فقبل شهر واحد من عطلة عيد القيامة التي تعد من أكثر العطلات ازدحاما في أوروبا، تلقت بولبان إلغاءات لأكثر من 80% من الحجوزات في فندقها الواقع في قلب مدينة البندقية بل وتبخرت الحجوزات المنتظرة مستقبلا.
فقد انتشر فيروس كورونا، الذي ظهر في مدينة ووهان بوسط الصين في أواخر العام الماضي، في مختلف أنحاء العالم وزاد عدد حالات الإصابة الجديدة به خارج الصين عنه في داخلها.
وإيطاليا هي أشد بلدان أوروبا تأثرا بانتشار الفيروس، وقد قررت إغلاق المدارس ودور السينما والمسارح بعد وفاة أكثر من 100 شخص وتأكد إصابة أكثر من 3000 آخرين بالفيروس. وتقول بولبان (46 عاما) الفرنسية الأصل: "الناس مرعوبون والبعض رحل قبل انتهاء إقامته وآخرون لم يحضروا وغيرهم اتصلوا لطلب رد أموالهم".
وتدير بولبان الفندق منذ العام 2006، لكنها تعمل في هذا المجال منذ ما يقرب من 25 عاما. وتبرز مشاكلها الفوضى التي دبت في صناعة السياحة والسفر العالمية، إذ عمدت الشركات إلى تقييد سفر العاملين فيها وألغيت معارض تجارية كبرى واختار أصحاب العطلات البقاء في بيوتهم أو تأجيل خططهم لحجز رحلاتهم في عطلتَي الربيع والصيف.
السياحة قطاع ضخم
ودفعت سرعة انتشار الفيروس بصناعة السياحة والسفر التي تمثل أكثر من 10% من النمو الاقتصادي العالمي إلى واحدة من أسوأ الأزمات العالمية، وفقا لما تبين من خلال مقابلات مع أكثر من عشرة من الخبراء وأصحاب الفنادق ومديري الرحلات السياحية.
ويقول المجلس العالمي للسفر والسياحة إن هذه الصناعة أتاحت حوالي 319 مليون وظيفة أي حوالي 10% من مجمل الوظائف العالمية في 2018. ومنيت شركات الطيران بأشد الخسائر منذ بدأ انتشار المرض، غير أن المؤسسات الفندقية مثل هيات للفنادق وشركات تشغيل السفن السياحية مثل مؤسسة كارنيفال وشركات الرحلات مثل توي مُنيت بخسائر أيضا.
ويرسم الخبراء صورة قاتمة في الأجل القريب. وتشرح شركة توريزم إيكونوميكس الاستشارية، أنه من المتوقع أن تنخفض حركة السفر الدولي بنسبة 1.5% هذا العام لتسجل أول هبوط منذ 2009 في ذروة الأزمة المالية العالمية.
وخلال انتشار مرض سارس في 2003، انخفضت معدلات السفر بنسبة 0.3% فقط. ولأن الصين في قلب الأزمة الأخيرة، ستكون منطقة آسيا والمحيط الهادي الأشد تأثرا، إذ تتوقع توريزم إيكونوميكس انخفاضا يبلغ 10.5% في عدد الزائرين القادمين إليها في 2020.
ويبين تحليل أجرته الشركة أن الناس أصبحوا أكثر تكيفا مع الأزمات الصحية في السنوات العشر الأخيرة أو نحو ذلك، إذ أصبحت عودتهم للسفر والعطلات سريعة بمجرد احتواء انتشار المرض. غير أن فيروس كورونا لم يسبق له مثيل في انتشاره الجغرافي.
تستخدم الشركة مرض سارس كأساس للمقارنة، وهو ما يعني أنها تتوقع احتواء الفيروس بنهاية النصف الأول من العام الجاري. ويقول ديفيد جودجر، العضو المنتدب لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في توريزم إيكونوميكس لرويترز، إن معدلات حركة السفر ستبدأ في ظل هذا السيناريو في الانتعاش من شهر يوليو/ تموز تقريبا، لكنها لن تتعافى بالكامل إلا في 2021-2022.
واعتبرت الشركة في تقرير نشر هذا الأسبوع أنه "إذا استمر انتشار فيروس كورونا، فإن آثاره على السياحة قد تستمر لفترة أطول وتكون أشد قسوة من سارس".
آثار جانبية
للأزمة آثار جانبية تتجاوز قطاع السياحة. وتعاني أنشطة تجارية، بالقرب من فندق في جزيرة تناريف الإسبانية، تم إغلاقه على من فيه من مئات السياح منذ 24 فبراير/ شباط، من غياب الزبائن.
وقالت مصففة الشعر بيفرلي فينس القادمة من إنكلترا وصاحبة صالون بامبو الواقع منذ سبع سنوات في مركز تجاري أمام الفندق، إن حركة العمل في الصالون "تأثرت بشكل هائل" بإغلاق الفندق.
وأضافت في تصريح لرويتز، وهي تمسك بدفتر المواعيد الخالي: "في الأسبوع الماضي صففت خلال الأسبوع كله شعر عدد من الزبائن يعادل عدد من أصفف شعرهم في ساعتين تقريبا". ولجذب الزبائن للحجز في الفترة المقبلة، قالت سلاسل فنادق كثيرة منها ميليا هوتيلز وبانجي غروب إنها تعرض خصومات وتخفف من سياسة إلغاء الحجز.
ولعدم وجود أي حجوزات في الأشهر المقبلة، يعرض فندق كا باجان في وسط مدينة البندقية خصما يصل إلى 60% خلال مارس/ آذار ويصل إلى 30% في إبريل/ نيسان حسب ما قاله مالكه جاكومو بوساتو.
وأضاف: "بعض الإيطاليين فقط سيأتون. لا أجانب". وربما تغري تلك التدابير في النهاية السياح بالعودة، غير أن الأرجح أن يحجز الناس رحلاتهم في اللحظة الأخيرة انتظارا لمعرفة مدى انتشار الفيروس وأماكنه.
(رويترز)