رمضان في زمن كورونا

24 ابريل 2020
كورونا يفرض أعباءً جديدة على الأسر الفقيرة (فرانس برس)
+ الخط -

يعد شهر رمضان هذا العام هو الأشد قسوة على الأسرة العربية، قسوة من حيث قفزات أسعار السلع، خاصة الغذائية، التي باتت لا ترحم أحدا بمن فيهم الطبقة الوسطى، وقسوة من حيث الضغوط المعيشية المتلاحقة وزيادة فواتير الكهرباء والمياه والمواصلات العامة، وقسوة من حيث تراجع الدخول والرواتب والتبرعات الخاصة بالأسر الفقيرة والمعدمة والأرامل واليتامى.

في زمن كورونا، أغلقت مئات المصانع والمنشآت الإنتاجية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوقفت حركة السفر والطيران، سواء بين الدول أو بين محافظات الدولة الواحدة، وتراجعت أنشطة العمران والبناء والتشييد وقطاعات البنية التحتية التي يعمل فيها ملايين الأشخاص، خاصة من الأميين أو الحاصلين على شهادات متوسطة وفوق متوسطة بل وجامعية، أو الذين يقطنون القرى والمناطق العشوائية.

وتراجعت تحويلات المغتربين العاملين في الخارج التي تساند ملايين الأسر داخل البلدان العربية، خاصة في دول مثل مصر ولبنان والسودان واليمن وتونس والجزائر والأردن والمغرب وسورية، وعاد مئات الآلاف من دول الخليج، خاصة من الكويت والسعودية.

وفقد ملايين من المنتمين إلى طبقة العمالة المؤقتة والحرفيين مصادر رزقهم المتغيرة بسبب توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية والحرفية.

وتعرض موظفو الشركات الخاصة لضغوط معيشية وحياتية صعبة بسبب توقف رواتبهم، أو على الأقل خفضها والحسم منها بسبب تراجع ساعات العمل وخفض الإنتاج.
حتى الباعة الجائلون، وهم بالملايين، طاردتهم قرارات حظر التجول ليلا، وتدني القدرة الشرائية للمواطن والمستهلك نهارا، وبينهم حملات الملاحقات الأمنية والبلديات.

والجمعيات الأهلية والخيرية التي كانت تلعب دورا مهما في التخفيف عن ملايين الأسر الفقيرة تراجعت تبرعاتها بشدة في زمن كورونا.

بل وقبل قدوم هذا الوباء باتت الجمعيات مكبلة من حيث تلقي التبرعات لأسباب سياسية بحتة، أو تعاني من تحديات شديدة بسبب الفساد الذي ينخر في عظام بعضها، وما قيل عن حصد الإعلانات ورواتب كبار موظفيها الجزء الأكبر من المساعدات المقدمة لها من أهل الخير، وبالتالي تراجع مستوى الثقة في بعضها، خاصة أسماء الجمعيات الشهيرة، وهو ما انعكس على قيمة التبرعات التي تتلقاها.

ورجال الأعمال الذين كانوا يتبرعون لصالح العائلات الفقيرة والمعدمة في شهر رمضان من كل عام، باتت تبرعاتهم توجه لغرض آخر في زمن كورونا مثل تمويل صناديق تؤسسها الحكومات مثل صندوق تحيا مصر، ومساندة القطاع الصحي ومستشفيات العزل الصحي وتطوير المستشفيات الحكومية، وتمويل شراء مستلزمات طبية وأجهزة تنفس صناعي وأجهزة فحص فيروس كورونا، وشراء أدوات وملابس واقية للأطقم الطبية العاملة بالمستشفيات.
الخلاصة لقد حدث تحول في الجزء الأكبر من تبرعات رجال الأعمال السنوية في رمضان العام الجاري إلى غرض آخر هو مساعدة الدولة في مقاومة وباء كورونا، أو سداد الرواتب العمال العاطلين عن العمل.

ببساطة، باتت ملايين الأسر الفقيرة والمعدمة في العراء خلال رمضان هذا العام، فلا فرص عمل تغطيها وتوفر لها الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ولا تبرعات تأتي من رجال الأعمال والجمعيات الأهلية والخيرية، والأهم لا خيم رمضانية يتناول فيه الفقراء وجبة الافطار .

والحكومات تركت المواطنين يواجهون لوحدهم غلاء الأسعار، وصعوبة الحياة وقسوتها دون مساندة نقدية، أو مساعدات عينية أو اجتماعية، أو خفض لأسعار السلع الرئيسية كالقمح والسكر والأرز والزيوت واللحوم والدواجن، أو حتى ترفع يدها عن النقابات والجمعيات الأهلية لتعمل بحرية في العمل الخيري.
دلالات
المساهمون