شكوك في أرقام السيسي عن اقتصاد الجيش

26 أكتوبر 2016
السيسي يقلّل من مشاركة الجيش في الأنشطة الاقتصادية (Getty)
+ الخط -



أثارت أرقام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول حجم المشاركة الضعيف للجيش في الاقتصاد والموازنة المنفصلة، انتقادات من مراقبين، وخاصة أنها تتضارب مع تقارير رسمية ودولية كشفت عن توسعات هائلة للجيش في العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية واستحواذه على مشروعات كبرى، خاصة في مجال البنية التحتية، التي تقدر كلفتها بمليارات الدولارات، إضافة إلى قيام الحكومة بالاقتراض لصالح صفقات عسكرية، ما يؤكد عدم صحة حديث السيسي حول اعتماد الجيش على إيرادته الخاصة للإنفاق على كامل أنشطته.

وقال السيسي، أمس، في مؤتمر للشباب عقد في شرم الشيخ (شمال شرق): "إن الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية تعادل ما بين 1 إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وإن الجيش لا يتطلع لمنافسة القطاع الخاص".

ووعد السيسي بإحياء الاقتصاد بعد أن تولى منصبه في 2014 واستعان بالقوات المسلحة للمساعدة في مشاريع رئيسية للبنية التحتية وتوزيع سلع أساسية مدعومة لكبح أسعارها المتزايدة.

وتتعارض أرقام السيسي حول مساهمة الجيش في الاقتصاد المصري مع انتقادات رجال أعمال بارزين وممثلي منظمات ممثلة للقطاع الخاص، ومنها اتحاد الصناعات والغرف التجارية، لتنامي دور الجيش الاقتصادي وتأثيراته السلبية على القطاع الخاص.

وقال رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الألمانية، إن "مساحة سيطرة الجيش على السوق تراوح بين 10% إلى 20% وليس أكثر"، وهو ما يتناقض مع ما أعلنه السيسي، حسب المراقبين.

كما أكد رئيس لجنة الضرائب بمجلس إدارة اتحاد الصناعات محمد البهي، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن هناك تخوفات كبيرة لدى القطاع الخاص من السياسات التي تقوم بها الدولة الآن وتفضيل الجيش في كافة المشروعات الاقتصادية.
وكان تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أكد أن الجيش المصري يسيطر على 60% من اقتصاد البلاد.



وحسب تقرير لموقع "إيميرغينغ ماركيتس" العالمي، صدر أخيراً، فقد أكد أن سيطرة المؤسسة العسكرية في مصر على الاقتصاد الوطني تعد العقبة الكؤود التي تعرقل تحرره، قائلاً إنه يتعيّن على السيسي أن يضع حداً لتلك الهيمنة كي يضخ الدماء مجدداً في شرايين الاقتصاد المتأزم منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.

وأضاف الموقع المعني بالشأن الاقتصادي في الدول الناشئة أن الجيش كان ولا يزال لاعباً أساسياً في الاقتصاد المصري منذ عقود، لكن دوره السياسي المتنامي يعني وصولاً أكبر له إلى الشؤون الاقتصادية المدنية في الوقت الحالي.

وساعدت الحكومات المتعاقبة عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز عام 2013، على توسيع الجيش لأنشطته العسكرية عبر قرارات تمنحه مزيداً من مشروعات الطرق والخدمات وغيرها، كان آخرها الأسبوع الماضي، عندما وافق مجلس الوزراء على قيام الشركات والوحدات والجهات التابعة لوزارتي الإنتاج الحربي والكهرباء بالتعاقد في ما بينهم بالأمر المباشر، في مجالات مختلفة، منها تصنيع وتوريد الموصلات الكهربائية ولوازم خطوط نقل الكهرباء من الأبراج والكابلات وإنشاء محطات إنتاج طاقة شمسية وغيرها.

وقال السيسي، أمس، إن "القوات المسلحة في مشروعاتها الاقتصادية بتتراقب من الجهاز المركزي للمحاسبات.. القوات المسلحة بتدفع ضرائب زيها زي الكل". وهو ما يتنافى مع الواقع، حيث إن المؤسسة العسكرية لا تسدد ضرائب على أنشطتها الاقتصادية والاستثمارية.

كما تتناقض مع العديد من الإجراءات الحكومية، ومنها قرار أصدره، أخيراً، وزير الدفاع المصري صدقي صبحي، بإعفاء عدد من الدور والفنادق والنوادي والشقق والفيلات والساحات التابعة للقوات المسلحة من الضريبة العقارية.

وأشار السيسي خلال مؤتمر الشباب، إلى أن القوات المسلحة تمول مشترياتها من الأسلحة والعتاد من ميزانيتها الخاصة، قائلا "تسليح الجيش.. كل المعدات اللي بتيجي دي من قدرات الجيش الاقتصادية".

وعلى عكس هذه التصريحات، وافق مجلس النواب المصري في مارس/آذار الماضي، على قرار رئاسي بشأن توقيع اتفاقية اقتراض مع مجموعة من البنوك الفرنسية، بضمان وزارة المالية، وبمبلغ 3 مليارات و375 مليون يورو، تمثل نسبة 60% من قيمة أربعة عقود لتوريد معدات تسليح، أي أن الحكومة هي التي ستتحمل عبء رد القرض.

كما أن الموازنة المصرية شهدت زيادة في مخصصات الأجهزة الأمنية، ومنها الجيش.
وتوسعت القوات المسلحة على مدى العامين الماضيين في السيطرة الاقتصادية والاستحواذ على مشروعات طرق وطاقة وبنية تحتية وتولي مهام للسلع التموينية وبيع مواد غذائية رخيصة للحد من ارتفاع الأسعار، حسب تعليمات السيسي.

وقال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، في مقابلة تلفزيونية، إن دور الجيش في الاقتصاد سيتقلص في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام.

كان السيسي قد تعهد بإنعاش الاقتصاد المصري بعد تسلمه السلطة في 2014 ودعا الجيش إلى تقديم يد العون لاحتواء الأسعار.

وعلى مدى العام المنصرم انتشرت شاحنات الجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة، وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.

المساهمون