"البزنس" يجبر تونس على فتح حدودها مع ليبيا

05 اغسطس 2014
إعادة فتح الحدود التونسيّة الليبيّة (ارشيف/getty)
+ الخط -

لم تنتظر تونس أكثر من يومين لتستدرك بسرعة خطأً استراتيجياً كانت ستقع فيه بإعلانها إمكانية غلق الحدود مع ليبيا، وسارعت وزارة الخارجية التونسية بإصدار بيان يؤكد أنها ترحب بالليبيين على أراضيها وأنّهم "بين أهلهم وذويهم" في تونس.

وقال محللون تونسيون إنّ الحدود الجنوبية الشرقية لتونس كانت مصدراً أساسياً لتهريب الأسلحة وتسلل مجموعات من المتشددين من ليبيا لأراضيها، وهو ما دفع الى إعلان إمكانية إغلاق الحدود أمام هذا " الخطر المتزايد"، خصوصاً إزاء ما يحدث حالياً في طرابلس.

غير أنّ العامل الاقتصادي كان حاضراً بقوة في القرار التونسي الأول المتعلق بغلق الحدود، وأيضاً في بيانها الثاني الذي استثنى الليبيين من قرار غلق الحدود حسب المحللين.

بين الأمن والاقتصاد

قالت الحكومة التونسية في البيان الأول الذي أصدرته، إنّ وضعها الاقتصادي الحالي لا يسمح لها باستضافة مئات الآلاف من اللاجئين مثلما حصل في 2011.

وأضافت أنّ تدفق أعداد كبيرة إليها سيزيد من نفقات الدعم على المواد الأساسية ب10 في المائة لأنّ المقيمين الليبيين وغيرهم على أراضيها سيستفيدون من هذا الدعم تماماً كمواطنيها.

ولكنّ تونس ولإدراكها التبعات الكبيرة والتأثيرات الكارثية لقرار غلق الحدود على اقتصادها بالذات، فقد سارعت إلى توضيح بيانها الأول واستثنت الليبيين منه .

وتقول دراسة حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها "إن حجم التأثير الايجابي للوضع في ليبيا على الاقتصاد التونسي يقدر بـ 0.4 بالمائة فقط من نسبة نمو الناتج الداخلي بحسب البنك الأفريقي للتنمية، الذي يفرض على تونس أن تمنح الجار الليبي أولوية في السياسات الحاضرة والمستقبلية.

ففي السياحة تجاوز حجم السائحين الليبيين المليون و700 ألف ليبي مع معدل صرف للسائح الليبي مقدر بــ 350 دولاراً .

وفي قطاع البناء والأشغال العامة حازت الشركات والمقاولات التونسية في ليبيا على حصة من هذه السوق بلغت مليارا دولار.

وعلى مستوى العمالة والتشغيل تزايد عدد الوافدين التونسيين إلى ليبيا، ويقدر عدد الجالية الآن بين 60 و80 ألف تونسي.

تبادل تجاري واستثماري

وأكدت مصادر من وزارة التجارة ووكالة الاستثمار التونسية لـ "العربي الجديد" أن صادرات تونس إلى ليبيا كانت في عام 2012 في حدود 1.292 مليون دينار تونسي ( الدينار التونسي يساوي 58 سنتاً أميركياً ) ارتفعت فى العام 2013 إلى 1407.6 مليون دينار و تسجل في النصف الاول من هذه السنة 587.6 مليون دينار.

وتتمثل صادرات تونس إلى ليبيا في القطاع الفلاحي والصناعات التحويلية الغذائية بنسبة 45.2  في المائة والصناعات المختلف35 في المائة و الصناعات الميكانيكية والكهربائية بـ  18 في المائة، أما الواردات فإن نسبة 96 في المائة منها تنحصر في المحروقات وزيوت المحروقات.

وبلغت الاستثمارات الليبية المباشرة في تونس سنة 2013 حوالي 19.2 مليون دينار، في حين بلغت الاستثمارات للشركات ذات المساهمة الليبية 515.5 مليون دينار دون احتساب قطاع الطاقة.

وتتوقف الدراسة عند المعطيات المستقبلية الاستراتيجية وتشير إلى أنّ حجم المشاريع والإنجازات المقدمة عليها ليبيا في إطار إعادة الإعمار والبناء ستبلغ 480 مليار دولار ونسبة النمو المرتفعة والمتوقع تحقيقها (17 في المائة لسنة 2013) وهو ما يدعو تونس إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية تجاه ليبيا، وفق المصادر.

منافسة تركية

وتشير الدراسة إلى احتدام التنافس على السوق الليبية، فالحضور التركي القوي مثلا يتحدى كل حضور آخر، إذ من المنتظر أن يصل حجم الصادرات التركية إلى ليبيا إلى 5 مليار دولار.

وتوصي الدراسة بضبط التوجهات وتحديد الأهداف الاستراتيجية وتوحيد الجهود وتعبئتها من أجل مقاربة فاعلة وواقعية للعلاقات التونسية مع ليبيا.

كل هذه المعطيات تجعل من ليبيا امتدادا حيويا لتونس على المستوى الاقتصادي دون اعتبار السوق الموازية التي يعيش منه مئات الآلاف في الجنوب التونسي بالخصوص ودون احتساب العلاقات الاجتماعية بين البلدين.

المساهمون