المفاوضات التجارية الصينية - الأميركية بلا اتفاق... واستعدادات لأسوأ السيناريوهات
أنهى المسؤولون الأميركيون والصينيون الخميس، يومين من المحادثات التجارية، من دون تحقيق أي انفراج يؤثر على تصاعد الحرب التجارية بين عملاقي الاقتصاد، لا بل بدأت جولة أخرى من الرسوم الجمركية المتبادلة على سلع كل دولة بقيمة 16 مليار دولار، ليرتفع حجم السلع الخاضعة للرسوم الأميركية والصينية إلى 100 مليار دولار، مع ارتفاع التوقعات بازدياد حدة الأزمة خلال الفترة المقبلة.
ووسط تعنّت الإدارة الأميركية، ورفض بكين أي إمكانية للتنازل، يدخل الاقتصاد العالمي في حالة ارتباك تعززها تقارير تؤكد أن استمرار أضخم حرب تجارية في التاريخ ستنعكس بديهياً على الحركة التجارية الدولية، لا بل على النمو الاقتصادي العالمي برمته.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد من المخاوف، إذ بدأت المؤسسات الإعلامية الدولية برسم سيناريوهات أكثر تشاؤماً، مع وضع احتمال أن تطاول الرسوم التي يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بها العديد من الدول الأخرى إضافة إلى الصين، إلى تريليون دولار، وما لذلك من أضرار ضخمة ستطاول الاقتصادات.
فقد خاض وفد صيني بقيادة نائب وزير التجارة وانغ شوين ونائب وزير المال لياو مينغ مباحثات يومي الأربعاء والخميس، مع مساعد وزير الخزانة المكلف الشؤون الدولية ديفيد مالباس ومساعدين للممثل الأميركي للتجارة، من دون الوصول إلى أي اتفاق.
وقال مصدر مطلع على المحادثات الأخيرة لوكالة "بلومبيرغ" اليوم الجمعة، إن المسؤولين الصينيين أثاروا احتمال عدم إجراء أي مفاوضات أخرى إلا بعد إجراء انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأكدت الوكالة أن إدارة ترامب تعد لشريحة أكبر من التعريفات تغطي حوالي 6000 منتج من الصين بقيمة استيراد سنوية تبلغ 200 مليار دولار. هذا التحرك والانتقام المتوقع من الصينيين سوف يمثل أكبر تصعيد حتى الآن في الحرب التجارية، وفي حال رد الصين بالمثل، فسترتفع قيمة السلع التي تطاولها الرسوم المتبادلة إلى 500 مليار دولار.
"من المستحيل تقريباً التوصل إلى اتفاق الآن، حيث إن فضائح ترامب السياسية الداخلية قد تجعله أكثر عدوانية في السياسة الخارجية، وفقاً لما ذكره مي شينيو، الباحث في الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة. "بالنسبة للصين نستعد لأسوأ سيناريو لحرب تجارية طويلة مع الولايات المتحدة"، وفقما قال المتحدث ذاته لوكالة "بلومبيرغ".
وفي سياق السيناريوهات المحتملة، يستعيد المحللون الأميركيون ما ذكره تقرير نشره موقع "فايننشال تايمز" الشهر الماضي، عن عدم استبعاد وصول حجم السلع المستهدفة بالرسوم الأميركية، والردود عليها من قبل الدول، إلى أكثر من تريليون دولار، ما يعادل أكثر من ربع إجمالي تجارة الولايات المتحدة مع العالم في العام الماضي، وتغطي على الأقل 6 في المائة من تجارة البضائع العالمية.
ويلفت التقرير إلى أن الحرب الصينية - الأميركية قد تستهدف مبادلات سلعية بقيمة 635.4 مليار دولار، أي كل المبادلات ما بين البلدين. في حين يتوقع التقرير أن تصل قيمة حرب الرسوم التي يلوح بها ترامب على السيارات والتي قد تشمل العديد من الدول إلى أكثر من 600 مليار دولار.
وقالت منظمة التجارة العالمية مطلع الشهر الحالي إن تجارة البضائع حول العالم ستفقد على الأرجح قوة دفع نموّها في الربع الثالث من العام الحالي، على وقع النزاع التجاري.
في حين تباطأ اقتصاد منطقة اليورو (تضم 19 دولة) في الفصل الثاني من العام الحالي، متأثراً بالمخاوف المرتبطة بالتوتر التجاري. وفي مطلع الشهر الحالي حذر البنك المركزي الأوروبي من تزايد المخاطر التي تواجه النمو العالمي، في ظل تراجع الثقة بفعل مخاطر الحماية التجارية.
ويقول جوزيف ستيلغتز في مقالة له نشرت نهاية الشهر الماضي: "العالَم بعد حرب ترامب التجارية الحمقاء سيظل مختلفاً: فهو أشد تقلباً، وأقل ثقة في حكم القانون الدولي، وحدوده أكثر صرامة. لقد غير ترمب العالَم، بشكل دائم، إلى الأسوأ. وحتى في ظل أفضل النتائج الممكنة، لن يربح أحد غير ترامب ــ حيث تكتسب ذاته الأنانية قدراً أكبر قليلا من التضخم".