تونس تمنح العلامات الأجنبية حق النفاذ للسوق

10 فبراير 2016
خبراء يتخوفون من تأثر المشروعات المحلية (فرانس برس)
+ الخط -
من المنتظر أن تتخلص تونس نهائياً من حزمة موانع قانونية تحول دون دخول العديد من العلامات الأجنبية إلى السوق المحلية، باعتبار أن الدولة تحتفظ بحق منح الترخيص لأي علامة حفاظاً على الصناعة المحلية.
ويعود النموذج الاقتصادي الذي تعتمده تونس حالياً إلى فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث حافظت السلطة على حقها في حماية المؤسسات الاقتصادية سواء في قطاع الصناعة أو الخدمات، خوفا من المنافسة الأجنبية.
وأعلنت مصادر رسمية أن رئيس الحكومة وافق على منح أصحاب الشركات الكبرى، التي تعمل تحت العلامات التجارية 13 ترخيصا جديدا للاستثمار في المحافظات الداخلية مقابل توفير 13.5 ألف فرصة عمل إلى جانب إنشاء 35 مساحة تجاريّة صغرى ومتوسطة توفر بدورها حوالي 1500 فرصة عمل في كامل المحافظات.
ومن المفترض أن يصادق البرلمان نهاية الشهر الحالي على قانون الاستثمار الجديد الذي تعول عليه الحكومة لمزيد استقطاب رأس المالي الأجنبي.
وانتقدت العديد من الدوائر المالية العالمية تخوف السلطات التونسية من الانفتاح الكلي على الأسواق العالمية، معتبرة أن سياسة الوصاية الاقتصادية تحول دون دفع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة.
وتحتاج تونس في المرحلة الحالية وفق تقرير لصندوق النقد الدولي، إلى المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تساهم برفع نسب النمو بنقطتين سنويا زيادة على استيعاب نحو 600 ألف عاطل عن العمل ثلثهم تقريبا من خريجي الجامعات.
ويدفع القطاع الخاص نحو إقناع الحكومة بفتح الباب على مصراعيه نحو العلامات الأجنبية في مختلف الأنشطة لا سيما المتعلقة بالنسيج والملابس والأكلات السريعة والمطاعم.
ويمنع القانون المتعلق بتجارة التوزيع الذي يحدد الإطار التشريعي لعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية أو ما يسمى بـ "الفرانشيز"، استغلال العلامات الأجنبية في قطاعات الأكلات السريعة والمقاهي والإعلان وخدمات التنظيف والوكلاء العقاريين والمساحات التجارية الصغيرة والمتوسطة، حماية للاقتصاد المحلي.
ويعتبر العديد من رجال الأعمال أن استثناء بعض القطاعات مثل الأكلات من "الفرانشيز" مشكلة واهية، مؤكدين أن منح الترخيص للمستثمرين لاستغلال علامات عالمية له مزايا، من ذلك مساهمته في التشغيل باعتبار أن المستثمر الذي يستغل العلامة الأجنبية يقوم بفتح العديد من نقاط البيع ويساهم في خلق فرص عمل وسيساعد على تطوير القطاع الزراعي، ولا سيما أن القانون التونسي سيفرض على العلامات الأجنبية استعمال المنتجات المحلية.

وشهدت السوق التونسية في السنوات الثلاث الماضية دخول العديد من العلامات الكبرى المختصة في النسيج والملابس رغم الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولا سيما العلامات الفرنسية والإسبانية على غرار "كيابي" و"ستراديفاريوس".
وتجد هذه العلامات قبولا من قبل المستهلك التونسي الذي غالبا ما يفضل الاقبال على العلامات الأجنبية بدعوى أنها أجود من الصناعات المحلية.
وانتقد رجل الاقتصاد والوزير الأول السابق رشيد صفر، بدء الحكومة في التخلي التدريجي عن حماية الاقتصاد، معتبرا أن فتح الباب أمام العلامات الأجنبية بشكل وصفه بالعشوائي لن يساعد على خلق فرص عمل جديدة.
وقال صفر في تدوينة على حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي إن السماح لعلامة أجنبية بتسويق منتجاتها في تونس سيمكن من خلق 100 فرصة عمل على أقصى تقدير مقابل خسارة ألف فرصة عمل إذا ما أدت المنافسة إلى غلق مصانع نسيج وماركات محلية، مؤكدا أن الاقتصاد التونسي غير مستعد بالقدر الكافي إلى الانفتاح الكلي على الأسواق العالمية.
في المقابل أكد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب أن قرار الحكومة بالتخلي التدريجي عن حماية الاقتصاد المحلي مفروض ويندرج ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي تطالب بها دوائر القرار المالي.
ولفت الحطاب في تصريح لـ "العربي الجديد" أن جل الدول في العالم تخلت عن حماية اقتصاداتها، مشيرا إلى أن الرفع في نسب النمو وتحسين القدرات التنافسية للمؤسسات المحلية سيمكن من مساعدة الدوائر الحكومية على توفير المخصصات اللازمة لحماية الطبقات الضعيفة والهشة.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن النموذج الاقتصادي الجديد الذي تهربت منه الحكومة لسنوات قادم لا محالة، داعيا المؤسسات الصناعية والخدماتية إلى الاستفادة من التمويلات التي يوفرها صندوق رفع القدرة التنافسية والتأهيل.
وقال وزير الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي ياسين إبراهيم، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن القانون الجديد يتضمن تشجيعات وحوافز مهمة للمستثمرين.
وأضاف أن القانون يوفر للمستثمرين المرونة الكافية في تحويل الأرباح والنفاذ إلى السوق إضافة إلى توفير حوافز وتشجيعات جبائية للمؤسسات ذات القدرة التشغيلية والقيمة المضافة العالية.
وقال إبراهيم إن قانون الاستثمار سيكون ملائما لواقع المنافسة وأكثر تطورا وسيمكن الاقتصاد التونسي من التحرر بشكل أكبر وتزيد فرص العمل.
ويتطلب دفع الاقتصاد وفق المراقبين للشأن الاقتصادي بذل مجهودات مهمة في مجال الاستثمار والتمويل لزيادة النمو.

اقرأ أيضا: تونس: الاحتجاجات تعجّل برحيل شركات أجنبية
المساهمون