تونس: الجفاف يعصف بآمال مزارعي القمح في حصاد وفير

10 يوليو 2018
شح التساقطات المطرية أدى لتراجع المحاصيل الزراعية (فرانس برس)
+ الخط -

مع تقدم موسم حصاد القمح تتأكد التوقعات الأولية لوزارة الزراعة بتسجيل نقص عام في المحصول بنحو 10% مقارنة بالعام الماضي، إذ سجلت كبرى المحافظات المنتجة للحبوب نقصاً في الكميات المحصلة يراوح بين 7% و13%، بسبب نقص المياه وتقلص المساحات المروية.

وبحسب بيانات رسمية لوزارة الزراعة بلغت كميّات الحبوب المجمّعة، حتى الخامس من يوليو/ تموز الجاري، حوالي 5 ملايين و806 آلاف قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام)، إثر حصاد 507 آلاف هكتار، أي ما يناهز 70% من المساحات المتوقع حصادها.

وتأتي هذه النتائج ضمن توقّعات تحصيل نحو 14.3 مليون قنطار (1.4 مليون طن)، مقابل 16.1 مليون قنطار في الموسم الماضي، وفق تقديرات أولية لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.

ويطغى شعور الإحباط على شريحة واسعة من مزارعي المحافظات المنتجة، بعد أن خيّبت النتائج المحققة أحلاماً بنوها على امتداد الموسم الزراعي الذي كان يلوح واعداً إلى حدود شهر مارس/ آذار الذي شحت فيه التساقطات المطرية.

ويمثل نقص الأمطار وتراجع المخزونات المائية المخصصة للري أبرز أسباب تأثر المحاصيل الزراعية عموماً والحبوب خاصة، إذ يفرض التغيّر المناخي معطى جديداً على المزارعين والسلطات التي تواجه نقص الإنتاج المحلي باللجوء إلى توريد كميات إضافية من الحبوب، سواء المخصصة للاستهلاك البشري أو الموجهة للأعلاف.

وبسبب تواتر مواسم الجفاف في السنوات الثلاث الأخيرة يعرف إنتاج الحبوب تذبذباً كبيراً، ما تسبب في تفاقم واردات الغذاء، إذ لم يتجاوز معدل المحصول في السنوات العشرة الأخيرة 1.7 مليون طن.

وفي مارس/ آذار الماضي توجه ديوان الحبوب التونسي (مؤسسة حكومية مكلفة بشراء الحبوب) إلى السوق العالمية لشراء نحو 67 ألف طن من قمح الطحين اللين و50 ألف طن من الشعير للتوريد من مناشئ عدة في مناقصة عالمية.

وتخصص تونس 600 مليون دينار (250 مليون دولار) سنوياً لتوريد الحبوب من قمح لين وصلب وشعير علفي، حسب ما أكده مؤخراً مدير التزويد بديوان الحبوب عبد الستار الفهري لوكالة الأبناء التونسية "وات".

وقال الفهري إن الكميات المستوردة سنوياً تقدر بنحو 1.7 مليون طن، موزعة بواقع مليون طن للقمح اللين، و400 ألف طن من الشعير العلفي، و300 ألف طن من القمح الصلب، مشيراً إلى أن فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا وأوكرانيا ورومانيا من أكبر الموردين لبلاده.

إزاء تراجع المردود من عام إلى آخر تسعى منظمة المزارعين إلى إقناع الحكومة بإحداث "ثورة" في منظومة تسعير الحبوب، لتحفيز المزارعين على الإنتاج والتدرج لمرحلة الاكتفاء الذاتي عبر توسيع المساحات وتحسين البحوث العلمية لأقلمة البذور مع التغيرات المناخية.

قال شكري الرزقي عضو اتحاد الفلاحين (المزارعين)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة تطالب بتسعير الحبوب بنحو 100 دينار للقنطار مقابل 75 ديناراً حالياً، مشيراً إلى أن زيادة مجزية ستمكن من ترميم خسائر القطاع المتفاقمة من عام إلى آخر.

وأضاف الرزقي أن دعم المنتج المحلي سيمكن من تخفيف الكلفة المترتبة على واردات الغذاء وتنشيط الصناعات الغذائية المتعلقة بهذا المنتج، ومنها المعجنات، مشيراً إلى أن سوق تصدير المنتجات المصنعة من القمح مفتوحة على الحدود الغربية والجنوبية للبلاد في اتجاه الجزائر وليبيا.

وتعد مقاربة سعر القمح المحلي من الأسعار المتداولة في السوق العالمية مطلباً أساسياً لنحو 300 ألف مزارع، وفق الرزقي، الذي أكد إصرار المنظمة على الدفاع عن منظوريها (أعضائها) وحماية القطاع الفلاحي قبل أن يغرقه التوريد ويهجره أصحابه بسبب ضعف المردود.

وبحسب المصدر ذاته كانت التوقعات إلى حدود شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان تشير إلى موسم استثنائي قبل أن يعصف الجفاف بهذه التوقعات وينزل بالمحصول إلى ما دون نتائج العام المنقضي.

وبالإضافة إلى تراجع المحصول تواجه عمليات الحصاد، ككل موسم، مخاطر الحرائق وإتلاف المحاصيل.

وكشفت الإدارة العامة للإنتاج الفلاحي في هذا السياق أنّ المساحات المتلفة بسبب الحرائق بلغت نحو 305 هكتارات (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، مشيرة إلى أن أسباب هذه الحرائق مختلفة، إذ يعود أغلبها إلى عوامل مجهولة فيما تتسبّب آلات الحصاد في اندلاع بعضها.

ويشمل محصول الحبوب هذا العام 923 ألف طن من القمح الصلب و119 ألف طن من القمح اللين و362 ألف طن من الشعير.



المساهمون