تخلق أسعار فائدة متقلبة

على صعيد التجارة قال اقتصاديون لـ"ناسداك"، إن رئاسة ترامب عكست أيضًا سياسات تجارية عدوانية". وأضافت: "إذا طبق نفس السياسة في حال فوزه، فقد تزيد تكلفة الواردات، وقد تحدث حروب تجارية محتملة، وقد يحدث ارتفاع في التضخم. وبالتالي قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى إلى رفع أسعار الفائدة لإدارة التضخم. وكان للسياسات التجارية في رئاسة ترامب السابقة تأثيرات مضاعفة في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي. وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فقد تستمر هذه التموجات في التأثير على أسعار الفائدة.

من جانبه، قال شيرشيكوف: "إدارة ترامب معروفة بسياساتها التجارية العدوانية، التي قد تؤدي إلى تقلبات السوق.. وبالتالي قد يؤدي عدم اليقين في العلاقات التجارية الدولية إلى تقلبات في أسعار الفائدة حيث يتفاعل بنك الاحتياط الفيدرالي مع عدم الاستقرار الاقتصادي. قد تواجه الشركات والمستهلكون بيئة أسعار فائدة غير متوقعة، مما يؤثر على التخطيط المالي على المدى الطويل".

المساهمون