الأسهم الأميركية تتجاهل الحرب التجارية... والمرافئ تخسر

23 سبتمبر 2018
مستوى قياسي لمؤشر داو جونز (فرانس برس)
+ الخط -

رغم ارتفاع وتيرة التهديدات خلال الأسابيع الأخيرة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وإعلان الدولتين عزمهما بدء تطبيق تعرفات جديدة على وارداتهما اليوم الإثنين، أنهى مؤشر داو جونز الصناعي تعاملات يوم الجمعة الماضي على أعلى مستوى له في تاريخه. 
لكن في المقابل، تخشى المرافئ الأميركية أن تكون الخاسر الأكبر في الخلاف المتصاعد بين بكين وواشنطن.

وقال رئيس الجمعية الأميركية لسلطات المرافئ كورت ناغل: "يطاول مجموع الرسوم الجمركية المفروضة وتدابير الرد الدولية نسبة 10% من مجمل المبادلات التي تمر عبر المرافئ الأميركية" ما يمثل عائدات بحوالى 160 مليار دولار.

ورأى رئيس المجموعة المعنية بشؤون المرافئ الأميركية المئة، التي تمر عبرها البضائع المصدرة والمستوردة أن الوضع "يدعو إلى القلق" في ما يتعلق بمداخيل هذه المرافئ.

وتجني هذه المرافئ الموزعة على المحيطين الهادئ والأطلسي مرورا بخليج المكسيك ومنطقة البحيرات الكبرى، مواردها عن طريقين هما تأجير أرصفة لشركات خاصة وفرض رسوم جمركية على الحاويات التي تمر عبرها.
وعلى الجانب الآخر، أرجع مراقبون ارتفاعات مؤشر داو جونز الصناعي إلى ترقب موسم الإعلان عن أرباح الشركات، مع انتهاء الربع الحالي بنهاية سبتمبر/أيلول، إضافة إلى الاعتياد على التهديدات المتبادلة بين الاقتصادين الأكبر في العالم.

وارتفع مؤشر داو جونز يوم الجمعة الماضي، أكثر من 86 نقطة، تمثل 0.03%، ليغلق عند مستوى 26743.5، في ثاني مستوى قياسي له هذا الأسبوع، والثالث عشر منذ بداية العام الحالي.

وامتنعت أسهم التكنولوجيا، التي كان لها الفضل الأكبر في الاتجاه الصعودي خلال سنوات العقد الأخير، عن المشاركة في ارتفاع مؤشر داو جونز، بينما لعبت أسهم البنوك الدور الأكبر، خاصة مع وجود توقعات كبيرة بقيام بنك الاحتياط الفيدرالي برفع معدلات الفائدة يوم السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري.

وأرجع مسؤول استراتيجيات الاستثمار بمجموعة ليتولد، جيم بولسن، ارتفاع أسعار أسهم البنوك إلى ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأعلى مستوياتها هذا العام.

وأعلنت الصين الأسبوع الماضي أنها تقدمت بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة، بعد قيام الأخيرة بفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على ما قيمته 200 مليار دولار من وارداتها منها، وفي نفس الوقت قالت الصين إنها ستبدأ تطبيق تعريفات جمركية جديدة على أكثر من خمسة آلاف منتج من وارداتها من الولايات المتحدة، قيمتها تصل إلى 60 مليار دولار، اعتباراً من اليوم 24 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو نفس موعد بدء تطبيق التعريفات الأميركية الجديدة على المنتجات الصينية.
وهدد ترامب برفع نسبة التعريفات التي فرضها مؤخراً من 10% إلى 25% بنهاية العام الحالي، كما هدد بفرض تعريفات على ما تبقى من واردات الولايات المتحدة من الصين، وهو ما يقدر بحوالي 267 مليار دولار إضافية.

وبينما لا يتبقى من واردات الصين من الولايات المتحدة، مما لم يتم فرض تعريفات جمركية جديدة عليه، سوى ما قيمته 50 مليار دولار، أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية أن ما بحوزة الصين من أذون وسندات الخزانة الأميركية قد انخفض بنهاية يوليو/تموز الماضي إلى أقل مستوى له في 6 أشهر، وهو 1.171 تريليون دولار، بعد أن كان 1.178 تريليون دولار في نهاية يونيو/حزيران، الأمر الذي يزيد من احتمالات استخدام بكين لسلاح أدوات الدين الأميركية للرد على "هجمة التعريفات".

واعتبر مراقبون أن أهم تطور لفت الأنظار وسط موجة التصعيد الأخيرة كان اعتياد الأسواق الأميركية على نغمة الحرب التجارية.

وقال مدير الاقتصاد والأسواق في بنك استراليا الوطني، ديفيد دي جاريس، إن المستثمرين أصبحوا على يقين بأن "الاقتصاد الأميركي مستمر في الأداء بكفاءة، برغم توقعات تسبب التعريفات في ارتفاع معدلات التضخم".

وفي نفس الاتجاه، اعتبر الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان ارتفاع الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي رغم التعريفات المتبادلة، دليلاً على أن الأسواق بدأت ترى أن سياسة المعاملة بالمثل بين أكبر اقتصادين في العالم "ستؤدي إلى نظام تجاري، حر كما هو، لكنه أكثر عدلاً".
وعلى نحوٍ متصل، رأى مسؤول استراتيجيات الاستثمار بمجموعة ليتولد، جيم بولسن، أن الأسواق ستتجاهل الحرب التجارية طالما استمرت "الأرقام الرائعة للاقتصاد الأميركي".

إلا أنه حذر من أن الأسواق ستبدأ في المعاناة حال تغير تلك الأرقام وظهور تباطؤ في معدلات نمو الاقتصاد. وأكد بولسن أن ترامب سيتوقف عن التصعيد "عندما ينخفض معدل نمو الاقتصاد الأميركي لأقل من 3%".
دلالات
المساهمون