شراء العقارات في تركيا... ملاذ الإيرانيين للهروب من العقوبات الأميركية

02 أكتوبر 2019
الإيرانيون يسعون للاستفادة من التسهيلات للمستثمرين (أحمد الداوودي/العربي الجديد)
+ الخط -
وجد الإيرانيون في تركيا وسيلة للالتفاف على القوانين السارية في بلادهم لشراء العقارات والحصول على جوازات سفر تركية، على أمل حماية قيمة مدخراتهم رغم تشديد العقوبات الأميركية على إيران.

ومع اكتشاف وسائل للتحايل على قيود تحويل الأموال في إيران، دفع الإقبال على شراء المساكن الإيرانيين ليحتلوا المرتبة الثانية في قائمة مشتري العقارات الأجانب في تركيا بعد العراقيين.

وقال صاحب متجر سابق للأدوات الكهربائية، يساعد الآن بني وطنه على شراء وحدات سكنية في إسطنبول، إن مئات الإيرانيين من أصحاب المهن اضطروا لإجراء "تحويلات نقدية بالاحتيال" لتسيير أمورهم.

وفي مقابلة جرت في مجمع يضم أبراجا سكنية ومتاجر ويدور الحديث فيه باللغة الفارسية جنبا إلى جنب مع اللغة التركية، قال صاحب المتجر السابق، إنه ليس فخورا بما يفعله لأن عمله ينطوي على مساعدة الإيرانيين في تحويل الأموال من بلادهم مقابل عمولة.

وبعض التعاملات التي يبرمها لحساب مواطنيه مخالفة للقانون، وهو يعلم أنه إذا عاد إلى بلاده فستقبض السلطات عليه بتهمة غسل الأموال.

وقال مشترطا عدم نشر اسمه: "لا توجد وسيلة لإنجاز ذلك بطريقة قانونية ولذا نساعدهم في تحويل الأموال. من أنا لكي أفعل ذلك؟ يجب أن يقوم بنك في الواقع بهذه المهمة".

وكانت سياسة "الضغوط القصوى"، التي تفرضها واشنطن لتكبيل اقتصاد إيران وإرغامها على تقديم تنازلات في برنامجها النووي، قد دفعت طهران لفرض قيود على حيازة المواطنين للنقد الأجنبي خارج البنوك.

غير أن محللين يقولون إن هذا الإجراء وتدابير أخرى تهدف إلى دعم الريال الإيراني قوبلت بتجاهل على نطاق واسع، الأمر الذي دفع الحكومة للجوء إلى المقايضة لحماية الاقتصاد.

ويقول خمسة إيرانيين حاورتهم "رويترز" عن شراء العقارات في تركيا، إن ما أغراهم هو تشابه الثقافة في البلدين حيث الأغلبية من المسلمين وسهولة تسجيل الأعمال كأجانب في بلد لا يعترف بالعقوبات الأميركية على إيران.

وبعد أن انزلق الاقتصاد التركي إلى الركود بسبب أزمة العملة في العام الماضي، سهلت الحكومة التركية حصول رعايا دول أخرى على الجنسية وخفضت الحد الأدنى المطلوب للاستثمار في العقارات من مليون دولار إلى 250 ألف دولار.

والهدف من إصدار جواز السفر مدى الحياة، للأجانب الذين يلتزمون بالامتناع عن بيع عقاراتهم لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، هو الحفاظ على تدفق الأموال إلى الاقتصاد الذي كان ازدهار حركة البناء فيه بأموال أجنبية محركا أساسيا منذ سنوات.

غير أن أبناء الطبقة المتوسطة الإيرانيين رأوا في الملكية العقارية فرصة للتخلص من الصعوبات التي يواجهونها في بلادهم، وملاذا آمنا من العقوبات الأميركية التي شددتها واشنطن منذ أسبوعين باستهداف البنك المركزي الإيراني.

وقال المحامي الإيراني علي أصغر زادة الذي ينوي نقل أسرته من تبريز إلى إسطنبول بسبب الأوضاع الاقتصادية: "لدي أصدقاء ومعارف كثيرون اشتروا مساكن في إسطنبول وإزمير. الناس تفكر في شراء مساكن كخطة بديلة".

وأضاف أصغر زادة أنه فوجئ بارتفاع ثمن ألبان (حليب) الأطفال في إيران لثلاثة أمثاله في غضون شهور، بعد إعادة فرض العقوبات. وعندها قرر أن تركيا هي الخيار السليم لعائلته.

جوازات سفر للإيرانيين

تبين أرقام رسمية أن عدد العقارات التي اشتراها إيرانيون في تركيا ارتفع إلى مثليه تقريبا، في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.

وانخفض مؤشر أسعار العقارات السكنية، بعد أخذ التضخم في الاعتبار بنسبة 11.2 في المائة خلال يوليو/ تموز على أساس سنوي.

وربما يكون انخفاض الأسعار قد عجل بتراجع إقبال الإيرانيين على شراء وحدات سكنية في أسواق العقارات الغربية، في وقت قللت شركات إيرانية استثماراتها في الخليج.

وقال فاتح جاياباتماز المدير بشركة "في.آي.بي تيركش باس" الاستشارية، التي تساعد الأجانب في التقدم بطلبات الحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار، إن الإيرانيين اعتادوا الشراء في الولايات المتحدة أو كندا أو أوروبا، غير أن السياسات الأميركية التي تعتبر مناهضة للهجرة وازدياد الخوف من الأجانب في أوروبا أقنعت الإيرانيين بالتفكير في سوق أقرب إلى بلادهم.

وقال جاياباتماز: "نحن نرى أن هناك زيادة في الإقبال (من جانب الإيرانيين) على الجنسية التركية"، مضيفا أنه من المفيد أن تركيا تمنح الأجانب بسهولة أرقام هوية ضريبية يمكنهم من خلالها شراء العقارات وتأسيس الشركات.
وقال: "الأمر بهذه البساطة. الإجراءات البيروقراطية في تركيا تكاد تصل إلى الصفر عندما يتعلق الأمر بالأجانب".

وقد حصل أكثر من 981 أجنبيا على الجنسية التركية منذ سبتمبر/ أيلول من العام الماضي عندما خفضت أنقرة الحد الأدنى للاستثمار العقاري بغرض الحصول على الجنسية، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة الأناضول المملوكة للدولة. وكان أكثر من 250 منهم من الإيرانيين.

ورغم العقوبات الأميركية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي إن بلاده تحتاج للنفط والغاز الطبيعي الإيراني وستواصل شراءهما.

وقال صاحب المتجر السابق الذي طلب عدم نشر اسمه، إن مئات الشركات أصبحت موجودة "على الورق" في تركيا لا لشيء سوى تمكين الإيرانيين من تحويل المال. وأضاف أنه سجل بعض الشركات، ومنها شركة للمجوهرات وشركة للمستلزمات الدوائية.

(رويترز)
المساهمون