موريتانيا: نقص "الفكّة" ترفع أسعار السلع

14 يوليو 2017
ارتفاع الأسعار في موريتانيا (العربي الجديد)
+ الخط -
ارتفعت أسعار بعض السلع الاستهلاكية في موريتانيا بشكل غير مباشر بسبب النقص الحاد في الفكة (القطع النقدية الصغيرة) في ظل توقف المصرف المركزي عن إصدارها. ويستغل التجار هذه الأزمة لتحقيق أرباح كبيرة على حساب المستهلكين الذين يضطرون إلى القبول بالأمر الواقع في ظل غياب أي دور حكومي لحلها. 
ويعتبر خبراء الاقتصاد، أن اضطرار المواطنين لعدم استخدام القطع النقدية المعدنية يؤدي إلى رفع الأسعار وإضعاف قيمة العملة المحلية "الأوقية"، وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، أحمد ولد محمد سالم، لـ "العربي الجديد" أن كثيراً من المواطنين لا يعرفون الأسعار الحقيقية لبعض المواد كسعر الخبز المحدد من قبل الدولة بـ 80 أوقية وليس 100 أوقية المعروف لدى العامة، بسبب عدم توفر الفكة ما أدى إلى تكريس سعر 100 أوقية كسعر رسمي لرغيف الخبز.
ويضيف أن الأمر ذاته ينطبق على سلع أخرى مثل عبوة اللبن الصغيرة والأرز والمعجنات خاصة حين يتم بيعها بالتقسيط.
ويشير الخبير إلى أن وزارة المالية بصدد إجراء استطلاع لمعرفة سبب ظاهرة عزوف المواطنين عن استخدام القطع النقدية المعدنية، وتأثير الظاهرة على ارتفاع أسعار بعض السلع بسبب غياب الرقابة واستمرار المواطنين في تجاهل قيمة القطع النقدية.
ويحذر ولد محمد سالم من تأثير استمرار عزوف المواطنين عن استخدام النقود المعدنية وتجاهل قيمتها مقابل الأوراق النقدية، ويشير إلى أنه بإمكان المواطنين التغلب على مشكل الفكة بشراء حاجياتهم بالجملة بدل التقسيط أو قبولهم أخذ أشياء عوضاً عن نقودهم مثل الحلوى أو المناديل الورقية، ويطالب الدولة بإيجاد حل لمشكل الفكة، وأيضاً لعزوف المواطنين عن استخدام القطع النقدية التي يرون أنها بلا قيمة إما بتحويلها إلى أوراق نقدية أو رفع وعي المواطنين بأهمية استلام نقودهم الباقية عن أي عملية تسوق وتحذيرهم من الآثار السلبية لهذا العزوف.
ولا تخلو التعاملات اليومية للمواطنين الحريصين على أخذ ما تبقى من قطع نقدية بعد عملية تسوق، من مشاحنات بسبب غياب "الفكة" خاصة مع تفاقم أزمة ارتفاع الأسعار. ويؤثر نقص الفكة على حركة المواصلات والبيع والشراء وكافة المعاملات القائمة على "الفكة" حيث يضطر كثير من المتعاملين على التخلي عن حقوقهم المالية من أجل تسهيل عملية البيع والشراء، مثل سائق سيارة الأجرة عالي ولد سعدنا الذي يؤكد لـ"العربي الجديد" أنه يضطر أحياناً للتنازل عن جزء من أجرته بسبب شُح العملة المعدنية.

ويشير إلى أن القطع النقدية الصغيرة تمثل بالنسبة له كابوساً يحاول التغلب عليه بأن يشترط على الزبون توفير فكة قبل صعود السيارة، أو التوقف عند أحد المتسولين لأخذ مجموعة من القطع النقدية منه والتي سيحتاجها خلال عمله.
أما سعاد بنت محمد مولود (ربة بيت) فإنها تلجأ إلى طريقة أخرى للتغلب على نقص الفكة بتجميع ما تبقى منها بعد كل عملية شراء، وتقول لـ"العربي الجديد" "حين اشتري حاجياتي ويقول البائع إنه ليس عنده صرف، أطلب منه الاحتفاظ بالباقي إلى المرة القادمة أو تجميعه كأمانة وذلك لتسهيل الأمور ونظراً للثقة بيننا".
كما يعاني أصحاب محلات البقالة والمطاعم والمقاهي من أزمة "الفكة" وتتأثر أعمالهم بسبب عدم توفرها والبحث عنها عند المحلات التجارية القريبة منهم، ويقول ممادو سالي (مالك مطعم) إنه يخسر يوميًا حوالى 2000 أوقية (دولار واحد يساوي 351 أوقية) بسبب الفكة حيث يضطر إلى التنازل عن جزء من ثمن الأكلات التي يبيعها لكل زبون يصر على أخذ الفكة، ويعتقد ممادو أن المتسولين يحتكرون الفكة ويتاجرون بها حيث يبيعونها للتجار خاصة في موسم الأعياد وتخفيضات الصيف.
ومن أوجه تضرر المواطنين غياب الفكة في مكاتب صرف الرواتب، حيث يتحجج المحاسبون في الإدارات العمومية والخاصة بعدم وجود فكة خلال صرف رواتب الموظفين والعمّال للتربح مما تبقى بعد انتهاء عملية الصرف، ويقول إبراهيم ولد سيدي محمد (موظف) إنه كان يرفض استلام راتبه ناقصاً ويصر على أخذ القطع النقدية الصغيرة، فكانت الإدارة تتهمه بتعطيل صرف الرواتب، إلى أن قام بتحويل راتبه إلى المصرف، حيث أصبح يستلمه كاملاً عبر حسابه المصرفي.
ويضيف أن الموريتانيين عموماً لا يعتبرون أن هناك قطعة نقدية أقل من 100 أوقية وهو ما يتسبب في عدم مطالبتهم بها خلال صرف الرواتب والتعاملات اليومية، ويطالب إبراهيم بزيادة إنتاج الوحدات النقدية الصغيرة حتى لا تفقد قيمتها الشرائية.
المساهمون