رفعت الجمارك التونسية درجة التأهب على الحدود الليبية، عبر تكثيف دوريات مراقبة حركة السلع والأفراد عبر معبري الذهيبة ورأس الجدير الحدوديين، تحسباً لارتفاع وتيرة تهريب الموادّ التموينية، التي تنشط على هامش توتر الأوضاع الأمنية في ليبيا.
وعادة ما يستغل المهربون الاشتباكات الدائرة في ليبيا، لتكثيف تمرير السلع التموينية من موادّ غذائية مدعمة، استجابة للطلب الليبي على هذه الموادّ، مقابل الحصول على المحروقات (المنتجات البترولية) لبيعها في السوق السوداء.
وأدت المعارك، نتيجة هجوم قوات شرق ليبيا التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر على قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، إلى شحّ السلع الأساسية في الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل كبير، فيما أغلقت الصيدليات أبوابها.
وتؤكد الحكومة التونسية أنّ تهريب السلع المدعمة يسبب ضغوطاً إضافية على نفقات الدعم، وخاصة الزيت والسكّر والأدوية.
وقال الناطق الرسمي باسم الجمارك التونسية العميد هيثم زناد لـ"العربي الجديد"، إن الجمارك رفعت منذ بداية الاشتباكات في ليبيا درجة التأهب على الحدود، لافتاً إلى أن المناخ الأمني المتوتر يهيئ الأرضية لزيادة التهريب في الاتجاهين.
وينشط على الحدود التونسية الليبية، مئات صغار المهربين المتخصصين في تهريب البنزين والأجهزة الإلكترونية والكهربائية والسجائر من الجانب الليبي، مقابل تحويل سلع استهلاكية مدعومة منخفضة السعر. وتعتبر مدينة وازن الليبية نقطة التقاء المهربين من الجانبين، حيث يتم إجراء الصفقات بتبادل السلع، حيث توجد هناك صهاريج كبيرة أعدها السكان لتخزين الوقود بغرض نقله إلى التجار التونسيين على الجانب الآخر.
ووفق مسؤول محليّ في الجنوب التونسي، فإن "الأمر يجري في الغالب من دون مراقبة أو محاسبة، إذ يحظى التهريب برعاية من سلطات الأمر الواقع عند منافذ حدودية تمتد غرباً وجنوباً وشرقاً، وتسمح بمجتمعات رديفة تحكم نفسها بنفسها بعيداً عن الأجهزة الرقابية".
وبفضل صادرات الغذاء، كانت ليبيا قبل عام 2011 الشريك الاقتصادي الثاني لتونس، حيث وصل رقم المعاملات إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، قبل أن ينزل إلى نحو 800 مليون دولار حالياً.
وفي مقابل قلق تونس من تهريب سلعها المدعمة، سبق أن أعلنت السلطات الليبية في مناسبات عدة خلال السنوات الأخيرة، انزعاجها من تهريب الوقود والعديد من السلع الأخرى.
وفي سبتمبر/ أيلول 2018، تم التوصل إلى اتفاق تونسي ليبي، لاعتماد آلية تقوم بمقتضاها ليبيا بتوريد النفط الخام إلى تونس مقابل تصدير السلع التونسية إلى ليبيا.
وقال فتحي العبعاب رئيس المجلس المحلي في مدينة بن قردان الحدودية (جنوب شرق تونس)، إن السلطات المحلية تبذل جهوداً كبيرة من أجل تنظيم كل الأنشطة التجارية بما فيها غير النظامية، التي توفر الرزق لآلاف العائلات في الجنوب التونسي.
وأضاف العبعاب لـ"العربي الجديد" أن تونس حريصة على تطبيق اتفاق مع الجانب الليبي، يقضي بتحديد كميات السلع الموردة يومياً من ليبيا في حدود 10 آلاف دينار للتاجر الواحد.
كانت وزارة الاقتصاد والصناعة التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، قد أصدرت منتصف مارس/ آذار الماضي قراراً بشأن تنظيم نقل السلع إلى تونس، نصّ على إتاحة اصطحاب المسافر للبضائع سواء كان ليبياً أو أجنبياً، لكنه حظر في المقابل اصطحاب السلع الممنوع تصديرها.
وحسب القرار، يتم السماح للتجار التونسيين بتوريد السلع من ليبيا، بما قيمته 10 آلاف دينار ليبي (7.2 آلاف دولار) يومياً، ودون تحديد لعدد السفرات اليومية لأي تاجر نحو التراب الليبي. وتتضمن قائمة السلع المتاحة الموادّ الإلكترونية والمفروشات وغيرها من الموادّ، عدا المنتجات التموينية المدعومة من ليبيا.