العرب وحرب تكسير العظام بين واشنطن والصين

29 مايو 2019
سياسات ترامب تنعكس سلباً على التجارة الدولية (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أنه لا علاقة للعرب بحرب تكسير العظام الجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأنهم لا يتابعون التفاصيل الدقيقة والسريعة للحرب التجارية الشرسة التي تدور حاليا وبدأت قبل شهور بين أكبر اقتصادين في العالم.

وبينما يتابع ملايين العرب مسلسلات وبرامج شهر رمضان و"مقالب الفنان رامز جلال" مع المشاهير، وأحيانا حالة التوتر في الخليج والسودان والجزائر وليبيا واليمن وسورية، نجد أن هناك خريطة اقتصادية جديدة يتم رسمها للعالم حالياً.

خريطة تسعى الولايات المتحدة من خلالها لأن تكون اللاعب الأوحد تحت شعار "أميركا أولاً"، مع إزاحة المنافسين الآخرين، وفي مقدمتهم الصين، وربما لاحقا إزاحة الشركاء الاستراتيجيين لواشنطن مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا والمكسيك.
مرحلة تسعى إدارة ترامب خلالها لأن ترضي الناخب الأميركي أولاً حتى ولو مات سكان العالم جوعاً وعطشاً وكمداً، وأن يربح ترامب الصفقات ويكسب المليارات على طول الخط، إما عن طريق الابتزاز، كما يحدث مع السعودية ونفطها واحتياطاتها النقدية وصفقات السلاح واستثماراتها الخارجية، أو عن طريق شن حرب تجارية شرسة وفرض رسوم على واردات صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات، أو من خلال إعاقة ترامب وفريقه أنشطة المنظمات التي تدعم استقرار الاقتصاد العالمي، ومنها أوبك ومنظمة التجارة.

مرحلة يرفع فيها ترامب سلاح الرسوم في وجه الجميع، فمن لا يستورد أسلحة وطائرات وسلعا أميركية سيفرض رسوما ضخمة على صادراته الخارجية، ومن لا يسير في ركابه وحسب مصالحه وأهدافه وأجندته سيفرض عليه عقوبات اقتصادية ومالية ويهدد عملته الوطنية. مرحلة يمارس فيها ترامب البلطجة بأبشع صورها، يفرض حظرا على صادرات الدول في حال وجود خلاف سياسي معها أو لأنها تشكل تهديداً لدولة الاحتلال.

تحدُث هذه التطورات العالمية المتسارعة، وفي مقدمتها الحرب التجارية الشرسة بين واشنطن وبكين، في الوقت الذي لا نسمع تعليقا واحداً من مسؤول في المنطقة عن خطط واستراتيجيات لتفادي تداعيات الحرب الخطيرة على الاقتصاديات العربية وقبلها المواطن.

أو أن يخرج هذا المسؤول ليطمئننا خاصة وأن استمرار الحرب التجارية وتصاعدها، كما يجري حالياً، سيؤدي حتماً إلى حدوث بطء في حركة الاقتصاد العالمي وربما ركود وزعزعة الاستقرار، وهذا سيترتب عليه حدوث تراجع في معدلات النمو وضعف الإقبال على النفط، المصدر الرئيسي لموازنات وإيرادات العديد من الدول، ومنها دول الخليج والعراق وليبيا والجزائر.
وهذه التطورات ستؤدي إلى تفاقم أزمات البطالة وعجز الموازنات العامة والتعثر المالي داخل دول المنطقة، ولجوء الحكومات العربية إلى مزيد من الاقتراض الخارجي، وبالتالي إغراق المواطن والاقتصاد في بحر الديون والعجز المالي.

كما أن استمرار الحرب التجارية ستكون له انعكاسات سلبية على التجارة الدولية، وهذا سينعكس بالطبع على مرافق حيوية مثل قناة السويس، كما سيؤدي تصاعد وتيرة الحرب إلى هروب الأموال والاستثمارات من المنطقة العربية والأسواق الناشئة بحثاً عن الأسواق والأدوات المالية شبه المضمونة وفي مقدمتها سندات وأذون الخزانة الأميركية.
المساهمون