ويأتي تخفيف التبادل التجاري البيني بعد توقف نشاط تصدير وتوريد السلع بشكل كامل منذ منتصف مارس/ آذار الماضي بسبب الخوف من انتقال عدوى فيروس كورونا عبر الأشخاص والبضائع.
وقالت وزارة النقل التونسية في بلاغ لها أمس الجمعة إن تونس اتخذت حزمة إجراءات في إطار تأمين المبادلات التجارية بين تونس وليبيا ومراعاة للحجر الصحي وللتقليص من تنقل الأشخاص بين البلدين.
وسمحت القرارات الحكومية الجديدة للناقلين التونسيين بجر أنصاف المجرورات أو نقل الحاويات على مستوى المعابر الحدودية والقادمة من ليبيا لتأمين عمليات التفريغ أو الشحن داخل الأراضي التونسية ثم إرجاعها إلى المعبر الحدودي ليتولى الناقل الليبي استكمال العملية نحو أراضيه.
وشكت قطاعات اقتصادية عديدة من توقف تبادل السلع بين البلدين، لا سيما الصناعات الغذائية والقطاع الزراعي التي تمثل السوق الليبية متنفساً للعاملين فيه باستيعاب فوائض الإنتاج من الخضر والغلال ومنتجات الدواجن واللحوم والحليب.
وتزيد صعوبات المنتجين في القطاع الفلاحي بسبب تراجع الطلب الكبير في السوق المحلية بعد غلق المطاعم والنزل توقف النشاط السياحي، ما تطلّب البحث عن حلول تصديرية لتفادي تلف المنتجات وخسائر كبيرة للفلاحين والمخزنين.
وبالإضافة إلى الفتح التدريجي للمعابر البرية بدأت تونس منذ 26 إبريل/ نيسان الماضي في تشغيل خط بحري بين ميناء صفاقس والزاوية لنقل منتجات فلاحية نحو السوق الليبية.
واعتبر المصدرون أن كلفة تأجير الحاويات والنقل البحري تظل مرتفعة، ما يقلّص من هوامش الربح، مشددين على أن التصدير عبر المسالك البرية أقل كلفة.
كذلك أعلن وزير التجارة محمد المسليني الجمعة في لجنة برلمانية أن الوزارة سمحت بحرية التصدير لترويج فوائض الإنتاج ورفع جميع العوائق بالنسبة للمنتوجات الفلاحية.
وسابقاً كان تصدير المواد الزراعية يخضع إلى تراخيص مسبقة من وزارة التجارة أو مصالحها الجهوية، غير أن إلحاح المزارعين على تخفيف القيود والإجراءات الإدارية بسبب جائحة كورونا ألغى نظام الترخيص المسبق.
وقال عضو منظمة المزارعين محمد رجايبية لـ"العربي الجديد" إن تخفيف قيود التصدير والفتح الجزئي للمعابر لنقل السلع يقلّص من قلق الفلاحين بشأن مصير محاصيلهم التي تواجه خطر التلف، ولا سيما الغلال الموسمية منها.
وأضاف أن السوق المحلية غير قادرة على استيعاب كامل المحاصيل بعد توقف النشاط السياحي وغلق المطاعم، ما راكم كميات كبيرة من الخضر والغلال في مواقع الإنتاج، معتبراً أن منظومات التخزين غير قادرة على استيعاب كل المحاصيل ما يتسبب آلياً في تلف جزء منها.
وفي سياق متصل، أفاد رجايبية بأن الليبيين يتقاسمون مع التونسيين الغذاء، سواء مما يعبر نحو أسواقهم أو ما يقتنونه من الأسواق التونسية، مشدداً على ضرورة المحافظة على هذه السوق وتذليل صعوبات التبادل التجاري البيني.
واستوعب السوق الليبية عام 2019، بحسب رجايبية، نحو 270 ألف طن من المواد الزراعية المختلفة التي كانت تنقل إلى الجارة الجنوبية عن طريق النقل البري، معتبراً أن الشحن البحري ذو كلفة عالية، فضلاً عن بطء إجراءاته التي لا تتماشى ونوعية المنتجات المصدرة نظراً إلى سرعة تلفها.
وكانت منظمة الفلاحين قد وجهت منذ مدة نداءات لتيسير تصدير المنتج الفلاحي والذي يتجاوز كثيراً حاجة السوق الوطنية، بحسب التقديرات في ظل مخاوف من تلف المحاصيل وإفلاس الفلاحين الذين ما زالوا يعانون من الخسائر التي لحقت بهم في موسمي الزيتون والتمور والتي زادتها تعقيداً جائحة كورونا.
وأوقفت أزمة كورونا صادرات الغذاء التونسي إلى ليبيا، بعد تعطيل المعابر البرية بين البلدين، وإعطاء الأولوية لتغطية احتياجات السوق المحلية. ويأتي ذلك رغم أهمية السوق الليبية للمصدرين التونسيين، خاصة في مجالي الأغذية ومواد البناء.
وبفضل صادرات الغذاء، كانت ليبيا قبل عام 2011 الشريك الاقتصادي الثاني لتونس، إذ وصل رقم المعاملات إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، قبل أن يهبط إلى نحو 800 مليون دولار سنوياً، وفق آخر بيانات رسمية.
وعام 2011، إبان الثورة الليبية، استفادت تونس من تصدير الغذاء نحو ليبيا بطرق نظامية وأخرى موازية، إذ تضاعفت الصادرات حينها 4 مرات مقارنة بعام 2010.
وفي سبتمبر/ أيلول 2018 تم التوصل إلى اتفاق تونسي ليبي، لاعتماد آلية تقوم بمقتضاها ليبيا بتوريد النفط الخام إلى تونس مقابل تصدير السلع التونسية إلى طرابلس.