العام الدراسي الجديد في اليمن مهدّد: رواتب مقطوعة وميزانيات فارغة وتكاليف عالية

16 سبتمبر 2017
4.5 ملايين طفل مهددون بالحرمان من التعليم (الأناضول)
+ الخط -
تركت الأزمة الاقتصادية في اليمن، تداعيات خطيرة على مختلف المجالات ومنها التعليم، ويهدد توقف الرواتب لنحو 166 ألف معلم منذ 12 شهرا بعدم انتظام العام الدراسي الجديد المقرر أن يبدأ يوم 25 سبتمبر/أيلول الجاري. ويقول المعلمون إنهم لا يستطيعون توفير تكاليف المواصلات إلى المدارس، وإن كثيرين اتجهوا إلى أعمال أخرى لتوفير لقمة العيش.

ولا تقتصر تداعيات توقف الرواتب على المعلمين فحسب؛ فنحو مليون موظف حكومي بدون رواتب وقد لا يستطيعون تحمل الأعباء المالية للدراسة، ومعظم الآباء توقفت مصادر دخلهم مما يهدد بعدم قدرتهم على إلحاق أولادهم بالمدارس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المدارس الحكومية بدون ميزانيات تشغيلية وعاجزة عن استقبال الطلاب، والوزارة المعنية لا تمتلك تكاليف طباعة الكتاب المدرسي.

وأعلنت مبادرة "التعليم من أجل السلام" في اليمن، 8 سبتمبر/أيلول، أن قرابة 5 ملايين طالب معرضون للتوقف عن الدراسة، بسبب استمرار انقطاع المرتبات وغياب الكتاب المنزلي والمستلزمات المنزلية من جهة، ومن جهة أخرى التدخل في العملية التعليمية من خلال تغيير المناهج وفقاً لبعض المذاهب، وتعرض عدد كبير من المدارس للتدمير خلال الصراع.

أزمة رواتب المعلمين

يضع انقطاع المرتبات عن آلاف المعلمين في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية مناطق الحوثيين، العملية التعليمية على المحك، حيث يعاني 167 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة يمنية يمثلون قرابة 73 % من إجمالي الكادر التعليمي في اليمن من توقف رواتبهم منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

ووفقاً لمنظمة "يونيسف"، فإن توقف رواتب المعلمين يهدد بحرمان 4.5 ملايين طفل في اليمن من الدراسة، ويعرض 13 ألف مدرسة تمثل حوالي 78 % من إجمالي المدارس في اليمن، لخطر الإغلاق.

اتجه معلمون للبحث عن مصادر أخرى للرزق، فبعض المعلمين التحقوا للعمل في المدارس الخاصة برواتب زهيدة، لكن الغالبية تقف عاجزة وتبحث عن أعمال أخرى.
يقول عبد الملك عبد الله (مدرس) والذي أصبح عاملا في مطعم شعبي، إن "عمله الجديد يساعده على مواجهة أعباء المعيشة وتوفير الأكل لأطفاله الأربعة".
ويضيف عبدالله والذي كان يعمل قبل توقف الرواتب معلما للغة الإنكليزية، في إحدى المدارس الحكومية في تعز لـ"العربي الجديد" إنه "يشعر بالحزن لتركه طلابه منذ منتصف العام الدراسي الماضي".

وقالت دعاء محسن، معلمة في مدرسة حكومية بالعاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد": "تم الإعلان عن بدء العام الدراسي الجديد نهاية سبتمبر/أيلول، لكن من سيذهب لتدريس الطلاب، نحن لا نملك أجرة المواصلات إلى المدارس، على الوزير الذي أعلن عن انطلاق العام الدراسي أن يصرف رواتب المعلمين، أو ليضع نفسه في مكان معلم بلا راتب يقوم بتدريس فصول مكتظة بالطلاب خمس حصص يوميا".

وقبل توقف رواتبهم، كان المعلمون يتقاضون رواتب زهيدة، حيث لا يتجاوز راتب المعلم الحاصل على الشهادة الجامعية 80 ألف ريال في الشهر (220 دولاراً)، لا تكاد تكفي لمواجهة أعباء المعيشة وارتفاع الأسعار.

كلفة التعليم

وتسببت الحرب التي يشهدها اليمن منذ عامين ونصف العام، في تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين وحرمان آلاف الطلاب من الدراسة، وتزايد عدد الأطفال العاملين بمعدلات قياسية، حيث ينتشر مئات الأطفال في شوارع العاصمة اليمنية كباعة جائلين.

ويؤكد خبراء اقتصاديون وتربويون أن أسبابا اقتصادية بشكل أساسي تحرم آلاف الأطفال من الالتحاق بالمدارس، فالآباء عاجزون عن توفير مستلزمات الدراسة ورسوم المدارس وتكلفة الزي المدرسي وحتى أجرة المواصلات.

وأوضحت مبادرة خيرية تدعى "العودة إلى المدارس" أن آلاف الأطفال الأيتام والفقراء والنازحين محرومون من الذهاب للمدارس، لعدم قدرة أهاليهم على توفير الزي المدرسي والمستلزمات الدراسية.

وقالت المبادرة، في نداء للداعمين، إن توقف رواتب الموظفين يهدد آلافا آخرين بالتوقف عن الدراسة لعدم قدرة عائلاتهم على دفع تكاليفها.

وعطلت الحرب مظاهر الحياة في المدن اليمنية، وقذفت بملايين اليمنيين إلى قاع الفقر، وشردت نحو ثلاثة ملايين يمني.

الكتاب المدرسي

وتمر الحكومة اليمنية بأزمة مالية عجزت بسببها عن طباعة الكتاب المدرسي، ووجهت نداء للمانحين الدوليين، خلال يونيو/حزيران الماضي، تطلب دعمها في هذا الجانب.

ولاحقا أعلنت الحكومة عن وعود خليجية بطباعة الكتاب المدرسي للعام الجديد، وأوضحت، منتصف أغسطس/آب، أن دول مجلس التعاون الخليجي تعهدت بتقديم 10 ملايين دولار لدعم تمويل طباعة الكتاب المدرسي في اليمن.

وتمول منظمة يونيسف طباعة الكتاب المدرسي في مناطق المتمردين الحوثيين وحلفائهم من حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين ونصف.

تهديدات بتوقف الدراسة

وأوضح الباحث ومدير الإعلام بمركز الدراسات والإعلام التربوي، طاهر الشلفي، أنه في ظل وضع الحرب الذي يشهده البلد يمر قطاع التعليم بمنعطف خطير وتهديد فعلي بتوقف العملية التعليمية تماما، في ظل غياب وتوقف صرف الاعتمادات المالية التشغيلية لكافة جوانب العملية التعليمية.

وقال الشلفي لـ"العربي الجديد" إن "مايقارب 200 ألف معلم يمثلون 75% من إجمالي المعلمين يعيشون بلا مرتبات منذ ما يقارب العام، مما يشكل تهديدا قويا للعام الدراسي، فضلا عن تداعيات الأزمة الاقتصادية بشكل عام ومنها العجز عن طباعة الكتاب المدرسي".

وأشار الباحث اليمني إلى توقف الميزانية التشغيلية للمدارس الحكومية، وتداعيات ذلك في العجز عن التهيئة الجيدة للمدارس مع بداية العام من عملية تنظيف وترميم للمقاعد أو للمباني.

تظهر الإحصائيات الرسمية قبل الحرب، وجود فجوة كبيرة في التعليم باليمن، حيث يوجد أكثر من (661) مدرسة فيها أكثر من 250 ألف طالب يدرسون في العراء تحت الشجر وفي فصول من الصفيح، بحسب إحصائية لوزارة التربية والتعليم اليمنية 2013، فكيف الحال الآن وسط اشتعال الحرب ووجود الكوليرا.


المساهمون