الزراعة التونسية تمر بنفق مظلم

15 أكتوبر 2014
8% مساهمة الزراعة التونسية في الناتج الإجمالي المحلي(Getty)
+ الخط -
قال وزير الزراعة التونسي، الأسعد الأشعل، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" إن صادرات بلاده من المواد الغذائية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري تراجعت بنسبة 30.8%، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، متأثرة بتراجع عائدات زيت الزيتون 69% من حيث القيمة و60% من حيث الكميات، فضلا عن انخفاض إنتاج الخضر والغلال والتمور.

وتلفت الأرقام إلى الوضعيّة الصعبة للقطاع الزراعي التونسي، الذي عرف تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث تراجعت مساهمته في الناتج المحليّ الإجمالي من 17٪ في تسعينيات القرن الماضي إلى 8٪ في أواخر 2013، بالإضافة إلى العجز المتواصل في تغطية الواردات الغذائيّة والذي يناهز 30٪ من الاستهلاك، مما يزعج كثيرا من التونسيين بشأن قضية الأمن الغذائي.

وأضاف الوزير، أن ثمة منتجات غذائية أخرى سجلت ارتفاعا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، رغم موجة التراجع الكبيرة التي اجتاحت القطاع، ومنها المنتجات البحرية الطازجة والتي ارتفعت بنحو 16% والموالح 10%.
ومثّلت قيمة الصادرات الغذائية بنهاية أغسطس/آب 6.7% من إجمالي صادرات تونس، مقابل 9.6% خلال الفترة ذاتها من 2013.
ولفت الأشعل في حواره مع "العربي الجديد" إلى تحديات تواجه الزراعة في تونس، خاصة زراعة الحبوب، من بينها عدم استقرار العوامل المناخية وشح الأمطار، وارتباط المساحات المبذورة في الوسط والجنوب بالأمطار الخريفية، وارتفاع تواتر سنوات الجفاف، وتواضع المساحة المروية، وتدني خصوبة الأراضي الصالحة للزراعة.
وبلغت المساحات المزروعة بالحبوب في تونس خلال العام الجاري نحو 1.31 مليون هكتار في جهات الشمال والوسط والجنوب، من بينها نحو 84 ألف هكتار مروية تم بذرها قمحا صلبا ولينا وشعيرا، أما المساحات المحصودة فقد بلغت مساحتها نحو 1.25 مليون هكتار، قدر المنتج النهائي لها بحدود 23.2 مليون قنطار، مقابل 13 مليون قنطار خلال الموسم الماضي. حيث زاد إنتاج القمح الصلب إلى 12.3 مليون قنطار و2.8 مليون قنطار من القمح اللين و8 ملايين قنطار من الشعير.
وقال الأشعل لـ"العربي الجديد"، إن الزراعة التونسية تستهدف تطوير استعمال البذور الممتازة، وتوسيع المساحات المروية وتطوير الإنتاج، لا سيما في قطاع الحبوب المروية، مضيفا "نسعى دائما لدعم التمويل للقطاع الزراعي بصفة عامة وللحبوب بصفة خاصة".
ويضم قطاع الزراعة التونسي عددا من الزراعات، أهمها الموالح التي تغطي مساحات تصل إلى 25 ألف هكتار، وهو ما يعادل 0.4% من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة.
ويصل عدد أشجار الموالح إلى حدود 6.5 مليون شجرة تؤمن نحو 11 منتجا، وتوفر موارد رزق لأكثر من 25 ألف عائلة، وفق الأشعل.
وتمثل منتجات الموالح نحو 14% من إجمالي قيمة صادرات تونس الزراعية. وأنتج هذا القطاع نحو 355 ألف طن خلال العام الجاري، بزيادة 7% مقارنة بالموسم الماضي.
ويرى وزير الزراعة التونسي، أن من بين أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع الموالح في تونس هي شيخوخة نسبة مهمة من الأشجار في إطار عدم التحكم في تقنيات الإنتاج، خاصة على مستوى التقليم والتسميد والري.
وأضاف أن الحكومة تتجه لرفع الطاقة الإنتاجية لتصل إلى 400 ألف طن من الموالح خلال سنتين، ومواصلة توسيع مساحات الأشجار، وعلى مستوى تسويق المنتج فتخطط لزيادة مستوى صادراتها، بهدف الوصول إلى 30 ألف طن سنويا بحلول 2016.
وبخصوص قطاع التمور الذي تشتهر به تونس، قال الوزير في مقابلته مع "العربي الجديد" إنه يعد مورد رزق لقرابة 50 ألف عائلة تونسية، كما يساهم بنسبة 16% من قيمة الصادرات الزراعية، أي ما قيمته 300 مليون دينار سنويا (170 مليون دولار). ويساهم قطاع التمور بنحو 5% من القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي.
وتقدر المساحات المزروعة بالتمور بنحو 40 ألف هكتار، موزعة على محافظات توزر وقفصة وقابس، وفق الأشعل، الذي أكد أن بلاده تترقب موسم حصاد جيدا من التمور والمقدر بـ 223 ألف طن، مقابل قرابة 200 طن خلال الموسم الماضي.
وتتصدر تونس المرتبة الأولى عالميا من حيث عائدات التمور، والمرتبة الثالثة من حيث الكميات المنتجة.
وحول زراعة الخضروات، قال وزير الزراعة إنها تغطي سنويا ما بين 160 و175 ألف هكتار، ويبلغ الإنتاج الإجمالي للخضروات حوالى 4 ملايين طن.
وأوضح الوزير: أن زراعة البطاطا من بين أهم الزراعات الاستراتيجية وأحد أهم المواد الأساسية واسعة الاستهلاك والتي تدخل في التركيبة الغذائية للمجتمع التونسي على مدار السنة؛ إذ يقدر معدل إنتاجها الإجمالي بنحو 370 ألف طن.
وتبلغ صادرات البطاطا سنويا في حدود 18 ألف طن يتم توجيه أغلبها إلى السوق الأوروبية وليبيا. أما زراعة الطماطم فتحتل مساحة سنوية مقدرة بنحو 25 ألف هكتار، ويفوق إنتاجها الإجمالي مليون طن.
وقال الوزير: إن الحكومة تورّد الفارق بين حاجياتها وإنتاجها الذاتي، كما أن من أهم عوامل ذلك تطور الدخل الفردي بما يسمح لكافة المواطنين بتطوير قدرتهم الشرائية للحصول على الغذاء اللازم.
وأضاف أن بلاده انتهجت سياسة تعديل الأسعار، بعدما أخذت بعين الاعتبار ضرورة تمكين كافة الشرائح من الحصول على حاجياتها الغذائية، وذلك علاوة على دعم الدولة لأسعار المواد الأساسية عبر تدخل الصندوق العام للتعويض، بهدف جعل أسعار المواد الأساسية في متناول مختلف الطبقات الاجتماعية.
وقال إن الحكومة تولي القطاع الزراعي عناية كبيرة من حيث الحوافز والتشجيعات التي تم إسنادها لرجال أعمال في القطاع، وهو ما نتج عنه تجاوب الفلاحين مع الخيارات التي تتيحها الدولة لتطوير الزراعة وتوجههم للتحديث والتطوير وتحسين الإنتاجية.
وقال إن توفير الموارد المائية وإحكام توظيفها لصالح تنمية الزراعة يساهم في توفير 420 ألف هكتار من المناطق المروية التي توفر نحو 40% من المنتج الزراعي، مما يساعد البلاد في ضمان أمنها الغذائي.
المساهمون