وبعد ذلك يسألونك: أين الاستثمار؟

24 أكتوبر 2016
مصنع ملابس في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يسألونك عن الاستثمار، أين هو؟ ولماذا لا تتدفق مليارات الدولارات على مصر، ولماذا لا يزحف كبار المستثمرين الدوليين والشركات الكبرى نحو مصر لإقامة مشروعات عملاقة بها؟ قل: تبخر وهرب وذهب مع الرياح، والأسباب كثيرة منها: اضطرابات متلاحقة في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاعات قياسية في سعر صرف الدولار، وزيادة تكاليف الإنتاج والسلع الوسيطة، ووجود أزمات مستمرة في الطاقة وانقطاع الكهرباء عن المصانع، ورفع الضرائب والجمارك، وزيادة حالة الغموض وعدم التيقن، وعدم وجود استقرار سياسي وزيادة المخاطر والفساد، وصعوبة الحصول على تراخيص وتضارب القوانين، وأخيراً المصادرات.

ما يحدث حالياً في مصر هو تدمير منظم لمناخ الاستثمار، ودفع لكبار رجال الأعمال والشركات العالمية إما نحو إغلاق مصانعهم ومشروعاتهم الانتاجية والرحيل للخارج بهدوء شديد، للبعد عن المخاطر وتفادي تكبد مزيد من الخسائر، أو تصفية نشاطهم الصناعي والتوجه لاستثمارات أخرى باتت أكثر ربحية مثل تجارة العملة والمضاربة في الدولار وشراء النقد الأجنبي والذهب والأراضي والعقارات.

أحدث فصول هذا التدمير قيام السلطات بمصادرة إنتاج شركات صناعية كبرى لسبب معلن، هو قيامها بتخزين الإنتاج وحبسه عن المستهلكين وعدم طرحه في الأسواق، وسبب غير معلن هو محاولة هذه السلطات خفض الأسعار بأي طريقة، وتهدئة الغضب الشعبي المتنامي من تفاقم الأوضاع المعيشية، وتوفير سلع رئيسية اختفت من الأسواق، مثل السكر، فقد صادرت السلطات مساء أمس أكثر من ألفي طن من مخازن شركة إيديتا، إحدى أكبر شركات الصناعات الغذائية في مصر، بحجة تخزين السكر، وردت الشركة على القرار بإغلاق مصنعها ببني سويف، والتلويح بإغلاق المصانع الأربعة الأخرى التابعة لها، كما نفت الاتهامات الموجهة لها بتخزين السكر.

وأعادت الخطوة للذاكرة قرارات مصادرة طاولت شركات كبرى في مصر بزعم ضلوعها في تمويل العنف والإرهاب، منها شركة جهينة، أكبر شركة ألبان في منطقة الشرق الأوسط، والتي يترأسها صفوان ثابت، وشركة سعودي صاحبة أكبر سلسلة محلات تجارية في مصر وغيرها.

وعلى مدى أكثر من 3 سنوات استخدم النظام أسلوب مصادرة الأراضي والشركات التابعة لخصومه السياسيين، وكان الهدف هو قمع المعارضة وتجفيف منابع التمويل الخاصة بهم.

وطاولت المصادرات في البداية جماعة الإخوان، حيث تمت مصادرة مئات الشركات والمدارس والمعاهد والمستشفيات والمعامل، إضافة لملايين من الأموال السائلة المودعة بالبنوك، ثم توسعت لتشمل معارضين آخرين من بينهم أعضاء بحركة 6 أبريل وأحزاب وقوى سياسية أخرى، وكان الملفت مصادرة أموال نشطاء بحركات ثورية، مثل هيثم محمدين وهشام عبد الرسول، بتهمة الانتماء للإخوان رغم أنهما عضوان بارزان في حركة الاشتراكيين الثوريين.

ولم تقتصر المصادرة على أموال وشركات وأصول المعارضين السياسيين، بل امتدت لشخصيات عامة، منها علاء صادق والنجم محمد أبو تريكة.

وأخيراً طاولت شركات صناعية مسجلة في البورصة، وهو ما يبعث بإشارات سلبية للمستثمرين المحليين والأجانب، على حد سواء، لأن مزاعم دعم وتمويل الشركات للإرهاب غير متوافرة هذه المرة.

المساهمون