ترامب يهدد التقنية المتقدمة في إسرائيل

05 فبراير 2017
شركات التقنية الأميركية تشغل 72 ألف موظف إسرائيلي(جاك جويز/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي تواصل نخب اليمين الحاكم في إسرائيل الاحتفاء بالعوائد السياسية الإيجابية لصعود دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، فإن المحافل الاقتصادية في تل أبيب تواصل التعبير عن القلق من التداعيات السلبية لسياسات الرئيس الأميركي الجديد الاقتصادية على القطاعات التي تمثل عصب الاقتصاد الإسرائيلي.

وقد حذر اقتصادي إسرائيلي بارز من أن السياسات الاقتصادية لترامب ستترك "تداعيات خطيرة" بشكل خاص على قطاع صناعات التقنية الإسرائيلية، من خلال تهديدها استمرار وجود مراكز البحث والتطوير، التي تضمن تواصل تطور هذا القطاع المهم، وتسمح بتوفير فرص عمل ذات مردود مادي كبير لعشرات الآلاف من الخبراء الإسرائيليين.

وقال إليكس جوبتنسكي، كبير الاقتصاديين في مجموعة "ميتاف داش" للاستثمارات إن سياسات ترامب الاقتصادية المعلنة ستلحق ضررا مؤكدا بقطاع "البحث والتطوير"، الذي يعد "عصب" صناعات التقنية في إسرائيل بفعل إستراتيجية "العصا والجزرة" التي ينوي تطبيقها من أجل إعادة "مراكز البحث والتطوير"، التي تملكها الشركات الأميركية متعددة الجنسيات في الخارج إلى داخل الولايات المتحدة.


وفي تحليل نشرته صحيفة "كالكيلست" الاقتصادية أمس، نوه جوبتنسكي إلى أن صناعة التقنيات المتقدمة التي تمثل 11% من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل وتشغل 9% من الموظفين بصدد مواجهة تحديات كبيرة، بسبب عزم ترامب تطبيق سياسة يمكن أن تفضي إلى إغلاق معظم مراكز "البحث والتطوير" التي تملكها الشركات الأميركية في إسرائيل.

وأضاف: "ترامب ليس معنيا فقط باستعادة الوظائف في مصانع السيارات إلى الولايات المتحدة، بل هو يتحدث بصراحة عن ضرورة استعادة الوظائف النوعية في مجال التقنيات المتقدمة التي توفرها بشكل خاص مراكز البحث والتطوير، والتي يقع معظمها خارج حدود الولايات المتحدة".

 

وحسب جوبتنسكي فإن ترامب لا يقصد فقط إعادة مصانع الهواتف الذكية الموجودة حاليا في الصين، بل معني بالأساس أيضا بإعادة الوظائف النوعية في مراكز البحث والتطوير الأميركية التي تعمل خارج حدود الولايات المتحدة، والتي لا يشغلها في الغالب الأميركيون.

وحسب جوبتنسكي فإن مراكز البحث والتطوير تمثل "العمود الفقري لصناعة التقنيات في المستقبل".


وذكر أن الشركات الأميركية متعددة الجنسيات أنفقت عام 2014 أكثر من 52 مليار دولار على البحث والتطوير في فروعها خارج الولايات المتحدة، وهو ما يمثل 16% ما ينفق على إجمالي البحث والتطوير في هذا المجال.

ونوه إلى أن ترامب معني بأن يتم إنفاق هذا المبلغ الضخم داخل الولايات المتحدة، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ستترك آثار واسعة على الاقتصاد الأميركي، ناهيك عن دورها في توفير فرص عمل نوعية.

ونوه جوبتنسكي إلى أن ما سيفاقم الأمور تعقيدا بالنسبة لإسرائيل، حقيقة أنها تحتل حاليا المكانة الثامنة في قائمة الدول التي تستفيد من إنفاق الشركات الأميركية متعددة الجنسيات على البحث والتطوير في المجال التقني.

وتوقع جوبتنسكي أن تسفر سياسة الإدارة الأميركية الجديدة عن توجيه ضربة قوية لصناعات التقنيات المتقدمة الإسرائيلية من خلال تجفيف منابع قطاع البحث والتطوير، الذي يخدم صناعات التقنية الإسرائيلية.

واقتبس جوبتنسكي السفير الأميركي السابق في تل أبيب عن دان شابيرو الذي أكد أن الشركات الأميركية متعددة الجنسيات تملك ثلثي عدد مراكز البحث والتطوير في المجال التقني في إسرائيل والتي يبلغ عددها الإجمالي 270 مركزا، مع العلم أن جميع العاملين في هذه المراكز من الإسرائيليين.

وحسب ما نقل جوبتنسكي عن شابيرو، فإن شركات التقنية الأميركية تشغل 72 ألف موظف إسرائيلي في قطاع البحث والتطوير، مشيرا إلى أن مستوى أجور هؤلاء الموظفين "كبير بشكل خاص".

وأشار جوبتنسكي إلى أنه حسب معطيات وزارة المالية في تل أبيب فإن مستوى الأجور في مراكز البحث والتطوير، التابعة للشركات الأميركية في إسرائيل أعلى بنسبة 56% من مستوى الأجور في شركات التقنية الإسرائيلية.

وأوضح جوبتنسكي أن ما سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل حقيقة أن ترامب بصدد إدخال إصلاحات جذرية على السياسات الضريبية في الولايات المتحدة، بحيث يتم منح تسهيلات ضريبية لشركات التقنية التي تستند منتوجاتها إلى ابتكارات سجلتها مراكز بحث وتطوير داخل الولايات المتحدة.

ونوه إلى أن إسرائيل بادرت بتغيير سياساتها الضريبية من أجل إغراء الشركات الأجنبية بإبقاء مراكز التطوير والبحث الخاصة بها داخل حدودها.

واستدرك جوبتنسكي قائلا إن قدرة إسرائيل على توفير بيئة تنافسية تسمح ببقاء مراكز البحث والتطوير لديها محدودة بسبب طابع الرئيس ترامب، الذي لا يتردد في استخدام وسائل غير متوقعة لتحقيق أهدافه الاقتصادية.



المساهمون