"بلومبيرغ": السعودية حذّرت مجموعة السبع من مصادرة الأصول الروسية

09 يوليو 2024
بايدن يتحدث إلى زعماء مجموعة السبع - واشنطن 24 فبراير 2023 (Getty)
+ الخط -

قالت وكالة بلومبيرغ، الثلاثاء، إن المملكة العربية السعودية حذّرت مجموعة الدول السبع G7 في وقت سابق من هذا العام من مصادرة الأصول الروسية، ملمّحة إلى أنها قد تبيع بعض ما في حوزتها من الديون الأوروبية إذا قررت المجموعة المضي قدماً في خطط الاستيلاء على ما يقرب من 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة.

وأبلغت وزارة المالية في المملكة بعض نظرائها في مجموعة السبع بمعارضتها الفكرة، التي كانت تهدف إلى دعم أوكرانيا، حيث وصفها أحد الأشخاص بأنها "تهديد مستتر". وقالت الوكالة إن السعوديين ذكروا على وجه التحديد الديون الصادرة عن الخزانة الفرنسية. وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران، كانت مجموعة السبع تستكشف خيارات مختلفة فيما يتعلق بالأصول الروسية المجمدة. ووافقت المجموعة في نهاية المطاف على الاستفادة من الأرباح الناتجة وترك الأصول نفسها، على الرغم من الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على حلفائهم للنظر في خيارات أكثر جرأة، بما في ذلك الاستيلاء المباشر.

وعارضت بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو هذه الفكرة، خشية أن تؤدي إلى تقويض العملة. وقالت "بلومبيرغ" إن موقف المملكة العربية السعودية ربما أثر على إحجام تلك الدول. ولكن المملكة نفت كل ذلك، وقالت في بيان أصدرته وزارة المالية السعودية: "لم يتم توجيه مثل هذه التهديدات. علاقتنا مع مجموعة السبع وغيرها هي علاقة احترام متبادل، ونحن نواصل مناقشة جميع القضايا التي تعزز النمو العالمي وتعزز مرونة النظام المالي الدولي".

وتقدر حيازات المملكة من اليورو والسندات الفرنسية بعشرات المليارات من اليوروهات، لكنها ربما لا تكون كبيرة بما يكفي لإحداث تأثير في الأسواق في حالة بيعها. ولا يزال المسؤولون الأوروبيون يشعرون بالقلق لأن دولاً أخرى ربما تكون قد حذت حذو المملكة العربية السعودية. وقال أحد المسؤولين السعوديين إنه ليس من أسلوب الحكومة إطلاق مثل هذه التهديدات، لكنها ربما أوضحت لأعضاء مجموعة السبع العواقب النهائية لأي مصادرة للأموال. ونقلت "بلومبيرغ" عن أحد الأشخاص قوله إن الموقف السعودي تغير بعد أن تقدمت دول مجموعة السبع باقتراح يستبعد مصادرة الأصول الروسية.

ولم يكن واضحاً إذا ما كانت المملكة العربية السعودية قد تصرفت من منطلق المصلحة الذاتية، خوفاً من أن يشكل الاستيلاء سابقة يمكن استخدامها ضد دول أخرى في المستقبل، أم كان الأمر نوعاً من التضامن مع روسيا. وحافظت الرياض وموسكو على علاقات وثيقة منذ غزو روسيا أوكرانيا، وتقودان معاً كارتل "أوبك+" لمنتجي النفط. وعلى الجانب الآخر، أقامت الحكومة السعودية علاقات مع أوكرانيا، وسافر الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى المملكة الشهر الماضي للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأياً كان دافعها، تقول "بلومبيرغ"، يسلط تحرك المملكة العربية السعودية الضوء على نفوذها المتزايد على المسرح العالمي والصعوبة التي تواجهها مجموعة السبع في حشد الدعم مما يسمى بدول الجنوب العالمي لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. وفي عهد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، وضعت الرياض نفسها بشكل متزايد قوة دبلوماسية، وقالت إنها تريد التوسط بين كييف وموسكو، وفقاً لما ذكرته الوكالة.

وفي قمة انعقدت في إيطاليا في شهر يونيو/حزيران، وبعد أشهر من المناقشات، اتفق زعماء مجموعة دول السبع على خطة يمكن من خلالها تزويد أوكرانيا بنحو 50 مليار دولار من المساعدات الجديدة. واتفقت الدول الأعضاء السبع والاتحاد الأوروبي على منح المبالغ لأوكرانيا، على أن يتم سدادها باستخدام الأرباح الناتجة عن استثمار الأموال الروسية المجمدة، والتي تبلغ قيمتها حوالي 260 مليار يورو (280 مليار دولار)، والموجود معظمها في أوروبا. ومن المتوقع أن تدر هذه الأموال ما بين 3 و5 مليارات يورو سنوياً.

وتعكف مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على وضع اللمسات الأخيرة على آليات الخطة، التي يأمل بعض دول الاتحاد الأوروبي أن تكون خطوة نحو تحقيق المزيد من الاستفادة من الأصول الروسية. ومن المرجح أن ترتفع مثل هذه الدعوات كلما طال أمد الحرب وتزايدت تكاليف إعادة الإعمار في أوكرانيا.

والمملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، ويمتلك بنكها المركزي احتياطيات أجنبية صافية تبلغ 445 مليار دولار. ويمتلك صندوق الثروة السيادية أيضاً ما يقرب من تريليون دولار من الأصول، وفقاً لبيانات "بلومبيرغ". ولا يقوم البنك المركزي السعودي، ولا صندوق الثروة، بتقسيم الأصول الأجنبية حسب العملة أو البلد. لكن الجزء الأكبر من حيازاتهما مقوم بالدولار، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية وبعض الجهات الحكومية في الولايات المتحدة وأوروبا. وتمتلك المملكة العربية السعودية حالياً نحو 135 مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية، وفقًا لأحدث البيانات.

وشكك اثنان من الأشخاص الذين تحدثت إليهم "بلومبيرغ" في مصداقية التهديد السعودي، مشيرين إلى أنه لم يكن هناك تحرك يذكر بعيداً عن عملات مجموعة السبع عندما جرى تجميد الأصول الروسية لأول مرة، بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022. وقالا إنه لا يوجد الكثير من البدائل الموثوقة أمام دولة الخليج للاستثمار خارج عملتي الدولار واليورو.

وتبيع المملكة العربية السعودية نفطها بالدولار، مما يعزز مكانته كعملة احتياطية رئيسية في العالم. وعلى الرغم من التكهنات واسعة النطاق بتحول بعض الدول، خاصة مجموعة "بريكس" التي دعيت السعودية للانضمام إليها مؤخراً، إلى عملات أخرى، بما في ذلك اليوان الصيني، فقد قلل المسؤولون السعوديون باستمرار من هذه الفكرة، قائلين إن التمسك بالدولار هو أفضل شيء لاقتصاد المملكة. وتربط السعودية عملتها بالدولار، وأبقتها عند مستوى 3.75 ريالات مقابل كل دولار، منذ عقود.

المساهمون