صعوبات أمام تطوير السكك الحديدية في السودان

17 أكتوبر 2017
أمال بعودة النشاط الاقتصادي بعد رفع العقوبات (Getty)
+ الخط -

تدهور قطاع السكك الحديدية في السودان خلال السنوات الأخيرة، رغم الخطط التي أعلنتها الحكومة لتطوير هذا المرفق الحيوي في ظل عدم القدرة على شراء عربات جديدة أو جلب قطع الغيار بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية التي تم إلغاؤها، مؤخراً. وسكك حديد السودان أطول شبكة في أفريقيا بنحو 5978 كيلومتراً تمتد شمالاً (حلفا، بورتسودان، عطبرة، الخرطوم) والوسط (الخرطوم، مدني، سنار، الدمازين) وغرباً حتى مدينة "واو" بدولة جنوب السودان.

ورفعت الحكومة عدة شعارات لإصلاح الشبكة منها "لا بديل لسكة الحديد إلا سكة الحديد"، إلا أن كل خططها لم تنجح. وكانت سكة الحديد تنقل للموانئ كل أقطان السودان ومعظم المحاصيل الزراعية الأخرى كالذرة والسكر بالإضافة إلى الماشية والأسماك، وبلغ عدد العاملين فيها إلى 36 ألف فردٍ في تخصصات مختلفة من موظفين ومحاسبين وعمال، حسب تقارير رسمية.
وأكد خبراء نقل واقتصاد لـ "العربي الجديد" صعوبة تطوير القطاع رغم رفع الحظر والشراكات التي تسعى لها الحكومة مع العديد من الدول بهدف تحديث السكك الحديدية.

وأوضحوا أن القطاع يحتاج إلى عربات حديثة تعمل بكفاءة من دول مختلفة مثل أميركا واليابان وبلجيكا. وقال الخبير الاقتصادي إبراهيم سعد لـ "العربي الجديد" إن الإهمال لعب دوراً كبيراً في القضاء على القطاع إلى جانب سياسة الخصخصة واختيار قيادات غير مؤهلة ذات خبرات ضعيفة لإدارة الهيئة. ويرى أن العقوبات ليست مبرراً لتدهور القطاع وإنما تخلف الجهات المختصة عن أداء واجباتها وتذليل العقبات. وأضاف سعد أن السكة الحديد تحتاج الكثير من الأموال، موضحاً أن رفع الحظر لن يساهم بمفرده في تحريك القطاع.

ولكن الخبير في مجال النقل أحمد دسوقي دعا خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إلى العمل على تطوير الخطوط عبر الاستعانة بالخبراء وإعداد دراسات متأنية تشمل علاج أوجه القصور بالشبكة.
ووفقاً لعضو لجنة تقييم خسائر قطاع النقل بابكر محمد توم لـ "العربي الجديد" فإن هناك دراسات في عدة لجان حكومية لتحديد حجم الخسائر ووضع معالجات لها من أجل إعادة القطاع سيرته، ولكنه أشار إلى الأثر السيئ للحظر الأميركي الذي تحطمت فيه السكك الحديدية.
وسعت الحكومة خلال الفترة الأخيرة إلى تطوير السكك الحديدية عبرالاتجاه شرقاً نحو آسيا وخاصة الصين واستوردت عدداً من قطارات الركاب والبضائع، إلا أن القطاع ما زال يعاني من تحديات عديدة بعد إهماله طوال السنوات الماضية.


وقال رئيس القطاع الاقتصادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم الماحي خلف الله لـ "العربي الجديد" إن كل القطاعات تأثرت إبان فترة الحصار الاقتصادي وبنسب متفاوتة حيث تراجعت فرص قطاع النقل الذي حرم من استيراد قطع الغيار.

وأكد أن الحظر على السودان منع السكة الحديد من أن تلعب دورها الداخلي كما في السابق مما أدى إلى رفع تكلفة نقل البضائع من مناطق الإنتاج إلى الاستهلاك.
وقال الخبير الاقتصادي أحمد مالك لـ "العربي الجديد" إن برامج الخصخصة فشلت بعد توقف المستثمرين المحليين والأجانب في الاستثمار بالقطاع الذي أصبح بلا فوائد ربحية، بالإضافة إلى عقبات التضخم وارتفاع أسعار المحروقات وهي أشياء طاردة لأي مستثمر.
ويرى الخبير الهندسي حماد عز الدين أن ما تبقى من قطارات في البلاد بحاجة إلى قطع غيار مرتفعة التكاليف من الخارج، وأكد لـ "العربي الجديد" أن رفع العقوبات قد يأتي بفوائد عبر دفع البنوك والشركات لضخ تمويلات واستثمارات في هذا القطاع.
وحسب تقارير رسمية، كانت هيئة سكك حديد السودان هي الناقل الرئيسي لصادرات وواردات البلاد حيث كانت تقل 90% منها للموانئ، وكانت وسيلة المواصلات الرئيسية داخل البلاد، ولكن أداء الهيئة أصابه الكثير من الخلل ففقدت بريقها.

وفي نهاية الثمانينات استوردت الحكومة عشر قاطرات يابانية للخطوط الرئيسية وقاطرات أميركية و105 عربات لنقل الماشية ووحدتين لنقل الركاب من نوع جديد.
كما تم ضخ 102 مليون دولار لمشروع إعادة البناء والتأهيل بتمويل من البنك الدولي والبنك الأوروبي والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وهولندا وآخرين بهدف إعادة تأهيل السكك الحديدية وبناء القدرات لتهيئة القطاع لنهضة تستهدف رفع طاقته إلى 4 ملايين طن في العام عبر صيانتها وتأهيل الخطوط ورفعها من الأحجام الصغيرة إلى الكبيرة وتغيير البنية التحتية.
وواصلت الحكومة مساعيها، إلا أن القطاع واصل تدهوره حتى وصلت نقليات البضائع حالياً إلى 500 ألف طن فقط، وتوقفت معظم قاطرات الركاب وألغيت العديد من الرحلات وتم تشريد عشرات الآلاف من العاملين.