غلاء الحديد يهدّد شركات عقارية تونسية بالإفلاس

29 سبتمبر 2017
دعم شراء المسكن للفقراء لم يساعد المطورين العقاريين (Getty)
+ الخط -

تتخوف الشركات العقارية في تونس من الإفلاس بسبب ارتفاع كلف البناء، خاصة أسعار الحديد في الوقت الذي تطالب فيه بالمحافظة على أسعار المساكن لدى مستوياتها الحالية. وتعاني تونس من ركود في مبيعات الوحدات السكنية منذ 3 سنوات.

ويواجه المطورون العقاريون في تونس تحدياً جديداً بالمحافظة على أسعار المساكن لدى مستوياتها الحالية، على الرغم من الارتفاع المتواصل في كلف مكونات البناء.

وتعمل الجمعيات المهنية وغرف المطورين العقاريين على بحث حلول تساهم في استقرار وضع السوق، بعد أن بلغت أسعار المباني مستويات قياسية فاقت أضعاف المرات القدرة الشرائية للتونسيين بمختلف طبقاتهم .

ويشكو المطورون من غياب التنسيق من قبل وزارات الصناعة والتجارة مع غرفهم المهنية، معتبرين أن الوزارات تخضع لضغط مصنعي مواد البناء دون مراعاة لانعكاسات الزيادة في الأسعارعلى سوق العقارات .

وشهدت أسعار حديد البناء في الفترة الأخيرة قفزة بنحو 14% في السعر، لتصبح الزيادة الثانية من نوعها في غضون سنة واحدة، منذ بداية الـ2017، وهو ما أثار حفيظة المطورين العقاريين ممن اعتبروا هذه الزيادات دفعاً قسرياً لهم نحو إفلاس شركاتهم التي تجد صعوبة كبرى في تسويق منتجاتها منذ ما يزيد على الثلاث سنوات. وفي نهاية أغسطس/آب الماضي قررت وزارة التجارة والصناعة رفع سعر مادة حديد البناء بنسبة 8%.

ويعتبر رئيس غرفة مصنعي الحديد، مختار المهيري، أن قطاع الحديد تضرر كثيراً في السنوات التي تلت الثورة جراء دخول كميات كبيرة من حديد البناء المهرب، وهو ما أثر سلباً على عائدات القطاع، مشيراً إلى أن الزيادة في الأسعار تتنزل في إطار انقاذ القطاع والحفاظ على قدرته التنافسية.

وأضاف المهيري أن وزارة التجارة والصناعة، أقرت الزيادة لاقتناعها بضرورة تجاوز الصعوبات التي يمر بها القطاع في انتظار إعادة تنظميه بالصيغة التي تلبي متطلبات السوق والاقتصاديين من صناعيين وتجار في هذه المادة الحيوية للاقتصاد المحلي.

وأشار وفقاً لتصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن سعر الحديد والصلب في السوق المحلية لا يواكب موجة الغلاء في الأسواق العالمية .

ومنذ سنة 2014 دخلت سوق العقارات في تونس في مرحلة ركود، تسببت في ارتفاع عدد الوحدات العقارية غير المسوقة نتيجة الارتفاع الكبير في سعر المتر المربع الواحد، ما دفع حكومة الشاهد إلى بحث حلول لفك الحصار على هذا القطاع المشغل.

وأقر قانون المالية لسنة 2017 حوافز مهمة، للمطورين العقاريين بعد المصادقة على خطة تمويل بـ200 مليون دينار للمساعدة على اقتناء المسكن الأول للأسر الضعيفة والمتوسطة، التي يتراوح دخلها الشهري بين 4.5 و10 مرات الاجر الادنى بتونس. وتمنح هذه العائلات قروضاً بشروط ميسرة (نسبة الفائدة في حدود 2% ولفترة سداد 7 سنوات، بعد فترة إمهال 5 سنوات)، تحت بند التمويل الذاتي للمسكن الاول.

وقال رئيس الجمعية المهنية للتطوير العقاري شاذلي السلامي، إن الزيادة في أسعار مكونات البناء أصبحت واقعاً مفروضاً على المطورين يتعاملون معه يومياً، على وقع تقلبات سعر الصرف، مشيراً إلى أن المطورين باتوا عاجزين على تحديد الكلفة النهائية لمشاريعهم نتيجة التغيرات المتواترة لأسعار مواد البناء.

وتوقع السلامي تواصل الحال على ما هو عليه على المدى القصير والمتوسط، نتيجة تقلب سعر الصرف وعدم استقرار الدينار، مشيراً إلى أن المطورين العقاريين مطالبون بالضغط على الكلفة وتقليص هامش الربح للمحافظة على استقرار أسعار العقارات.

وقال السلامي إن برنامج السكن الأول الذي أقرته الحكومة، لم يساعد على كسر ركود سوق العقارات لتوجهه نحو شرائح محددة، داعياً إلى فتح حوار وطني حول الإسكان في تونس، لتشخيص واقع البناء وإيجاد الحلول الملائمة للصعوبات التي يواجهها القطاع، بعيداً عن الحسابات السياسية التي لا تخدم مصلحة المواطن البسيط وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".

وأضاف رئيس الجمعية المهنية للمطورين العقاريين، أن الحكومة مدعوة إلى حث المصارف التجارية على تعديل سياستها في ما يتعلق بقروض السكن على ضوء الواقع الاقتصادي الجديد، وذلك بتسهيل شروط التمويل وتمديد فترة السداد.

وحسب السلامي فإن كل الحلول تبقى منقوصة في غياب مراجعة شاملة لشروط تمويل قروض السكن ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال.

وخلال شهر أغسطس/آب، حقق مؤشر المسكن والطاقة المنزلية إرتفاعاً بنسبة 4% مقارنة بشهرأغسطس 2016 . وحدث ذلك بسبب الزيادة في أسعار الإيجار بنسبة 4.5% ووزيادة أسعار مواد البناء وصيانة المساكن بنسبة 5.9%.

دلالات
المساهمون