وفي مؤتمر صحافي عقده أمس السبت، لطمأنة الأميركيين المتخوفين من انتشار الفيروس في بلاده، بعد وفاة أول مواطنة في ولاية واشنطن، وتأثيره على الاقتصاد الأميركي، أكد ترامب أن "اقتصاد البلاد قوي والشركات والمستهلكين الأميركيين في حالة جيدة".
ورغم خسارة الأسهم الأميركية نحو 3.6 تريليونات دولار من إجمالي 6 تريليونات دولار خسرتها الأسهم حول العالم، خلال الأسبوع الأخير، وتعرض مؤشر إس آند بي 500 لأسرع موجة تصحيح للأسعار، بخسارته نحو 12% من قيمته في ستة أيام فقط بعد تحقيق آخر مستوياته القياسية يوم 9 فبراير/ شباط، أكد ترامب أن إدارته تقوم بعمل اللازم فيما يخص السلامة والصحة، "وبعدها ستتولى الأسواق تصحيح نفسها".
ومثل كورونا ظاهرة غير مسبوقة في عالم أسواق المال الحديثة، بعد أن تسبب أمر لا علاقة له بالمال أو الاقتصاد أو حتى السياسة في توجيه ضربة قوية للأسواق حول العالم، لم يتمكن معها حتى أعتى خبراء البورصات من توقع إذا ما كان ما يحدث سيتوقف عند كونه موجة تصحيحية للأسهم، تعاود الانطلاق بعدها، أم يمتد ليؤدي إلى انهيارات اقتصادية كبيرة، فتتوقف الأعمال ويحدث الركود والكساد، بينما تصل أعداد الوفيات إلى مئات الآلاف حول العالم.
ورغم إغلاق الأسواق الأميركية السبت والأحد في عطلة نهاية الأسبوع، لم تتوقف الأخبار السلبية، على شاشات التلفاز، ومواقع الإنترنت، لتؤكد أن بداية التعاملات غدا الاثنين لن تكون أفضل كثيراً من الأسبوع الماضي، حيث تحاول الأسعار الوصول إلى ما يعكس تباطؤ معدلات النمو المتوقع، كما ارتفاع حالات الوفيات حول العالم.
ومن حسابه في تويتر، غرّد الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان، معرباً عن تخوفه من استمرار انهيار الأسهم الأميركية مع بداية الأسبوع الجاري، بفعل الأخبار السيئة المتوالية، مؤكداً أن هناك استثنائين من الأخبار السيئة، هما "التقديرات المبدئية المنخفضة للخسائر المتوقعة للاقتصاد والشركات، وكلمات المسؤولين الداعمة".
وبالفعل جاءت كلمات المسؤولين الأميركيين داعمة بصورة كبيرة، وبخلاف كلمات ترامب يوم السبت، والتي سبقتها محاولة تطمينية أخرى فاشلة بعد إغلاق الأسواق يوم الأربعاء، حاول جيرمي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، يوم الجمعة، تهدئة المستثمرين، إذ أكد استعداد البنك الفيدرالي للتدخل، بتخفيض معدلات الفائدة على أمواله، من أجل إنقاذ الأسواق إن لزم الأمر.
ومثلت كلمات باول تحولاً واضحاً عن رفضه السابق الانصياع لضغوط الرئيس الأميركي الرامية إلى تخفيض معدلات الفائدة من أجل توفير الدعم اللازم للنمو الاقتصادي، والتي تمسك بها على مدار الأشهر الأربعة الماضية.
وعلى وقع كلمات باول، وفي تعاملات آخر أيام الأسبوع، انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات إلى 1.116%، وهو أقل مستوى يصل إليه في تاريخه، كما انخفض العائد على نظيرتها لسنتين إلى 0.874%، كأقل مستوى له منذ ما يقرب من أربعين شهراً، وهو ما عكس تزايد التوقعات بإعلان البنك الفيدرالي تخفيض معدلات الفائدة على أمواله في اجتماعه القادم في الثامن عشر من مارس / آذار الحالي، بينما يتكالب المستثمرون على تحويل أموالهم إلى الملاذ الآمن، ممثلاً في سندات الخزانة الأميركية، لحين استقرار الأمور في سوق الأسهم.
وعلى نحو متصل، أشارت الأنباء الواردة من البيت الأبيض إلى محادثات بين مستشاري الرئيس الاقتصاديين ومسؤولين من الإدارة الأميركية، لبحث أفضل السبل للتعامل مع انهيار الأسواق، حال استمراره في الفترة القادمة.
وبخلاف ممارسة المزيد من الضغط على البنك الفيدرالي للإسراع بتخفيض معدلات الفائدة، بدا أن هناك تفكيراً في إقرار حزمة من الإعفاءات الضريبية الجديدة الموجهة، إلا أن لاري كادلو، المستشار الاقتصادي لترامب، أوضح أن تلك المناقشات "ما زالت في مرحلة مبكرة جداً".
ومن "تويتر" كذلك، سخر جاريد برنشتاين من اقتراح تقديم إعفاءات ضريبية جديدة، فغرد قائلاً "سياسة ترامب في الأوقات الجيدة تخفيض الضرائب، وفي الأوقات السيئة تخفيض الضرائب، وفي الأوقات العادية تخفيض الضرائب"!.
ولا يبدو أن البنك الفيدرالي يحتفظ في جعبته بالكثير مما يمكنه من لعب الدور الأهم في إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الأزمة الحالية، التي اعتبرها بول كروغمان، الاقتصادي الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، "صدمة في العرض والطلب معاً، حيث تعطلت سلاسل الإمداد، بينما تراجع طلب المستهلكين أيضاً بعد أن أوقف الكثيرون سفرهم، وألغت الشركات خططها الاستثمارية".
وقال كروغمان على حسابه على تويتر إن الصدمة أتت ونحن غير مستعدين لها تماماً، "فالبنك الفيدرالي يحتاج تخفيض معدلات الفائدة عند حدوث الركود بنحو 500 نقطة أساس، بينما لا يوجد لدينا ما نخفضه سوى 150 نقطة، بينما البنك المركزي الأوروبي (يقصد معدلات الفائدة على اليورو) تحت الصفر".
وأضاف كروغمان أن "السياسة المالية الذكية قد تكون هي الحل، لكنه شيء صعب جداً أن تضع كلمات (سياسة مالية ذكية) و(لاري كادلو) في نفس الجملة".