لعبة النفط السوري..تقاسم مناطق الحقول بين النظام وداعش

08 فبراير 2016
استخدام عشوائي لاستخراج النفط وبيعه في سورية (Getty)
+ الخط -
قطعت قوات الأسد مدعومة من الطيران الروسي مؤخراً، طريق إمداد النفط، من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" شمالي شرق سورية، باتجاه ريفي حلب وادلب المحرران، ما رفع سعر ليتر المازوت، في المناطق المحررة في حلب وإدلب، من 170 -إلى 210 ليرات، بحسب ما أفاد المهندس محروس الخطيب من ريف إدلب الغربي.
وتوقع الخطيب أن تقفز أسعار المشتقات النفطية، أضعاف ما هي عليه اليوم، إن استمر زحف النظام وأطبق على القرى القليلة المتبقية من طريق الرقة حلب، بعد سيطرته أمس على حردتنين ودخوله بلدة رتيان.
وحذر الخطيب العامل مع منظمة إغاثية بالداخل السوري المحرر "إن فكت قوات الأسد الحصار المفروض على بلدتي نبل والزهراء، فمعنى هذا سيطرتها على الطريق الواصل بين ريف حلب الشمالي ومناطق النفط والقمح، ووصول سعر ليتر المازوت إلى 1000 ليرة وشح الخبز والمواد الغذائية".
وأكد خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن وصول النظام الى نبل والزهراء يعني وصوله الى عفرين والتقائه بمدينة عفرين مع القوات الكردية ووصوله للحدود التركية قرب معبر باب السلامة، أي فصل الجزيرة السورية "الرقة الحسكة ودير الزور" عن مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وحلب، ليقطع بذلك الإمداد النفطي بالكامل". من يشاهد القصف والموت في قرى عندان، وحريتان، وحيان، والطامورة، في ريف حلب الشمالي، يعلم استماتة نظام الأسد للسيطرة على الطريق وفرض الحصار والوصول إلى قريتي نبل والزهراء.
ويقول مراقبون إن النفط السوري دخل على خارطة الصراع، بشكل متعمد من نظام بشار الأسد، منذ تخليه عن مناطق الآبار وانسحابه المريب من مدينة الرقة في الرابع من آذار/مارس 2013، ما دفع بالمعارضة المسلحة وجبهة النصرة ومن ثم داعش، للاقتتال في محاولات السيطرة وبسط النفوذ، نظراً لمجاورة تلك المنطقة للعراق وتركيا، ولغناها بالثروات وفي مقدمتها النفط، ما أعاد مراراً رسم خارطة السيطرة، التي لم تستقر حتى اليوم، في واقع تبدل القوى التي بدأت ترجح، أخيراً، لصالح "داعش".
ما غيّر من طبيعة الصراع، وحول ثورة السوريين، من مطالبة بالحرية والكرامة، إلى حرب على الإرهاب وأعطى مبرراً للتدخلات والحرب بذريعة "داعش" وأدى إلى تدمير البنى والثروات في سورية.
ويقول الخبير النفطي، عبد القادر عبد الحميد، تتلقى مواقع وآبار النفط، التي يسيطر عليها "تنظيم داعش" ضربات متتالية، من طيران التحالف والطيران الروسي، طاولت حقل العمر أكبر حقول سورية، وخزاناته الثلاثة، وحقل الجفرة وبئر الملح، ما أدى لتدمير هائل في الخزانات والمعدات وموقع تجميع الصهاريج بمنطقة "عكاشات" قرب مدينة البوكمال، أدى إلى تراجع الإنتاج بهذه المواقع من نحو 50 ألف برميل إلى أقل من 20 ألف برميل باليوم الآن.

ولفت المتخصص بالنفط، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عندما نقول موقع العزبة فنحن نقصد ثماني آبار، أو حقل الجفرة مثلاً، فنحن نتحدث عن 15 بئرا نفطية، وكذلك بقية الحقول، فتنظيم داعش الذي يسيطر على 60 حقلاً في سورية، من أصل 67، معظمها يقع في مناطق الحقول الثلاثة، ما يعني أن حقول النفط السورية، تعرضت بمجملها للاستهداف.
وحذر عبد الحميد من أن استمرار قصف مواقع إنتاج النفط، لا يؤثر على موارد تنظيم الدولة فقط، كما يسوق المجتمع الدولي، بل على تدهور هذه الثروة التي تعاني من تهدم بعض الآبار نتيجة الاستخدام الجائر وغير الفني، بعد تصميم من يسيطر عليها، سواء تنظيم داعش أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، على الاستخراج بأي طريقة، للمحافظة على العائدات، بصرف النظر عن الآثار.
وتتوزع خارطة السيطرة على النفط بسورية، بين تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مواقع وآبار مدينة دير الزور لجهة البوكمال والميادين والرقة، والتي كانت تنتج قبل الثورة نحو 140 ألف برميل نفط يومياً، كما يتقاسم مع التنظيمات الكردية المنطقة الأهم لإنتاج النفط الواقعة بمحافظة الحسكة والتي وصل إنتاجها قبل الثورة لنحو 200 ألف برميل يومياً، لتبقى المنطقة الثالثة، شرقي حمص وسط سورية، تحت سيطرة نظام الأسد، والتي لا يزيد إنتاجها عن 9 آلاف برميل يومياً .
وتعاني السوق السورية من نقص حاد بالمشتقات النفطية، بعد تشتت السيطرة على الآبار ومواقع الإنتاج ووصول الخسائر التي لحقت بهذا القطاع نحو 60 مليار دولار بحسب تصريح سابق لوزير النفط السوري، كما بينت أرقام وزارة النفط والثروة المعدنية في تقرير التتبع تنفيذ الخطط الإنتاجية والاستثمارية للمؤسسات والشركات التابعة للوزارة لعام 2015 ، أن إجمالي النفط المنتج في سورية حتى نهاية عام 2015 والمسلم للمصافي بلغ 3,465 ملايين برميل بمعدل إنتاج وسطي 9492 برميلاً يومياً، بارتفاع طفيف عن العام 2014، حيث كان الإنتاج المسلم لمصفاة حمص 3,4 ملايين برميل بمعدل إنتاج وسطي 9329 برميلاً يومياً.
وتراجع إنتاج النفط في سورية، من نحو 380 ألف برميل مطلع عام 2011 إلى أقل من 9 آلاف برميل يسيطر عليها النظام، ونحو 60 ألف برميل تسيطر عليها "داعش" وأقل من 30 ألف برميل تسيطر عليها القوات الكردية، ويذكر أن سورية تمتلك كميات كبيرة من احتياطيات النفط التي لم يتم اكتشافها، وذلك بحسب دراسة أجرتها جامعة دمشق قبيل الثورة.

اقرأ أيضا: البنك الدولي: الحرب تكلف سورية وجيرانها 35 مليار دولار
المساهمون