يضع الفيروس "كوفيد-19" مستقبل صناعة الطيران في خطر حقيقي، وربما تحتاج أكبر الشركات المصنعة للطائرات في أوروبا وأميركا إلى حزم إنقاذ مالية ضخمة حتى تتمكن من البقاء خلال العام الجاري.
وأعلنت مجموعة "إيرباص" الأوروبية عن خسائر صافية تبلغ 481 مليون يورو " أكثر من نصف مليار دولار"، في الربع الأول من العام الحالي، مقابل أرباح صافية بلغت 40 مليون يورو قبل عام، مشيرةً إلى أنها لاحظت "بسرعة" آثار تفشي وباء "كوفيد-19" على حساباتها.
والخسائر والكساد الاقتصادي لا يواجه إيرباص فقط، لكنه يضرب كذلك شركة بوينغ الأميركية، التي تكافح في الأصل للتغلب على بقاء أسطولها من طائرات 737 Max ذات الممر الواحد، القابعة على الأرض بعد حادثتين قاتلتين.
وحسب فرانس برس، قالت إيرباص إن إيراداتها سجلت تراجعاً بنسبة 15.2 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، لتصل إلى 10.6 مليارات يورو "ما يعكس البيئة الصعبة التي تؤثر على سوق الطيران التجاري".
وخفضت إيرباص إنتاج الطائرات في وقت سابق من هذا الشهر بنحو الثلث، ضمن محاولاتها لضغط الخسائر.
وسلّمت المجموعة في الربع الأول عدداً من الطائرات أقل بأربعين طائرة من تلك التي سلّمتها في الفترة نفسها من العام السابق بسبب تفشي الوباء.
وقال في مؤتمر صحافي عبر الفيديو، "ما زلنا في بداية الأزمة ونظراً إلى الرؤية المحدودة" لن تعلن إيرباص أهدافاً جديدة في الوقت الحالي.
وسجّل نشاط إيرباص للمروحيات ارتفاعاً بنسبة 19% أو بنحو 1.2 مليار يورو، كما استقر نشاط إيرباص للدفاع والفضاء، حيث بلغت الإيرادات 1.202 مليار يورو، لكن إيرادات الفصل الأول تأثرت بتراجع قسم الطائرات التجارية بنسبة 2% أي 7.6 مليارات يورو.
وسلّمت إيرباص 122 طائرة خلال الربع الأول. وتمّ تصنيع ستين طائرة أخرى، لكن لم يتسنَّ تسليمها إلى الزبائن بسبب تفشي وباء "كوفيد-19".
وبلغت الطلبيات الصافية في هذه الفترة 290 طائرة، فيما كان قد تراجع عددها 58 طائرة في الربع الأول من العام 2019. وأكد رئيس الشركة أنه "لم يحصل إلغاء لطلبيات بسبب "كوفيد-19" في الشهور الثلاثة الأولى من العام.
وأعلنت إيرباص مطلع إبريل/ نيسان تخفيض معدل إنتاجها من الطائرات للاستجابة لطلبات شركات الطيران لناحية تأخير تسليمها.
وكانت التوقعات تشير، وحسب دفاتر الطلبات القياسية، إلى الطلب المزدهر خلال العقد الجاري، وربما تزيد قيمة الطلبيات على تريليون دولار بالأسعار الرسمية. لكن وباء كورونا يضع المزيد من الشكوك حول صناعة الطيران يوماً بعد يوم مع تأخير شركات الطيران مواعيد التسليم، وحتى إلغاء طلبات للبقاء على قيد الحياة، في أسوأ أزمة في تاريخ الطيران.
وحسب صحيفة " فاينانشيال تايمز" البريطانية تم إيقاف أكثر من 60 في المائة من الطائرات التجارية في العالم، حيث وضعت الحكومات سكانها في الحجر الصحي، وأغلقت الحدود.
ومع قلة الإيرادات أو انعدامها، تعمل شركات الطيران على خفض التكاليف، والسحب من خطوط ائتمان ضخمة لتعزيز السيولة، وطلب المليارات من المساعدات الحكومية.
في هذا الشأن، يقول إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة دلتا ايرلاينز، إن شركته تحرق 60 مليون دولار في اليوم، بينما تقف 600 طائرة على المدرج، وتلغى 80 في المائة من الرحلات المجدولة طوال إبريل الجاري.
وقال باستيان للموظفين: "أتمنى أن ينتهي هذا قريباً، لكن الحقيقة هي ببساطة أننا لا نعرف الوقت الذي سيستغرق قبل احتواء الفيروس، ويكون العملاء على استعداد للطيران مرة أخرى".