مصدر حكومي مصري: تطبيق زيادة الوقود مساء الخميس

30 مايو 2018
الزيادة المرتقبة هي الرابعة منذ وصول السيسي للحكم(فرانس برس)
+ الخط -
كشف مصدر نيابي بارز في البرلمان المصري، نقلاً عن قيادي في الهيئة العامة للبترول، أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذت قراراً بتقديم موعد زيادة أسعار المحروقات إلى مساء الخميس، بدلاً من نهاية يونيو/ حزيران المقبل، في خطوة لخفض نسبة العجز المتوقع في الموازنة الجارية 2017 /2018، عقب ارتفاع سعر برميل النفط الخام إلى نحو 75 دولاراً عالمياً.

واعتبر المصدر أن الحكومة اتخذت القرار منفردة، من دون العودة إلى البرلمان أو استشارته، وهو تكرار لما حدث حيال الزيادتين الأخيرتين في أسعار الوقود، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "إجراء غير دستوري" قبل تصويت مجلس النواب على الموازنة الجديدة، على اعتبار أن الزيادة مرتبطة بخفض مخصصات الدعم في الموازنة، وهو ما يستلزم موافقة النواب عليها أولاً.

وكان المتحدث باسم البرلمان المصري، صلاح حسب الله، قد رجح، في تصريحات يوم الثلاثاء الماضي، تحريك أسعار الوقود عقب إقرار الموازنة الجديدة للدولة، والمقرر العمل بها اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل، مضيفاً أن "توقيت اتخاذ القرار، ونسبة الزيادة، يعد حقاً أصيلاً للسلطة التنفيذية".

وأفاد المصدر النيابي بأن الحكومة الحالية تعلم جيداً "استحالة" رفض مجلس النواب للموازنة الجديدة، كون الأغلبية الكاسحة للبرلمان موالية لها، مبيناً أن قرار زيادة المحروقات حظي بالطبع على موافقة رئيس الجمهورية، حتى تتزامن مع بدء شهر يونيو/ حزيران، من دون اعتبار لما يتحمله المواطنون من أعباء في النفقات خلال شهر رمضان.



وأبدى المصدر استغرابه من شروع الحكومة في اتخاذ قرار الزيادة، قبل يومين فقط من إلقاء السيسي لليمين الدستورية عن فترته الرئاسية الثانية أمام مجلس النواب، صباح السبت المقبل.

وفي وقت سابق، رجحت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" ارتفاع سعر بنزين (أوكتان 92) من 5 جنيهات إلى 7 جنيهات (0.39 دولار) للتر، على أن يرتفع مرة أخرى إلى 9 جنيهات قبل نهاية السنة المالية الجديدة التي تنقضي بنهاية يونيو/حزيران 2019، والتي بلغت تقديرات دعم المواد البترولية بمشروعها نحو 89.1 مليار جنيه (5 مليارات دولار) مقابل ‏‏110.1 مليارات جنيه (6.2 مليارات دولار) للعام الحالي، بخفض قدره 21.73 مليار جنيه.

ويرى مراقبون أن ارتفاع أسعار الوقود سيتبعه بالضرورة زيادة كبيرة في أسعار جميع السلع والخدمات، بما لا يتناسب مع دخول الفقراء، ومحدودي الدخل، وأصحاب المعاشات، الذين يمثلون الشريحة الكبرى من المصريين، وهو ما يهدد باندلاع موجات غضب شعبي جديدة، ستقابلها في الأرجح حملة اعتقالات موسعة للمعارضين، على غرار ما حدث إبان زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق في 11 مايو/ أيار الجاري.

إلى ذلك، نشرت جميع الصحف المصرية، سواء الحكومية أو الخاصة، صباح الأربعاء، تقريراً موزعاً من وزارة البترول عن التكلفة التي تتحملها الدولة نتيجة استيراد المنتجات البترولية عند سعر 75 دولاراً لبرميل النفط، الذي أفاد بأن بنزين (أوكتان 92) المباع بسعر 5 جنيهات للتر يصل سعر استيراده إلى 10.84 جنيهات، بفارق يبلغ 5.84 جنيهات للتر، بما يكلف الخزانة العامة نحو 10.225 مليارات جنيه سنوياً.

كذلك أظهر التقرير أن سعر استيراد وحدة البوتاغاز نحو 175.3 جنيهاً، بفارق 145.2 عن سعر الوحدة المباعة للاستخدام المنزلي بقيمة 30 جنيهاً، بما يحمل موازنة الدولة نحو 26.571 مليار جنيه، بينما يستحوذ السولار على الحصة الكبرى من الدعم بقيمة 50.782 مليار جنيه، لارتفاع تكلفة استيراد اللتر إلى 11.14 جنيهاً، في حين أنه يباع محلياً بسعر 3.65 جنيهات.


وبحسب التقرير الرسمي، فإن البنزين (أوكتان 80) ارتفع تكلفة استيراده إلى 9.66 جنيهات للتر، بفارق 6.06 جنيهات عن سعر بيعه المحلي بواقع 3.65 جنيهات، وهو ما يحمل الدولة ما قيمته 12.532 مليار جنيه، فيما بلغت كمية المازوت المستورد 0.66 مليون طن، بسعر استيراد يصل إلى 8098 جنيهاً للطن، في مقابل 2510 جنيهات للطن محلياً، الأمر الذي يحمل الدولة نحو 3.688 مليارات جنيه.

وعنونت صحيفة "الشروق" اليومية "125 مليار جنيه حجم فاتورة دعم الوقود حتى الآن"، وكتبت صحيفة "الوطن" "تكلفة لتر بنزين 92 تصل إلى 10.84 جنيهات.. والدولة تدعم بنزين 80 بـ 12.5 مليار جنيه سنوياً"، ونشرت صحيفة "الدستور" تقريراً حمل عنوان "زيادة الأجور والمعاشات لعلاج آثار تحريك أسعار الوقود".

بدورها، أذاعت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" الرسمية خبراً مفاده بأن الدولة تدعم الوقود بنحو 104 مليارات جنيه سنوياً، وأفردت صحيفة "أخبار اليوم" الحكومية لتحقيق بعنوان "الإصلاح له ضريبة.. لماذا مصر مضطرة لرفع أسعار الوقود؟"، ونشرت بوابة "روز اليوسف" الإلكترونية "إنفوغراف"، تحت عنوان "تعرف على الأسعار الحقيقية للبنزين والسولار والبوتاجاز؟".

كذلك، كتبت بوابة "الفجر" الإلكترونية: "بالتفاصيل.. 103.798 مليارات جنيه قيمة دعم الدولة للمنتجات البترولية"، وصولاً إلى صحيفة "الوفد" الحزبية، التي كتبت في صدر صفحتها الأولى: "256 مليار جنيه خسائر دعم الوقود سنوياً.. دعم البنزين أموال مهدرة تضرب مفاصل الاقتصاد.. وتصب في صالح الأغنياء".

وكان لصحيفة "اليوم السابع"، وموقعها الإلكتروني، حصة الأسد، بوصفها مملوكة بشكل مباشر لشركة استخباراتية، إذ نشرت العديد من التقارير الاستباقية لقرار زيادة الأسعار، ولعل أبرز عنوانيها: "كل دولار زيادة في سعر برميل البترول يكلف الموازنة 3 مليارات جنيه"، و"نار دعم البترول تلتهم دعم الغلابة"، و"برلمانيون يتفقون على ضرورة رفع الدعم عن البنزين"، و"كيف يؤثر ارتفاع سعر البترول عالمياً على فاتورة دعم الوقود؟".

وقدرت الحكومة سعر البرميل في موازنة العام المالي الجديد (2018 /2019) بنحو 67 دولاراً، وهو ما يقل كثيراً عن متوسط الأسعار العالمية أخيراً، في وقت يشهد فيه الشارع المصري حالة من الارتباك بعد انتشار أنباء متواترة قبيل "كل خميس" عن قرب زيادة أسعار الوقود، وهو ما يدفعهم للتزاحم أمام محطات الوقود في المحافظات المختلفة.


وتعد الزيادة المرتقبة في سعر الوقود الرابعة منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم في يونيو/حزيران 2014، إذ كانت الأولى في يوليو/ تموز من ذلك العام، بنسب اقتربت من الضعف، والثانية في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت بين 30% و47%، ثم جاءت الزيادة الأخيرة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي بنسب تصل إلى 55%.

تجدر الإشارة إلى موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من قرضه المقدم إلى مصر، والبالغ إجماليه 12 مليار دولار على 6 دفعات، في ضوء استجابة حكومة السيسي لاشتراطات الصندوق، والمضي قدماً في خطة تحرير دعم الوقود والكهرباء بنهاية يونيو/حزيران 2019، وهو قد يضطرها إلى رفع أسعار الوقود مرتين خلال العام المالي المرتقب (2018 /2019).

واضطرت حكومة السيسي إلى تعديل نسبة العجز المتوقع في موازنة العام المالي (2017 /2018)، الذي ينقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل، إلى 10%، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وصعود أسعار الفائدة مجدداً، بما يشكل ضغطاً على الأعباء التمويلية للموازنة، وذلك بعد أن كانت ثد تعهّدت بعجز قدره 9.1% خلال مناقشتها للموازنة الجارية أمام البرلمان.

المساهمون