تفاوت شديد في الدخل والثروة بين البيض والسود بأميركا

04 يونيو 2020
المواطنون السود يواجهون ضغوطاً معيشية (Getty)
+ الخط -

أجّجت الهوة المالية، سواء ما يتعلق بالدخول أو الثروات بين البيض والسود، من الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة على خلفية مقتل المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد الشرطة، رغم تحول التهمة الموجهة إلى ديريك تشوفين، الضابط الأبيض المسبّب للواقعة، إلى القتل من الدرجة الثانية، فضلاً عن اتهام الضباط الثلاثة الذين شهدوا الحادثة ولم يتدخلوا.

وفوجئت الإدارة الأميركية باستمرار تزايد الحشود، وبصفة خاصة أمام البيت الأبيض في واشنطن، وهو ما اضطر مارك أسبر، وزير الدفاع، إلى التراجع عن قراره السابق بسحب حشود الجيش القليلة التي انتشرت في العاصمة منذ يوم الثلاثاء، بعد حضوره اجتماعاً في البيت الأبيض.

ورغم تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الأمر في بداياته على أنه إلى زوال، بدا واضحاً من التطورات اللاحقة أن المحتجين لن يتراجعوا قبل فرض تغييرات جذرية، تضمن تحقيق عدالة ومساواة حقيقيتين، لمن كانوا عبيداً حين كتبت أول نسخة مما يعتبره الكثيرون أفضل دساتير العالم.

وخلال السنوات الثلاث الأولى من حكم دونالد ترامب، ومع تواصل أطول انتعاش في تاريخ الاقتصاد الأميركي، انخفض معدل البطالة بين الأميركيين من أصول أفريقية إلى أدنى مستوياته في التاريخ، وهو ما حدا الرئيس الأميركي، الذي أظهرت كلماته في العديد من المناسبات عنصرية وطبقية واضحة، إلى أن يعتبر أنه "قدّم لمجتمعات السود ما لم يقدمه أي رئيس أميركي آخر"، إلا أن العديد من الأرقام تشير إلى استمرار عمليات التمييز على أساس اللون داخل المجتمع الأميركي، حتى بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض بسنوات.


وفي تقرير "الدخل والفقر في الولايات المتحدة"، الصادر عن مكتب الإحصاءات التابع لوزارة التجارة الأميركية قبيل نهاية السنة المالية الماضية، جاء أن الأميركيين السود يحققون بالكاد 60% من الدخل الذي يحققه الأميركيون البيض، حيث حققت الأسرة السوداء في عام 2018 نحو 41.4 ألف دولار سنوياً في المتوسط، بينما تجاوز المتوسط لدى الأسر البيضاء 70 ألف دولار.

ولتوضيح الغبن الذي يتعرض له المواطن الأميركي الأسود، تكفي الإشارة إلى أن هذه النسبة تصل في بريطانيا، التي لم تنجُ هي الأخرى من اتهامات التفرقة العنصرية، إلى 90%.

وأكد التقرير أن النسبة في الولايات المتحدة ارتفعت من 50% التي كانت عليها في عام 1970، إلا أنه أشار إلى أن التحسن حدث خلال الفترة بين 1970 – 2000 فقط، قبل أن يسوء مرة أخرى خلال العقدين الأخيرين.

ولم يتوقف الانحياز ضد السود عند متوسط الدخل، بل امتدّ ليشمل معدلات البطالة، التي وصلت عندهم إلى ضعف معدلاتها عند البيض.

وفي تقرير لبنك الاحتياط الفيدرالي عن "الرفاهة الاقتصادية للأسر الأميركية"، صدر منتصف عام 2018، أوضح البنك أن ثروات السود كانت في المتوسط 17.6 ألف دولار، أي ما يقرب من عُشر متوسطها عند البيض، البالغ 171 ألف دولاراً، وهو ذات حجم الفجوة التي كانت موجودة في عام 1990.

وبخلاف ذلك، كان هناك العديد من التفاصيل التي توضح معاناة السود اليومية، ومنها أن عدد السود الذين لا يمتلكون أي ثروات، أو يمتلكون ثروات سالبة (عليهم مديونية)، يبلغ ضعف عددهم من البيض، وأن عدد من تخلفوا عن سداد مديونياتهم على بطاقات الائتمان، أو رُفض طلبهم الحصول عليها من الأصل، خلال الستين يوماً السابقة بلغ عند السود ضعفه عند البيض.

وكشفت الأرقام عن أن عدد من لا يستطيعون الوفاء عادة بالفواتير الواجبة في الشهر بلغ عند السود ضعفه عند البيض، وأن 43% من السود قالوا إنهم يمكنهم، في أي أزمة، اقتراض مبلغ يصل إلى ثلاثة آلاف دولار، بينما كانت النسبة عند البيض 71%، وأن عدد من يعيشون على حافة الانهيار المالي من السود يتجاوز بمراحل عددهم عند البيض.

وخلال أزمة وباء كوفيد 19، أظهر تقرير صدر الأسبوع الماضي عن مقاطعة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا، أنّه من بين كل مائة ألف من السكان البيض، كانت هناك 14 حالة وفاة بالوباء، بينما وصل العدد بين كل مائة ألف ساكن أسود إلى 26 حالة وفاة.

وشهدت مدن أخرى تفاوتاً في احتمالات الوفاة بين ساكنيها بصورة تُظهر ضعف إمكانات الحصول على الرعاية الصحية اللازمة عند السود مقارنة بالبيض. ففي نيويورك، مثلاً، كانت احتمالات الوفاة بالوباء عند السود ضعفها عند البيض، بينما وصلت النسبة نفسها في شيكاغو إلى خمسة أضعاف.

وهذا الأسبوع، أشار مايكل نوتر، عمدة مدينة فيلادلفيا السابق، إلى أن وباء كوفيد 19 "أصاب وقتل الأميركيين الأفارقة بمعدلات أعلى من غيرهم، تاركاً بعض العائلات بلا عائل"، مؤكداً أنه "عندما أغلقت المدارس، كان الأطفال الأميركيون من أصل أفريقي في المدن أقل استعداداً للتحول إلى الدراسة عبر الإنترنت من الأطفال في الضواحي الغنية".

وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس السابق باراك أوباما يشير إلى أن "إصلاح منظومة العدالة غير المتساوية يُعَدّ الخطوة الأولى في سبيل تحقيق التغيير الاجتماعي المنشود"، أكدت إحصاءات وزارة العدل الأميركية أن احتمالات دخول المواطن الأسود للسجن كانت في 2016 عند السود ستة أضعافها عند البيض.

ويقول كينيث، المواطن الأسود الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة العليا، والمتزوج أميركية بيضاء، ويعيش في أحد الأحياء الراقية في ولاية ماريلاند الأميركية، إن "هناك احتمالاً ضعيفاً جداً لأن تكمل حياتك دون التعرض للسجن، ولو لمرة واحدة، لو كنت أسود وتعيش في أميركا".

دلالات
المساهمون