محاولات يمنية لإنقاذ الريال... وقلق من انفلات أكبر للأسعار

04 سبتمبر 2018
تهاوي الريال تسبب في زيادة أسعار السلع (فرانس برس)
+ الخط -

 

تحاول الحكومة اليمنية إنقاذ العملة الوطنية، عبر حزمة إجراءات اقتصادية تهدف إلى تنشيط موارد النقد الأجنبي، وأبرزها النفط والغاز، وسط شكوك حول إمكانية تطبيق هذه الإجراءات، في ظل انقسام البلد والمصرف المركزي، مع استمرار الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات ونصف بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية وجماعة الحوثيين.

وأمرت الحكومة بوقف مؤقت لاستيراد السلع الكمالية مثل السيارات، وزيادة قدرها 30% لرواتب القطاع العام، وتشمل هذه الزيادة المتقاعدين والمتعاقدين.

وجاءت هذه الإجراءات، بعد أن قطع مئات المتظاهرين المحتجين على تدهور الوضع الاقتصادي وضعف العملة، صباح الأحد، طرقا رئيسية وأضرموا النار في إطارات السيارات في مدينة عدن بجنوب البلاد، التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة لها، في حين أُغلقت المتاجر والمكاتب الحكومية.

وتهاوى الريال اليمني أمام الدولار والعملات الأجنبية، خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما وصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 620 ريالا في عدن، مقارنة بنحو 513 ريالاً منتصف أغسطس/آب الماضي، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان.

وجعلت قفزة الأسعار بعض السلع الأساسية في غير متناول كثير من اليمنيين، فيما يكافح البنك المركزي لدفع رواتب العاملين في الحكومة التي يعتمد عليها الكثيرون، في ظل تضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي. واليمن أحد أفقر الدول العربية، وقد أدت الحرب إلى انهيار الوضع الإنساني مع انتشار الجوع والمرض.

ودعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مسؤولي حكومته، إلى تنمية الإيرادات، من خلال اتخاذ إجراءات في مختلف المجالات تؤدي إلى توريد إيرادات الدولة إلى البنك المركزي مثل الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات، بالإضافة إلى العمل على تصدير النفط والغاز.

واعتبر خبراء أن هذه الإجراءات طويلة المدى، فيما يحتاج الريال إلى حلول عاجلة لإنقاذه، مشيرين إلى أن أي زيادة في المرتبات ستكون بلا فائدة وسيلتهمها التضخم.

وقال طارق عبد الرشيد، أستاذ المصارف بالمعهد الحكومي للعلوم الإدارية، إن هذه المعالجات ترقيعية، موضحا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن زيادة المرتبات تعني زيادة الإنفاق الاستهلاكي، وهذا الإجراء سيؤدي إلى زيادة في التضخم الاقتصادي (ارتفاع الأسعار)، كما سيؤدي في هذه الظروف إلى انفلات سوق الصرف".

وانعكس تهاوي الريال على قيمة راتب الموظف اليمني الذي تآكل وفقد ثلثي قيمته، وفيما تدفع الحكومة في عدن رواتب موظفي الدولة في مناطقها، فإن نحو مليون موظف في صنعاء وبقية مناطق الحوثيين، بدون رواتب منذ سبتمبر/أيلول 2016.

وقبل الحرب، كان متوسط راتب الموظف اليمني يبلغ 60 ألف ريال (280 دولارا) بسعر صرف 215 ريالا للدولار الواحد، لكن بعد ثلاث سنوات ونصف تآكل راتب الموظف وفقد قيمته مع تهاوي الريال إلى أكثر من 600 ريال مقابل الدولار، وبات الراتب يساوي 100 دولار فقط.

واعتبر الخبير الاقتصادي بلال أحمد، أن تقييد الاستيراد ليس حلاً لأزمة تهاوي الريال، وأنه يأتي كدعم من الحكومة للإجراءات الأمنية التي تنفذها قوات السعودية والإمارات في الموانئ اليمنية، وهو أكثر من كونه إجراء لإنقاذ الريال.

وبدعوى منع وصول الصواريخ الإيرانية إلى جماعة الحوثيين، يفرض التحالف، الذي تقوده كل من السعودية والإمارات، إجراءات أمنية تدفع الخطوط الملاحية إلى مغادرة الموانئ اليمنية، وتحاصر النشاط التجاري في البلد الذي يستورد 90% من احتياجاته، بحسب تقارير رسمية.

وقررت قوات التحالف، منذ نهاية العام الماضي 2017، حظر استيراد عدد من السلع، منها سيارات الدفع الرباعي الجديدة والمستعملة وقطع غيارها، وأنابيب الحديد الصلب وبطاريات الطاقة الشمسية، وبطاريات المركبات والأسمدة.

وأشعلت الأزمة الاقتصادية الأخيرة على خلفية تهاوي الريال، حربا اقتصادية بين الحكومة والحوثيين، فيما يتهيأ الطرفان للجلوس على طاولة المفاوضات المقرر أن تبدأ الخميس المقبل، في مدينة جنيف السويسرية، برعاية الأمم المتحدة.

وأقرت لجنة المدفوعات والنقد الأجنبي في سلطات صنعاء الموالية للحوثيين، حزمة قرارات اقتصادية خلال اجتماع لها يوم الأحد، متهمة الحكومة الشرعية بالتسبب في أزمة العملة المحلية، وحذّرت التجار والبنوك من التعامل مع البنك المركزي اليمني في عدن.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية في نسختها الخاضعة للحوثيين، هددت اللجنة المخالفين من التجار بفرض غرامات ومصادرة أموال وقرارات بوقف النشاط التجاري ضد أي من التجار المتعاملين مع البنك المركزي التابع للحكومة، وتعهدت بتوفير الدولار للتجار بغرض تغطية فاتورة الواردات.

وقال بيان اللجنة: "إننا وإلى جانب شركات ومنشآت الصرافة والبنوك ورجال الأعمال، سنعمل بما يعزز متطلبات استقرار أسعار الصرف، وسنقوم بتنفيذ كافة الخيارات والبدائل الممكنة من أجل توفير احتياجات الحركة التجارية بتسخير مصادر النقد الأجنبي لها، بمعدلات مناسبة تنعكس حتما على أسعار السلع".

المساهمون