أزمة الدولار تهدّد صناعة الأدوية في السودان

05 أكتوبر 2017
حصار على الأدوية المستوردة (ج.م لوبيز/ فرانس برس)
+ الخط -
تواجه صناعة الدواء في السودان العديد من العقبات أبرزها ارتفاع تكلفة المواد الخام وعدم توافر النقد الأجنبي، ما دعا مختصين بالمجال إلى المطالبة بتقديم تسهيلات للصناعة المحلية وزيادة قائمة حظر الأدوية المستوردة.
ويعاني السودان من أزمة في توفير الدولار في السوق الرسمية، الأمر الذي دفع المستوردين إلى اللجوء لتوفير احتياجاتهم من العملة الصعبة عبر السوق الموازية وبالتالي الحصول عليه بسعر مرتفع، ما يزيد تكلفة المادة الخام.
وفي هذا السياق، طالب رئيس غرفة مستوردي الأدوية صلاح كمبال، خلال حديثه لـ "العربي الجديد" بإرساء سياسات جديدة تضمن توطين الصناعة محليا وتذلّل الصعاب أمام المصنعين، وأبرزها توفير المواد الخام اللازمة لمصانع الأدوية المحلية. وقال مصنعو أدوية لـ "العربي الجديد" إن القرار الحكومي بإيقاف استيراد الأدوية من الخارج يأتي في مصلحة التصنيع المحلي إذا وفرت الدولة ضمانات كافية لتوفير الاحتياجات من النقد الأجنبي لاستيراد المادة الخام التي تقدّر بحوالي ستين مليون دولار سنويا، حسب تقارير غير رسمية.
أصحاب المصانع حذروا من توقف بعض المنشآت الصناعية جراء زيادة كلفتها وعدم القدرة على مواكبة تطورات الصناعة الدوائية العالمية بالإضافة إلى سياسات التسعير وفرض الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة لإنتاج الدواء.
مدير مصنع، رفض ذكر اسمه، قال لـ "العربى الجديد" إن السياسات الحكومية تحتاج إلى إعادة نظر للوصول إلي نقطة التقاء تكفل للمريض الحصول علي الدواء بسعر معقول وفي نفس الوقت عدم تعرض المصانع لأضرار اقتصادية، مؤكدا أن الصناعة الوطنية صمام أمان إذا توفرت لها العملة الحرة والإمكانيات اللازمة والدعم الكافي فإنها ستوفر للبلاد احتياطيا جيدا من النقد الأجنبي لجهة ان تكلفتها أقل من المستوردة رغم أعباء العمالة والضرائب والكهرباء.
وقرر السودان الشهر قبل الماضي إيقاف استيراد الأدوية التي يوجد لها مثيل محلي، واعلن البنك المركزي ووزارة المالية التزامهما بالقرار واستيراد الأدوية المزمنة التي ليس لها مثيل بتسعيرة الدولار الرسمية (6 جنيهات).
وفى جولة ميدانية لـ "العربي الجديد" أكد عدد من أصحاب الصيدليات أن الأدوية المستوردة وبالرغم من ارتفاع أسعارها يقبل عليها المريض السوداني الذي يبتعد عن شراء الأدوية المصنعة محليا التي روّج أنها أقل جودة، مؤكدين أن المرضى لا يشترون الدواء المحلي إلا في حال عدم وجود البديل.

الصيدلي مأمون إسماعيل قال لـ "العربي الجديد" إن المريض عندما يدخل أي صيدلية، أول سؤال يوجهه يتعلق بدولة المنشأ وقوة وفاعلية الدواء، ما جعل الصيادلة يتفادون بيع الأدوية السودانية. وأضاف أن الصناعة المحلية مازالت بحاجة لعمل كبير ودراسات متأنية تضمن الاستمرار حتى تواكب وترتقي لمستوى الصناعة العالمية الفاعلة.
وأكد إسماعيل صعوبة توفر أدوية علاجية بالجودة العالمية بسبب المشاكل التي تحيط بمصانع الأدوية ما يجعلها تواجه عدم الاستقرار والمعاناة من صعوبة توفر المواد الخام وضعف المعدات والماكينات.
ومن جانبه، قال صاحب الصيدلية محمد أحمد إبراهيم لـ "العربي الجديد" إن الصناعة المحلية يجب أن تكون مطابقة للمواصفات وأن تقدم للمواطن بأسعار بسيطة. ولكنه رهن قضية التصنيع المحلي بجدية وزارة المالية والبنك المركزي في توفير المواد الخام.
ويستورد السودان سنويا أدوية تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار وفق إحصائيات صادرة عن المجلس القومي للأدوية والسموم بينما تغطي الصناعة المحلية 40% فقط من حاجة السوق المحلي ويبلغ عدد المصانع العاملة في صناعة الأدوية بالسودان حوالي 27 مصنعا تقف على إنتاج 232 صنفا من الأدوية.
أما الخبير في مجال صناعة الدواء الرشيد أحمد عباس فأكد عدم وجود صناعة دواء حقيقية في السودان، مشيراً إلى أن كل ما يتم عبارة عن عملية تركيب بعض المواد الخام المستوردة من الخارج وحتى الماكينات المستعملة في التركيب يتم استيرادها.
وقال: حتى الأدوية التي يتم تركيبها وتجميعها تباع بسعر كبير يقترب من سعر الأدوية المستوردة.
ولتخفيض الأسعار اقترح عباس إلغاء الرسوم المفروضة على الأدوية والبالغة 17%، ولاستمرارية عملية التصنيع المحلي يرى ضرورة تصنيع المواد الأولية والاستفادة من المواد الخام الكثيرة الموجودة في البلاد. وطالب عباس بالاستفادة من التجارب العالمية في صناعة الأدوية لتطوير المنتج السوداني.
المساهمون