أزمة العمالة في الخليج

05 ديسمبر 2016
معظم العمالة الوافدة لدول الخليج غير مدربة
+ الخط -

 


هناك مشكلة كبيرة تتعلق بسياسة توظيف العمالة في دول الخليج بلا استثناء، وفي مدي الاعتماد على هذه العمالة في صنع نهضة اقتصادية وتنموية مستقبلية، وهذه المشكلة لا تتعلق فقط بالعاملين بالجهاز الإداري والمصالح الحكومية بدول المنطقة، بل بنوعية الموظفين حتى بين هؤلاء العاملين في شركات القطاع الخاص.

ليس الحديث هنا عن المخاطر الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن غزارة عدد العمالة الأجنبية الوافدة داخل منطقة الخليج، ولا عن ضخامة تحويلات هؤلاء للخارج التي تزيد عن 100 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل ضغطاً شديداً على موازنات هذه الدول في ظل المعاناة التي تمر بها حالياً بسبب تهاوي أسعار النفط وفقدانها نحو 60% من قيمتها، لكن الحديث هنا عن نوعية هذه العمالة ومدى قدرتها على تلبية خطط التنمية المستقبلية التي حملت عناوين عدة منها رؤية 2030، ورؤية 2025.

ونظرة سريعة لخريطة العمالة داخل الخليج نلحظ بداية أن هناك سيطرة للعمالة الأجنبية الوافدة على مؤسسات حساسة مثل القطاع المالي والمصرفي كالبنوك وشركات المال والتأمين وإدارة المحافظ المالية والسمسرة، وكذا داخل المؤسسات الخدمية كالمستشفيات ودور الرعاية الصحية وغيرها.

وهناك توسع كبير داخل منطقة الخليج في الاستعانة بالعمالة الأجنبية غير المدربة ضعيفة الخبرة والتعليم قليلة الكفاءة، ربما بسبب قلة تكلفتها وتدني أجورها، مع الإشارة هنا إلى أن هذه الظاهرة لا تتركز فقط في السعودية التي يوجد بها نحو 10 ملايين من العمالة الوافد أغلبها من الهند والفلبين وباكستان وبنغلادش واندونيسيا وسريلانكا، بل تنتشر في دول الخليج الست.

فالأرقام تشير إلى أن العمالة الوافدة تشكل أغلبية القوى العاملة في جميع دول الخليج الست، حيث يزيد حجمها عن 17 مليون فرد، يرتفع الرقم إلى 23 مليون فرد بعد إضافة أسرهم، ويعادل هذا الرقم نصف سكان الخليج، فضلًا عن كون هذه العمالة تمثل غالبية السكان في 4 دول هي: الكويت والإمارات والبحرين وقطر.

في المقابل هناك تركز شديد للمواطنين الخليجيين في الوظائف الحكومية، وهو ما يترتب عليه حرمان أغلبهم من الاحتكاك بالعمل الخاص واكتساب المهارات والخبرات الحديثة في مجال الإدارة والموارد البشرية،

وهناك أيضا ظاهرة التوارث الوظيفي خاصة في الشركات العائلية، وربما لا تختلف منطقة الخليج في هذا عن السلوك عن المتبع في كل دول المنطقة العربية.

العمالة في الخليج بشكلها وتركيبتها الحالية لا تشجع سياسة التنوع الاقتصادي التي تتبناها الدول الست حاليا والرامية لتنويع الاقتصاد وزيادة الاعتماد على قطاعات مدرة للنقد الأجنبي مثل الصناعة والصادرات غير البترولية والخدمات كالسياحة والنقل والصحة والمال وغيرها.

ومع الحديث عن تطبيق دول الخليج سياسة عدم الاعتماد على النفط كمصدر شبة وحيد للإيرادات العامة والدخل القومي يصبح الحديث عن مستقبل العمالة داخل المنطقة بالغ الأهمية.

إذا أرادت حكومات الخليج نجاح مرحلة ما بعد نفاد النفط وتنويع مصادر إيراداتها، فعليها إعادة النظر في سياسة العمالة القادمة من الخارج بحيث تكون كفوءة ومدربة تدريباً عالياً وتصلح للالتحاق بالقطاعات الواعدة التي تراهن عليها الاقتصادات الخليجية، وإقناع المواطنين بأهمية القطاع الخاص وضرورة الالتحاق به باعتباره قائد التنمية في المرحلة المقبلة.

وإذا أرادت الحكومات الخليجية انجاح سياسة التغلب على مرحلة ما بعد نفاد النفط وتنويع مصادر إيراداتها فعليها إعادة النظر كاملة في سياسة العمالة سواء القادمة من الخارج بحيث تكون كفئة ومدربة تدريبا عاليا وتصلح للالتحاق بالقطاعات الواعدة التي تراهن عليها الاقتصاديات الخليجية أو إعادة النظر في عمالة المواطنين بحيث يتم اقناعها بالقطاع الخاص.

 

المساهمون