خناق الغلاء بالأردن...اللاجئون السوريون يواجهون ظروفاً الأشد قسوة منذ 2011

20 مايو 2018
الغلاء ونقص المساعدات يزيدان معاناة اللاجئين (فرانس برس)
+ الخط -


يواجه اللاجئون السوريون في الأردن ظروفاً معيشية هي الأصعب منذ نحو سبع سنوات، في ظل ارتفاع الأعباء مع قرارات الحكومة الأردنية بزيادة الأسعار والضرائب، والتي طاولت أغلب سكان الدولة، بمن فيهم اللاجئون.

ووفق وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، فإن التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين بلغ نحو 5.36 مليارات دولار منذ بداية الأزمة في 2011 حتى سبتمبر/أيلول2017، معتبرة أن هذه المبالغ غير كافية ولم تغط سوى 40% من إجمالي الدعم المطلوب.

لكن بيانات صادرة مؤخرا عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أشارت إلى أن أكثر من 80% من اللاجئين يعيشون خارج المخيمات، وعدد كبير منهم استنزفت مواردهم ومدخراتهم وارتفعت مستويات ديونهم.

ويقول لاجئون سوريون إن الأوضاع المعيشية باتت صعبة للغاية، لا سيما في ظل تراجع حجم المساعدات الدولية، ما زاد من معاناة الكثيرين منذ بداية العام الجاري 2018.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن حوالي 1.4 مليون لاجئ، يقيم بعضهم في مخيمات أقيمت خصيصا لهم في شمال الدولة، وأكبرها مخيم الزعتري الواقع في مدينة المفرق شمال شرق العاصمة عمان، ويقطنه حوالي 200 ألف شخص.

يقول زياد الصمادي لاجئ سوري ويعمل متطوعاً مع لجان الإغاثة للاجئين لـ"العربي الجديد" إن حجم المساعدات التي تقدمها المفوضية العليا للاجئين تراجع بشكل كبير خلال العام الحالي، حيث توقفت المساعدات كلياً عن بعض العائلات وتم تخفيضها على أخرى.

ويضيف الصمادي أن الدول التي كانت ترسل بعض المساعدات، خاصة الأغذية توقفت، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع المعيشية، وأصبح الكثير من اللاجئين يواجهون ظروفاً صعبة، مشيرا إلى أن شهر رمضان الحالي يعد الأصعب على اللاجئين الذين يحاولون تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية. ويؤكد أن ارتفاع الأسعار في الأردن أثر في الأوضاع المعيشية للاجئين، خاصة أسعار الخبز والسلع الغذائية الأخرى.

ورفعت الحكومة الأردنية أسعار الخبز بنسبة 100% منذ مطلع العام الجاري، معتبرة أن نسبة كبيرة منه تذهب إلى غير مستحقيه من الأردنيين، كما رفعت الضرائب على غالبية السلع الغذائية والمحروقات، ما أدى إلى زيادة أسعارها في الأسواق. ويقول الصمادي إن "بعض اللاجئين اضطروا تحت ضغوط المعيشة إلى العودة لسورية مؤخراً رغم ارتفاع المخاطر الأمنية".

كانت البيانات الصادرة في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، عن دائرة الإحصاءات العامة، قد أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين (التضخم) خلال إبريل/ نيسان الماضي، إلى نسبة 4.6%، مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي 2017.

أما على مستوى الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، فارتفعت نسبة التضخم بمعدل 3.9%، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وطالبت وزارة الصناعة والتجارة، الأسبوع الماضي، التجار بعدم رفع الأسعار، والمحافظة على توازنات السوق المحلي، خلال شهر رمضان، وعدم استغلال ارتفاع معدل الاستهلاك من قبل المواطنين والمقيمين خلال هذا الموسم.

ويقول اللاجئ السوري أبو فهد "نتجرع مرارة الحياة وقسوتها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالأوضاع المعيشية ضاقت بالكثيرين، ولم يقتصر الأمر على انقطاع المساعدات عن أكثر من نصف اللاجئين وتخفيضها على النصف الآخر، بل نتحمل بشكل مباشر تبعات قرارات زيادة الأسعار والضرائب في الأردن". ويؤكد أنه لم يعد بمقدور اللاجئين تأمين متطلبات التعليم المدرسي لأبنائهم، بعد أن أوقفت مفوضية اللاجئين صرف حوالي 28 دولارا شهرياً لكل طالب لاجئ يدرس في المدارس الأردنية.

ويقول إن العائلة المستفيدة حتى الآن من برامج الدعم لا تحصل سوى على 160 دولاراً شهرياً، وهي لا تفي بالحد الأدنى لاحتياجاتها من الغذاء والدواء، مشيرا إلى تراجع كبير في مستويات معيشة اللاجئين عما كانت عليه خلال الأعوام الماضية.

ويشير إلى أن هناك مبادرة ناجحة لمنظمة العمل الدولية تقوم بتشغيل عدد من اللاجئين السوريين في المجالس المحلية (البلديات) كل شخص لفترة شهرين أو ثلاثة مقابل حوالي 15 دولاراً يوميا، حيث تم تطبيق هذه التجربة في عدد من بلديات محافظات الشمال بالأردن، لافتا إلى أن هذه الفترة وإن كانت قصيرة، إلا أنها تعطي فرصة للاجئ لتأمين احتياجات أسرته لمدة ثلاثة أشهر.

وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 85% من الأسر السورية اللاجئة تعيش تحت خط الفقر في الأردن. وقالت المفوضية في تقرير لها مؤخرا، إنه على الرغم من اتخاذ الحكومة الأردنية بعض المبادرات الإيجابية في ما يتعلق باستصدار تصاريح عمل للاجئين، إلا أنه ما زال هناك حاجة لاتخاذ تدابير إضافية من أجل تسهيل الحصول على وظائف.

وأكدت المفوضية أنها ستواصل دعم سبل كسب العيش للاجئين والحق في العمل من خلال حشد الدعم والتنسيق والاستثمارات المحدودة.

في المقابل، تقول الحكومة الأردنية إن حجم الأعباء التي تحملتها نتيجة استضافة اللاجئين السوريين يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار، إضافة إلى الضغط على البنية التحتية وخاصة الصحة والتعليم والمياه وغيرها.

وقالت فداء غرايبة، مديرة وحدة تنسيق المساعدات الإنسانية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، في تصريحت صحافية مؤخرا، إن حجم التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين بلغ 5.36 مليارات دولار منذ بداية الأزمة في 2011 حتى سبتمبر/ أيلول 2017. وأضافت أن التمويل الذي حصل عليه الأردن غطى ما نسبته 40% من إجمالي الدعم المطلوب للحد من أثر استضافة اللاجئين السوريين، ودعم المجتمعات المستضيفة والبالغ 14.1 مليار دولار لنفس الفترة.

وتواصل الحكومة الأردنية خطط إلغاء الدعم نهائياً عن السلع والخدمات، مع توجيه دعم نقدي مباشر إلى المستحقين من المواطنين الأردنيين. وخصصت نحو 242 مليون دولار هذه السنة لدعم الشرائح الفقيرة، لتقليل تأثرها بقرارات رفع الدعم عن الخبز وزيادة ضريبة المبيعات.

وكانت الحكومة ترصد سنوياً نحو 2.8 مليار دولار لدعم بعض أصناف المحروقات والكهرباء والخبز والصحة والتعليم وشبكة الأمان الاجتماعي.

وتقول الحكومة إنها تواجه عجزا متزايدا في الموازنة العامة، وتشير بيانات صادرة عن وزارة المالية في وقت سابق من مايو/أيار الجاري إلى بلوغ العجز نحو 542.5 مليون دينار (765 مليون دولار) خلال الربع الأول من 2018، مقابل 241.8 مليون دينار (341 مليون دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي.

المساهمون