الليرة التركية تتهاوى والاقتصاد يتأزّم

10 يوليو 2024
السياحة والصادرات أمل تركيا لدعم الاقتصاد - إسطنبول 10 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- انخفض سعر صرف الليرة التركية إلى 33 ليرة مقابل الدولار، مما يعكس أزمة اقتصادية متفاقمة بارتفاع التضخم وتراجع السياحة. أستاذ المالية فراس شعبو أشار إلى أن الأموال غير المنتجة واعتمادها على الفائدة المرتفعة يزيد من احتمالية انسحابها.
- اقتصاديون يرون أن تراجع الليرة يعود للصراعات الداخلية وخطط وزير المالية غير الفعالة، مما أدى لرفع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج، وتراجع قدرة الصادرات على المنافسة.
- رئيس اتحاد نقابات العمال الأتراك أكد أن 80% من الشعب يتحمل العبء الأكبر للأزمة، والاقتصادي مسلم أويصال أشار إلى تأثير تراجع معروض الدولار بالسوق نتيجة إحجام رأس المال العربي.

انخفض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار اليوم الأربعاء إلى نحو 33 ليرة، متراجعاً عن سعر أمس الذي أقفل على 32.8 ليرة، وسط مخاوف باستمرار تهاوي سعر الصرف، بواقع يصفه محللون بأنه متأزم على صعيد التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع الإقبال السياحي، ما يُعتبر العامل الأهم لزيادة المعروض من النقدي الأجنبي وتحقيق توازن بالسوق.

ويرى فراس شعبو، أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، أن السعر الحقيقي لليرة أقل مما هو عليه لو تم تقييمه وفق سلة العملات الرئيسية، ملمحاً إلى طرائق تدخل، وإن غير مباشرة، لدعم سعر الصرف. وأشار شعبو، خلال تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إلى أن "معدلات التضخم، ورغم تراجعها قليلا الشهر الماضي، فهي لم تزل أكثر من 79% وهذا مؤشر خطر على الأسعار ومعيشة الأتراك، وكذا على عدم جدوى السياسات الاقتصادية والخطة الحكومية، أو تأخر انعكاسها على الأرض، على أقل تقدير، لأن الطمأنة والوعود كانت أن يرى المستهلك انفراجاً، وأن تشهد الليرة تحسناً منذ منتصف العام الجاري، لكننا نرى مزيداً من تراجع سعر العملة وارتفاع معدل الأسعار".

وحول أهم أسباب تراجع سعر الليرة التركية، يضيف شعبو أن الأموال التي دخلت تركيا وعوّل عليها المسؤولون "عقيمة وغير منتجة"، وأنها دخلت السوق تحت إغراء سعر الفائدة المرتفع "50%"، غير مستبعد انسحاب تلك الأموال "المضاربة" عند تغير المؤشرات الاقتصادية، لأنها لم تدخل باستثمارات صناعية أو زراعية، بل في قطاعات مالية وخدمية، ما سيزيد من أزمة الليرة بحال انسحابها. وفي حين توقع أستاذ المالية شعبو أن تعود تركيا لرفع سعر الفائدة، أو تثبيتها عند 50% على الأقل، أشار إلى دور رفع الحد الأدنى للموظفين الحكوميين الشهر الماضي، ما زاد من الكتلة النقدية بالسوق، فزادت ربما من تراجع سعر الصرف.

ويرى اقتصاديون أنه من الطبيعي أن يتراجع سعر صرف العملة التركية من جراء ما يصفونه بـ"الصراعات الداخلية" وعدم انعكاس "خطط وزير المالية محمد شيمشك على الأرض، بل برأيهم، على العكس، تم رفع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي، ما رفع أسعار المنتجات الاستهلاكية على المواطن التركي، وأثر على قدرة الصادرات على المنافسة بالأسواق الخارجية، واصفين ما يجري بأنه "أزمة اقتصادية متدحرجة" منطلقها التضخم ومنتهاها تراجع نسبة النمو، لتكون معيشة المواطن في ما بين حدي الأزمة، التي ستتولد عنها أزمات اقتصادية واجتماعية من جراء تراجع مستوى المعيشة وارتفاع نسبة البطالة.

وكان المصرف المركزي التركي قد ثبّت للشهر الثالث على التوالي سعر الفائدة عند 50%، وذلك في إطار خطة حكومية للتشديد النقدي من أجل مكافحة معدلات التضخم المرتفعة، لتنعكس ملامح الخطة الاقتصادية، وإن بشكل ضئيل، على معدل التضخم، الذي تراجع في يونيو/حزيران إلى 71.6%، بعد تسجيله 75.45% في شهر مايو/أيار الماضي. وكانت مصادر تركية قد نقلت اليوم عن رئيس اتحاد نقابات العمال الأتراك، إرغون أتالاي، قوله: إن البلاد تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخها، مشيراً إلى أنها تختلف عن أزمات 1994، و2001، و2008. وأضاف أتالاي أن التعامل مع العمال وكأنهم عبيد لن يؤدي إلى إصلاح الاقتصاد، محذراً من أن العمال لن يقبلوا بأن تكون تكاليف الإصلاح الاقتصادي على حسابهم، وداعياً الحكومة إلى الكفّ عن هذه الممارسات.

وأشار أتالاي إلى أن 20% فقط من الشعب التركي يعيش برفاهية، في حين أن الـ80% الباقي يتحمل العبء الأكبر للأزمة الاقتصادية. وأضاف أن الحد الأدنى للأجور الحالي لا يكفي لتغطية احتياجات العامل لمدة أسبوع واحد فقط، مما يعكس عمق المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا. كما أكد أتالاي ضرورة اتخاذ تدابير حقيقية لحل الأزمة الاقتصادية، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى المزيد من المعاناة للعمال والفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.

من جهته، يقول الاقتصادي التركي، مسلم أويصال لـ"العربي الجديد" إن محاولات ضرب السياحة، من خلال تشويه سمعة تركيا والإساءة إلى الوافدين، ستؤثر على موسم العام الجاري، وستضر بالاقتصاد وتزيد تراجع سعر الصرف. ويضيف أويصال أن السياحة والصادرات بتركيا، هما جناحا الاقتصاد، "فإن ضُرب الموسم السياحي وتراجعت الصادرات التي بلغت العام الماضي 256 مليار دولار، فنحن أمام إعاقة للنمو وتراجع لسعر الصرف ومستوى المعيشة"، وفقاً لقوله.

ويلفت الاقتصادي التركي إلى دور "إحجام رأس المال العربي عن قطاع العقارات"، مشيراً إلى تسببه أيضاً في تراجع معروض الدولار بالسوق، واصفاً قطاع العقارات بـ"القاطرة الخلفية للاقتصاد التركي". وأكد أويصال أن قطاع العقارات بتركيا اليوم "في حالة جمود" بعد نشاط وإقبال وارتفاع أسعار على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

المساهمون