وبحسب خطاب وجهه البنك المركزي إلى البنوك المعتمدة في الجزائر مطلع الأسبوع، فقد بدأ اعتماد معدل جديد لنسبة إعادة الحسم، بعد قرار المركزي الجزائري رفع النسبة من 3.5% إلى 3.75%، في خطوة مفاجئة عللها البنك برفع نسبة السيولة النقدية، من خلال تقليص الطلب على القروض وخفض نسبة التضخم.
وهذه هي المرة الثانية التي يقدِم فيها بنك الجزائر على مراجعة معدل نسبة إعادة الحسم في أقل من 12 شهراً، حيث أقدم المركزي الجزائري العام الماضي على خفض معدل إعادة الحسم من 4% إلى 3.5%، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2004، حيث خفضت النسبة من 5% إلى 4% ليعاود رفعها مجددا بنسبة 0.25%.
وبحسب الخبراء، فإن معدل إعادة الحسم بمثابة الفائدة التي يحسم بها البنك المركزي الأوراق المالية، والتي تقوم باقتطاعها البنوك التجارية للحصول على احتياطات نقدية جديدة تستخدمها لأغراض الائتمان ومنح القروض للمتعاملين معها من الأفراد والمؤسسات، وتعد من أقدم الأدوات التي استخدمتها البنوك المركزية لرقابة الائتمان.
ووفق خبراء في القطاع المصرفي، فإنه عندما يلجأ البنك المركزي إلى إعادة الحسم، فإن البنوك التجارية تلجأ عادة بدورها إلى رفع معدل حسمها للأوراق المالية، كما ترفع سعر الفائدة على قروضها الممنوحة، ما ينتج عنه انخفاض في طلب القروض من عملائها، لأن كلفة الاقتراض تصبح مرتفعة، وهو ما يسعى إليه البنك المركزي الجزائري.
ويقول الخبير المصرفي جمال نور الدين، إن اللجوء إلى هذا الإجراء له مبرراته، وأبرزها تقليص نسبة التضخم التي بلغت 7%، ذلك عن طريق تقليص الكتلة النقدية، كون رفع سعر الفائدة يجعل الوحدات الاقتصادية تقدم على الإقراض بشكل أقل، وهذا ما يجعل كمية النقود وسرعتها أقل.
ويضيف الخبير الجزائري لـ"العربي الجديد"، أن السبب الرئيسي وراء لجوء بنك الجزائر المركزي إلى رفع معدل إعادة الحسم بطريقة مفاجئة وسريعة، هو أن سعر الفائدة ما بين البنوك لأجل شهرٍ والتي تؤثر على سعر إعادة الحسم، قد ارتفعت من 0.98% منتصف السنة الماضية إلى 2.6% بداية السنة الحالية، وهو ما يعكس ارتفاع كلفة الإقراض بين البنوك، بسبب نقص الأموال المودعة من طرف الحكومة المنخفضة جراء انهيار مداخيل البلاد من العملة الصعبة.
ويتبين بأن إقدام البنك المركزي على رفع معدل إعادة الحسم للمرة الثانية خلال عام، ما هو إلا اعتراف ضمني من الحكومة الجزائرية بعدم تمكنها من التحكم في نسبة التضخم التي توقعتها بين 3 و4% عند وضع موازنة سنة 2017.
أما الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، فيرى أن سعر إعادة الحسم يؤثر في عرض النقد، كما يؤثر على متغيرات أخرى، كالاستثمار والاستهلاك والناتج الداخلي الخام، إلا أنه وفي الظرف الحالي تبقى خطوة المركزي الجزائري ليست الطريقة الصحيحة لكبح ارتفاع التضخم، وبحسب الخبير، فقد تترتب عن هذا الإجراء انعكاسات سلبية على الاستثمار، لأن معدل الاقتراض سيرتفع في مقابل تراجع النشاط الحكومي المنتج جراء سياسة التقشف المعتمدة في البلاد.
ويقول لـ"العربي الجديد"، إن قرار البنك المركزي الجزائري يندرج في إطار الحلول الظرفية، إذ كيف يمكن خفض معدل إعادة الحسم بـ0.5%، ثم بعد 12 شهراً يرفع المعدل، ما يدل على أن القرار الأول كان خاطئاً، مضيفاً أن هذا القرار الجديد قد يكون خاطئاً أيضاً، لافتاً إلى أن المركزي الجزائري لم يستشر البنوك قبل اتخاذ القرار.