الأسماك تنافس الإبل في صحراء المغرب

28 أكتوبر 2015
تربية الإبل مصدر دخل 70% من سكان الصحراء المغربية(Getty)
+ الخط -
لم يكن يتخيل أحد أن صيد الأسماك سينافس الإبل في صحراء المغرب، التي باتت تتحدى النظرات النمطية لها، ليشكل الصيد النشاط الرئيسي للساكنة في هذه المناطق التي لا تبخل البحار المحيطة بها بالخيرات على السكان والأجانب الذين يأتون من أجل ممارسة هواية الصيد.
بين مدينتي العيون وطرفاية جنوبي المغرب، وأنت تشق طريقك بين الامتداد الصحراوي، لا بد أن تصادف نزلا مملوكاً لأوروبيين، شغوفين بالصحراء.
وفي نزل تغطي طلعته من بعيد الكثبان الرملية، تصادف العديد من السياح الأجانب.. روني بونوا، الستيني القادم من الجنوب الفرنسي، يؤكد أنه لم يؤخذ بالصحراء بسبب الرحلات التي يمكن أن يقوم بها على ظهر الإبل، فهو يأتي إلى هناك من أجل ممارسة هواية صيد الأسماك، التي لا تحتاح للكثير من الجهد أو الصبر من أجل الفوز بها كما يقول.
لكن رغم المكانة التي يحتلها صيد الأسماك في الصحراء المغربية، وتحوله إلي نشاط كبير، إلا أن للإبل في قلوب أهل المنطقة مكانة خاصة، إذ حولها تتشكل حياتهم. وما عليك سوى ارتياد ما يشبه المتحف بمركب الصناعة التقليدية بمدينة العيون.
يحكي الشاب إبراهيم حيدا، كيف ترتبط حياة الصحراويين بالإبل في المنطقة، ويشير إلي الخيمة الصحراوية التي تتكيف مع تغير أحوال الطقس، كما الإبل التي تتحمل تحول البيئة التي تحيط بها، موضحا أن الخيمة تشكل سكناً وملاذا، كما الإبل التي تمنح الحياة وسط الصحراء.
المغرب انتبه في الأعوام الأخيرة، إلى ضرورة خلق نشاط اقتصادي حول الإبل في المناطق الصحراوية، ما دفع إلى تشجيع المزارعين على تحديث طرق الإنتاج. هذا ما يفسر حملات ترقيم الإبل من أجل حمايتها، والسعي لإقناع المربين بتحسين الإنتاج.
في الأسبوع الماضي، نظم المجمع الشريف للفوسفات (شركة الفوسفات المغربية)، بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري ومحافظات الجنوب، قافلة تعنى بتقديم الدعم لمربي الإبل والفلاحين، عبر التفاعل مع خبراء في القطاع الفلاحي. وتقوم هذه القافلة بحثّ المزارعين على حسن استعمال المدخلات بهدف تحسين الإنتاج، بما يساعدهم على رفع إيراداتهم.

وتشكل تربية الإبل المورد الرئيسي للدخل لنحو 70% من السكان في أقاليم الجنوب المغربي، غير أن القافلة تتوجه أكثر لصغار المربين، الذين حضر حوالي 600 منهم إلى اللقاء يمثلون الجهات الثلاث الصحراوية. فقد حلت القافلة في السابع عشر من أكتوبر/تسرين الأول بمدينة العيون، قبل أن تحل في نهاية الأسبوع الماضي بمدينة الداخلة.
ويبلغ عدد الإبل في المغرب نحو 196.5 ألف رأس، 90% منها توجد في الأقاليم الجنوبية، غير أن الخبراء يؤكدون أن ذلك الرقم لا يعدو أن يكون تقديرات فقط، على اعتبار أن الترحال، يجعل مسألة حصر عدد الإبل أمراً صعباً.
غير أن وزارة الفلاحة والصيد البحرى، أطلقت برنامجا في العام الحالي 2015، من أجل الإحاطة بالعدد الحقيقي للإبل التي يتوفر عليها المغرب، خاصة أن هذه العملية ستتيح سهولة تتبع الحالة الصحية للقطيع.
ويتوفر المغرب على ثلاثة سلالات من الإبل: فهناك صنف الخواري، وصنف المرموري الذي يتميز بحجمه المتوسط، وإنتاجه الكبير للحليب، وهناك الكرزني، الذي يعرف بصغر حجمه وضعف كميات الحليب التي يوفرها.
وقبل أربعة أعوام، انتبهت الحكومة في المغرب، لأهمية تثمين الإبل، فشجعت عبر عقد مع المنتجين تثمين لحومها وحليبها، ما رفع الطلب عليها، إلى درجة جعلتها من المنتجات التي يكثر عليها الطلب رغم ارتفاع ثمنها.
غير أن العرض ما زال غير كاف، كي يلبي حاجيات السوق المحلي أو التصدير، هذا ما ينتظر أن يساعد عليه العقد المبرم بين الحكومة والمهنيين، حيث رصدت المغرب حوالي 160 مليون دولار، وينتظر أن يساهم هذا المبلغ في تعظيم الإنتاج وتحسين دخل صغار المربين، وهو ما يجعل إبراهيم حيدا ينظر إلى ذلك باعتباره نوع من رد الاعتبار لرفيق الناس في الصحراء، حيث كان لهم دائما وسيلة نقل ومصدر غذاء.
وينتج المغرب أكثر من 6 آلاف طن من لحوم الإبل ونحو 200 مليون لتر من حليب النوق يستهلك في المناطق الجنوبية، حيث يتراوح إنتاج الناقة الواحدة بين 6 و20 لترا، غير أنه رغم تثمين الإنتاج، ما زال ضعيفا على اعتبار أن ما بين 50 و60 % تخصص لرضاعة صغارها والباقي يوجه للاستهلاك.
وبجانب العامل الاقتصادي، تحظى الإبل عند بدو الصحراء في المغرب بمكانة خاصة، وتعتبر رمزاً للتفاخر بين القبائل، وتقام من أجلها المواسم وسط مضمار صحراوي.

اقرأ أيضا: الموازنة تستنفر الاتحادات العمالية في المغرب
دلالات
المساهمون