الحرب تدفع الليبيين إلى تخزين الدولار

31 ديسمبر 2019
اضطراب الأوضاع يفاقم المخاوف المعيشية والحياتية (فرانس برس)
+ الخط -
يبادر عدد كبير من المواطنين الليبيين إلى شراء العملة الصعبة من السوق الموازية، ثم تخزينها في بيوتهم ومكاتبهم في أماكن آمنة، وذلك بسبب المعارك الدائرة رحاها جنوب العاصمة طرابلس.

وفي السياق، أكد متعاملون ومصرفيون لـ"العربي الجديد" أن المؤشرات تتزايد على تصعيد عسكري جديد، ولذلك تشهد سوق الصرافة غير الرسمية "هجمة" على شراء الدولار لغرض الاحتفاظ به بعيداً عن النظام المصرفي، وذلك على وقع تسارع الأحداث المرتبطة بالتوترات العسكرية في طرابلس وجوارها.

وقال المواطن محمد بشير إنه اشترى عملة أميركية من السوق الموازية بقيمة 10 آلاف دولار، من أجل تخزينها والاستفادة منها، في إطار الاستعداد للسفر في حال اتسعت دائرة الاشتباكات المسلحة إلى داخل العاصمة.

وحول سبب شرائه الدولار من السوق الموازي على الرغم من أن المصارف التجارية توفره بسعر أقل، أوضح بشير أنه لا توجد ثقة في البطاقات المصرفية، لأن احتمال توقفها وارد مثلما حدث في سنوات سابقة، ولذلك فإن التعامل بالنقد (الكاش) يبقى أفضل عندما تستدعي الحاجة مبالغ مالية نقدية مستعجلة، في حين أن الحرب مستمرة والمواطن هو من يدفع ثمن الخراب والتدمير.
مواطن آخر يُدعى علي العزومي أقدم على تخزين العملة الصعبة، وأفاد "العربي الجديد" بأنه اشترى 5 آلاف دولار بغرض تخزينها، لكنه لم يحصل عليها من السوق الموازي، بل عبر تعبئة بطاقته المصرفية لأجل الاستعانة بها في النزوح إلى خارج الوطن خلال أيام.

في السياق، أشار سمسار العملة حسين إسماعيل، الناشط في السوق الموازية في الظهرة، إلى أن سوق العملة غير مستقر وتشوبه التقلبات صعوداً وهبوطاً، حيث يشهد كل يوم تسعيرة مختلفة للدينار مقابل الدولار، والسبب يعود إلى المضاربات على العملة.

وأكد أن هناك طلبا متزايدا على شراء العملة، وسط مخاوف من ارتفاع جديد ليناهز الدولار 5 دنانير مطلع عام 2020، ليتراوح سعر الدولار في السوق الموازي بين 4.15 و4.25 دنانير للدولار الواحد.

وقال المحلل الاقتصادي عادل محمد لـ"العربي الجديد"، إن لجوء المواطنين إلى شراء الدولار كملاذ آمن لمدخراتهم مع استمرار الأعمال الحربية، يعني زيادة الفاتورة المالية في البلاد، مع تنامي الهلع بين المواطنين الخائفين من تردّي الأوضاع الاقتصادية أكثر.

وأردف أن ارتفاع سعر الدولار بشكل طفيف يرجع إلى أجواء الحرب التي تعيشها مدينة طرابلس وضواحيها، خصوصا أن هذه المدينة هي في الأصل المركز التجاري والسياسي والاقتصادي للدولة.
ودعا المحلل المالي سليمان الشحومي، بدوره، إلى ضرورة تنظيم السوق الموازي وتأطيره ضمن منظومة صرافة تشركه في المساهمة في تحقيق الاستقرار النقدي ولعب دوره، بوصفه أحد أدوات النشاط الاقتصادي المهمة والمنظمة داخل الكيان الاقتصادي، وقال إن السوق سريع التأثر بما يضخه البنك المركزي من دولارات.

وأضاف أن استقرار سعر الدولار في السوق أمر في غاية الأهمية والحساسية، خصوصا في ظل استمرار الحرب والصراع واعتماد البلاد بشكل شبه كامل على المستوردات من الخارج، في ظاهرة تعزّز انكشاف الاقتصاد على الدول الأجنبية.

وفيما تكافح حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً في طرابلس، لدرء قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، منذ مطلع إبريل/نيسان الماضي، ارتفعت مصروفات ليبيا من النقد الأجنبي خلال 11 شهراً الأولى من العام الحالي، إلى 22.27 مليار دولار، بمعدل 2.02 مليار دولار شهريا، وسط توقعات بوصولها إلى 24 مليار دولار نهاية 2019.

وفرضت الحكومة، عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي، رسوما بلغت 183% على معاملات بالعملة الصعبة العام الماضي، فيما خفضت الرسوم إلى 163% في يوليو/تموز المنصرم.
المساهمون