بنك قطر الوطني: 100 مليار دولار هربت من الأسواق الناشئة

11 ابريل 2020
مقر بنك قطر الوطني في الدوحة (Getty)
+ الخط -
قال بنك قطر الوطني، في تحليل صادر اليوم السبت، إن الأسواق الناشئة تعاني من مشكلة  تدفقات مالية على الرغم من المساعدات التي يقدمها مصرف الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وإن مائة مليار دولار هربت من هذه الأسواق حتى مطلع إبريل/نيسان الجاري.

وفي تحليله الأسبوعي، قال البنك إن الانعكاس المفاجئ في مسار التدفقات الرأسمالية يمثل مشكلة للأسواق الناشئة الهشة، وذلك في ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) والتي أدت إلى صدمات سلبية غير مسبوقة في جانبي العرض والطلب من الاقتصاد، حيث بات من المتوقع أن يتجه الاقتصاد العالمي إلى التباطؤ الأكثر حدة وعمقاً.
وأوضح البنك في تحليله الصادر اليوم السبت، أن بداية العام الحالي 2020 شهدت رؤية بناءة لأداء الأسواق الناشئة، فقد وفرت المعنويات المرتفعة السائدة وسط المستثمرين بيئة قوية للإقبال على المخاطر في السوق في أواخر عام 2019.
وقال كان ذلك مدفوعاً بمزيج من العوامل الإيجابية التي شملت اعتدال النمو العالمي وارتفاع معدلات التوظيف وتدني مستويات التضخم، وكان من المتوقع أن تكون الصين، على وجه التحديد، المحرك الرئيسي للتسارع الاقتصادي القادم، مع امتداد التأثير الداعم الناتج عن سياساتها الاقتصادية إلى الاقتصادات القائمة على السلع والاقتصادات المفتوحة الأخرى.

ولفت التحليل، إلى أنه في البلدان الأكثر تأثراً بفيروس كورونا (كوفيد-19) في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية، أدت تداعيات الوباء إلى صدمات سلبية غير مسبوقة في جانبي العرض والطلب من الاقتصاد، ونتيجة لذلك، تغيرت التوقعات بشكل كبير، وبات من المتوقع أن يتجه الاقتصاد العالمي الآن إلى التباطؤ الأكثر حدة وعمقاً منذ تسريح الجنود عقب الحرب العالمية الثانية في أواخر الأربعينيات.
ووفقاً للتحليل، فقد بدأت الأسواق بالفعل في تخفيض الأسعار تأهباً للسيناريو الجديد مع التشديد الكبير للأوضاع المالية العالمية، إذ تتعرض الأسواق الناشئة الهشة لخسائر كبيرة، فوفقاً للبيانات الصادرة عن معهد التمويل الدولي، أدت الصدمة الناتجة عن (كوفيد-19) إلى أكبر انعكاس على الإطلاق في مسار التدفقات الرأسمالية، وهو يتجاوز بكثير نوبات الضغط الرئيسية الأخرى التي تعرضت لها الأسواق الناشئة.
ومن أواخر يناير/ كانون إلى مطلع إبريل/ نيسان 2020، بلغت تدفقات محافظ غير المقيمين الخارجة من الأسواق الناشئة حوالي 100 مليار دولار، وتركزت مجمل عمليات البيع في الدول الآسيوية والأسواق الناشئة الكبرى، بما في ذلك تايوان وكوريا الجنوبية وتايلاند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا.
وأشار التحليل إلى أن صدمة الطلب امتدت بسرعة إلى أسعار السلع، في تحرك تفاقم بفعل الأحداث الدبلوماسية مثل الإنهاء المفاجئ لاتفاقية أوبك+، وقد أدى ذلك إلى زيادة الضغوط على الأسواق الناشئة المنتجة للسلع الأساسية من خلال تدهور الأوضاع المالية وشروط التبادل التجاري والحساب الجاري، وانخفض مؤشر بلومبيرغ للسلع بأكثر من 20 في المائة بينما انخفض سعر خام برنت بنسبة 50 في المائة تقريباً منذ بداية الأزمة وحتى وقت كتابة التحليل الحالي.
ووفقا لتحليل بنك قطر الوطني، فقد انهار مؤشر فوتسي FTSE لجميع أسهم الأسواق الناشئة، وهو مؤشر مرجح لرسملة السوق يمثل الأداء بالدولار لأسهم الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في الأسواق الناشئة، بأكثر من 25 في المائة منذ آواخر يناير/ كانون الثاني.
كما انخفض مؤشر "جي بي مورغان" لسندات الأسواق الناشئة العالمية (EMBI)، وهو المقياس الأكثر شمولاً لأدوات الدين في الأسواق الناشئة، ويغطي سندات برادي المقومة بالدولار، وسندات اليوروبوند، والقروض المتداولة وأدوات الدين في الأسواق المحلية الصادرة عن كيانات سيادية وشبه سيادية، بأكثر من 10 في المائة خلال نفس الفترة، وقد زادت التقلبات بشكل حاد.
وأشار التحليل إلى أن المسار كان حاداً للغاية بحيث اضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى التصرف، ففي منتصف مارس، أنشأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطوط مبادلة مؤقتة للسيولة بالدولار تبلغ قيمة كل منها 60 مليار دولار مع البنوك المركزية للبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك وسنغافورة.
وبعد ذلك بوقت قصير، ومع استمرار الطلب على السيولة النقدية بالدولار، أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي تسهيلاً جديدًا لاتفاقية إعادة الشراء يهدف إلى تزويد بنوك مركزية أجنبية بالسيولة بالدولار من خلال عقود المبادلة المدعومة بسندات الخزانة الأميركية، وتهدف هذه الإجراءات إلى المساعدة في تخفيف الضغط في الأسواق العالمية للتمويل بالدولار مع دعم الأداء السلس لسوق سندات الخزانة الأميركية.

وحسبما أفاد التحليل فإن تدابير دعم السيولة والحوافز الاقتصادية الإضافية تساهم في تحقيق الاستقرار المرتقب في الأسواق، إلا أنه ومع ذلك، تشير ثلاثة عوامل إلى أن دول الأسواق الناشئة لم تخرج من النفق بعد، فوفقاً للعامل الأول، من المتوقع أن يزداد الوضع الاقتصادي العالمي سوءاً قبل أن يتحسن، إذ إنه من شأن استراتيجيات التخفيف من (كوفيد-19) أن تحد من النشاط الاقتصادي في الأشهر القادمة.
وأشار العامل الثاني، إلى أن الاضطرابات في سلاسل التجارة والإمداد العالمية، فضلاً عن تهالك الطلب في الصين، تهدد بشكل خاص المصدرين الآسيويين ومصدري السلع الأساسية، ومن المرجح أن يؤدي انخفاض عائدات التصدير إلى زيادة احتياجات التمويل الخارجي بالدولار.
وثالثا، قال التحليل، إن الصدمة الانكماشية الناتجة عن انهيار الطلب العالمي تدفع بالفعل البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى خفض أسعار الفائدة، وخلافاً للولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان، لا تزال السلطات النقدية في معظم بلدان الأسواق الناشئة تمتلك حيزاً للرد عبر السياسات، ومن المرجح أن يؤدي انخفاض العائدات في الأسواق الناشئة إلى المزيد من هروب رؤوس الأموال نحو الأصول الأكثر أماناً.
وقال بنك قطر الوطني في ختام تحليله، إن العواقب الاقتصادية لوباء (كوفيد-19) ستؤثر بشدة على الأسواق الناشئة الأكثر هشاشة، ويعتبر الدعم الحالي من بنك الاحتياطي الفيدرالي ضرورياً، ولكنه ليس كافياً لمساندة مجموعة واسعة من الأسواق الناشئة، وينبغي أن تشتمل الردود العالمية الملائمة عبر السياسات على إجراءات لتعزيز المؤسسات المالية الدولية المكلفة بدعم البلدان التي تعاني من مشاكل في ميزان المدفوعات.


(قنا)

المساهمون