أراضي غزة الحدودية: زراعة الخطر والفقر

10 اغسطس 2015
المحاصيل الزراعية قلت نسبتها بغزة (العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

في حقل صغير بمنطقة السناطي الحدودية الواقعة إلى الشرق من عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تتفقد المزارعة الخمسينية وجدان أبو طير المحاصيل التي زرعتها قبل نحو شهر، وسط مخاوف من تجريفها مجدداً من قبل جرافات الاحتلال الإسرائيلي.

أبو طير واحدة من المزارعين والمزارعات الفلسطينيات الذين يقطنون أرضاً حدودية، تتعرض محاصيلها إلى الاستهداف المتواصل من قوات الاحتلال الإسرائيلي الرابضة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي تمنع المزارعين من الوصول لأراضيهم عبر إطلاق النار، والتهديد بالقتل.

جنازير الدبابات الإسرائيلية وجرافاتها لا تسمح للمحاصيل الزراعية الحدودية بإكمال مراحلها بالشكل الطبيعي، فسرعان ما تدوسها لتساويها بالأرض، ما يعرض المزارعين الحدوديين لخسائر فادحة بشكل متواصل، أدى إلى تدهور حالتهم الاقتصادية إلى حد غير مسبوق.
 
حكاية أبو طير بدأت في الثمانينيات عندما كانت تذهب برفقة والدها لزراعة الأرض، بمحاصيل الشمام، البطيخ، البامية، البازيلاء، القمح، الشعير، وغيرها، وتقول إن تلك الفترة كانت جيدة من حيث الاستقرار الزراعي والدخل الذي كان يعود على عائلتها كل موسم.
 
وعن واقع الزراعة الحدودية في الفترة الحالية، تقول لـ "العربي الجديد": "نعاني من مختلف النواحي، سواء من الاحتلال الذي يهددنا بشكل متواصل ويجرف الأرض ويطلق علينا النار، أو من حالة الطقس وغرق أراضينا من مياه الوديان التي تأتي من الجانب الإسرائيلي في الشتاء، ومن الحرارة المرتفعة صيفاً".

وتتابع: "كذلك نعاني من قلة توفر المياه، وعدم وجود آبار أو حاووز، إضافة الى عدم توفر البنية التحتية الخاصة بتطوير العمل الزراعي، ما يساهم بتدني الدخل السنوي مرة عن الأخرى، لدرجة أننا أصبحنا نوفر بالكاد لقمة عيشنا، وحاجياتنا الأساسية".

وتوضح المزارعة أبو طير أن الأراضي الزراعية الحدودية تعرضت عشرات المرات للتجريف، والتي تحصل في كل حالة توغل أو حرب على قطاع غزة، مشيرة إلى أنّ "تلك الأوضاع أثرت كثيراً على عائلتي المكونة من عشرة أفراد، منهم ثلاثة أبناء في الجامعة، وغيرهم في المدارس".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يحرق الأراضي الزراعية الحدودية في غزة

وتبين أنّ المحاصيل الزراعية قلت نسبتها عن السنوات الماضية بسبب عدم القدرة على العناية نتيجة الخوف والملاحقة الإسرائيلية، ووجهت حديثها للمؤسسات المعنية بالمزارع قائلة: "نعاني كثيراً، ونطالبكم بالالتفات إلينا، وإلى معاناتنا المتواصلة".

شمال قطاع غزة لم يختلف كثيراً عن جنوبه، حيث توزعت الهموم مناصفة بين مزارعي المناطق الحدودية الشرقية المحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقاسمت الأراضي من الشمال حتى الجنوب حظها من التجريف والاعتداءات الإسرائيلية، والتهديدات المتواصلة.

ويقول المزارع مؤيد ورش أغا من منطقة "تين ونيس" شمال مدينة بيت لاهيا شمالي القطاع: "نزرع التوت الأرضي والذرة، وعددا من المحاصيل الموسمية، لكن غلاء أسعار الأسمدة والمحروقات جعلنا غير قادرين على توفير حتى ثمن تكلفة زراعة أراضينا".

ويتابع حديثه لـ "العربي الجديد": تعرضنا خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة لخسائر فادحة بسبب عدم تمكننا من الوصول إلى أراضينا، ما تسبب بحرق محاصيلنا الزراعية، إضافة إلى قيام قوات الاحتلال بتجريف عدد من الأراضي، دون أن نحصل على تعويض من أي جهة، داعياً الى تخفيض المواد اللازمة للزارعة، وتعويض المزارعين حتى يتمكنوا من مواصلة عملهم المحفوف بالمخاطر.

من جانبه، يقول المدير التنفيذي لجمعية المزارعين الفلسطينيين المهندس طارق الجوراني، إن المناطق الحدودية تعاني كثيراً نتيجة عدة ظروف، أبرزها الاحتلال الذي يمنعهم من الوصول إلى أراضيهم ويطلق عليهم النار والقذائف التي تتسبب عادة بحرق المحاصيل وإتلافها.

ويضيف الجوراني لـ "العربي الجديد"، أنّ ناتج الأراضي الزراعية الحدودية يشكل نحو ثلث الإنتاج الزراعي في قطاع غزة، لكن المعاناة المتواصلة للمزارعين الحدوديين تؤثر على تلك النسبة وعلى جودتها، خاصة في ظل عدم توفر المياه أو البنية التحتية، أو حتى الطرق المؤدية لتلك الأراضي.

ويوضح أنّ الزراعة في المناطق الحدودية لا يعدو كونها "مجازفة" برأس المال الذي يتم وضعه، لأنه معرض في أي لحظة للتجريف وإطلاق النار من الاحتلال، لافتاً إلى أنّ المزارعين يلجؤون إلى المحاصيل التي لا تحتاج للرعاية المستمرة، خوفاً من عدم القدرة على الوصول إليها نتيجة المنع الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: مزارعون ينصرفون عن حقولهم في غزة

المساهمون