ماكرون في الصين بحثاً عن صفقات ضخمة للشركات الفرنسية

04 نوفمبر 2019
ماكرون يسعى للتحدث مع الصين باسم أوروبا (Getty)
+ الخط -
يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، 4 نوفمبر/تشرين الثاني، بزيارته الثانية إلى الصين، وتستمر ثلاثة أيام. وليس سرا على أحد أن السوق الصينية الضخمة، والتي لا تزال عصيّة، تثير لعاب الشركات الفرنسية وفلاحيها، وخاصة، قطاع لحوم الخنازير. 

إذن فالهمّ الاقتصادي هو المحرّك الكبير لهذه الزيارة الهامة، وأكبر دليل على هذا الهم، بدء الرئيس ماكرون والوفد الضخم المرافق له، الزيارة من مدينة شنغهاي، حيث سيفتتح مع الرئيس الصيني وضيوف دوليين عديدين، "المعرضَ الدولي للواردات"، في نسخته الثانية، والذي تريد منه الصين كشف وجهها أمام العالَم، وهو ما يأملُ منه الفرنسيون تشجيع الصينيين على الإقبال على المنتجات الفرنسية، خصوصاً أن العجز التجاري يميل لصالح الصين، منذ فترة طويلة. ووصل العجز التجاري الفرنسي مع الصين إلى 29.2 مليار يورو (32.3 مليار دولار تقريبا)، سنة 2018.

ولكن الصينيين، الذين يستغلون عجز الأوروبيين المزمن عن التكلم بلسان واحد، ومعرفتهم الوضعية الحرجة التي يعيشها الاتحاد الأوروبي، بسبب "بريكست"، وأفول نجم أنجيلا ميركل، وأيضا صعوبات الرئيس الفرنسي الداخلية، لن يمنحوا الرئيس الفرنسي الهالة التي كان يتصورها، باعتباره المدافع عن المصالح الأوروبية، وهكذا سيكون الاستقبال والنتائج على مستوى الأهمية، التي تحظى بها فرنسا ورئيسها في اتحاد أوروبي، تتخلله خلافات عديدة.

وفيما يخص الصفقات الاقتصادية بين البلدين، فلا يُنتَظر كثير منها أثناء هذه الزيارة، التي تستمر ثلاثة أيام، فقد أُعلن عن كثير منها أثناء زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا، في الربيع الماضي، وخاصة طائرات إيرباص، في حين أن الاتفاق حول شراء محطة إعادة المعالجة، لا يزال بعيدا، رغم مفاوضات طويلة، ولا يزال الصينيون مصرّين على دفع مقابل أقل مما يطالب به الفرنسيون.

وعلى الرغم من الاتفاقات السابقة فلا يزال الفرنسيون يأملون في توقيع اتفاقات حول الطائرات، مما يدعم الأسطول الجوي الصيني، خصوصاً وأن عدد السياح الصينيين في ازدياد، ثم الملف النووي، وثالثاً، ملف الفلاحة، حيث تريد فرنسا أن تنفتح السوق الصينية أمام اللحوم الفرنسية، وخاصة لحم الخنزير، بعد الاتفاق حول لحم البقر، مستغلة وباء حُمّى الخنازير الذي يضرب لحم الخنزير الأفريقي.


ولن يدافع ماكرون عن المصالح الفرنسية فحسب، بل هو يريد، في غياب أنجيلا ميركل، أن يلعب الورقة الأوروبية، التي تترنح أمام لامبالاة الصين، القوة الاقتصادية العالمية الثانية.     

وهكذا سيحرص الرئيس الفرنسي في كلمته، غدا الثلاثاء، كما فعل في باريس في حضور المستشارة الألمانية ورئيس المفوضية الأوروبية، على إقناع الصينيين بالانخراط في تنافس تجاري شريف ونزيه، يخضع للقوانين والإكراهات الدولية، كما تقرها منظمة التجارة العالمية.

ويشكو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية من إقدام الصين على منح شركاتها الوطنية مساعدات، تجعلها قادرة على سحق كل خصومها الدوليين في السوق الوطنية الصينية.

كما سيجدد الرئيس ماكرون رغبة الاتحاد الأوروبي في حماية العديد من المواد، وبينها منتجات فرنسية عديدة، من التزوير، وبالتالي من قدرتها التنافسية في العالَم. وسينقل إلى القيادة الصينية شكاوى الأوروبيين من كون السوق الصينية تحكمها كثير من القوانين الوطنية الصينية، وحيث المستهلك الصيني، مطبوعٌ بالحس الوطني (الشوفيني).


يعرف الرئيس ماكرون أن الصينيين مفاوضون محنكون، وهو ما يعني منح الوقت الكافي لإبرام أي اتفاق، ولكن تفاؤل الرئيس الفرنسي يجعله يأمُلُ في توقيع اتفاق مع الصينيين حول "حماية العلامات التجارية". ويأمل، جديّاً، أن يعود بهذا الفوز، خلال هذه الزيارة، ويحقق إنجازا كبيرا.

إذن فالرئيس الفرنسي يريد في هذه الزيارة، أن يكون الناطق باسم الاتحاد الأوروبي، العزيز على قلبه، انسجاماً مع موقفه السابق، أثناء زيارة الرئيس الصيني لفرنسا، حين دعا للقاء مشترك فرنسي ألماني صيني وأوروبي، في الإليزيه، وهو ما أراد منه، حينئذ، إظهارَ نوع من الوحدة الأوروبية في مواجهة التنين الصيني.

كما أن الرئيس ماكرون يريد، خلال هذه الزيارة الثانية للصين، أن يُتوّج سبع سنوات من مفاوضات شاقة بين الطرفين، الصيني والأوروبي، في أفق عقد اتفاق سنة 2020 حول الاستثمارات، رغم أن الاتفاق لا يزال يُعتَبر بعيد المنال بسبب الصراع الاقتصادي المتواصل بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وانكباب الصينيين على التفاوض الصعب مع نظرائهم الأميركيين.