أسئلة إلى الحكومة اللبنانية حول الفساد والهدر: الجامعة الوطنية لن تدفع الثمن

24 مايو 2019
المعتصمون أمام مقر جمعية مصارف لبنان (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

نفذ أساتذة الجامعة اللبنانية وطلابها اعتباراً من الثانية من بعد ظهر اليوم بالتوقيت المحلي لمدينة بيروت، تنفيذ اعتصام حاشد في ساحة رياض الصلح، الوسط التجاري، "دفاعاً عن الجامعة الوطنية، جامعة الوطن"، رافعين لافتات ترفض "دفع الجامعة ثمن فسادكم".

يأتي هذا الحراك تزامناً مع استئناف الحكومة دراسة مشروع الموازنة العامة لسنة 2019، في جلسة يُؤمل أن تكون الأخيرة بعد سلسلة من التأجيلات بسبب الخلافات السياسية والاعتراضات المتزايدة على سياسة التقشف.

التجمع الأكاديمي للأساتذة الجامعيين، قال في بيان اليوم، إن ما ستقره الحكومة على رواتب أساتذة الجامعة، العاملين منهم والمتقاعدين، وكذلك سائر الموظفين والعسكريين والمتقاعدين، وقيامها بتخفيض خدمات صندوق التعاضد، تدعو لإبداء العديد من الملاحظات.

من هذه الملاحظات، في القانون، أن الحكومة تخالف في الإجراءات التي تتخذها الاتفاقيات والقوانين الدولية التي وقعت عليها.

فهي "تخالف اتفاقيات منظمة العمل الدولية ولا سيما المادة 8 من الاتفاقية رقم 95، التي صدرت عام 1949، والتي نصت على ما يأتي: لا يجوز الاستقطاع من الأجور إلا بالشروط والمدى الذي تقرره القوانين أو اللوائح الوطنية، أو تحدده الاتفاقيات الجماعية أو قرارات التحكيم. ويبلغ العمال، بالطريقة التي تراها السلطة المختصة أنسب الطرق، بالشروط التي يمكن بها إجراء هذه الاستقطاعات ومداها".

مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً بعد ظهر اليوم في السراي الحكومية (الوكالة الوطنية للإعلام) 

والحال أن قانون الضريبة اللبناني يرفض الاستقطاع من الأجر، وكذلك لم يحصل أي اتفاق مع ممثلي الأساتذة والموظفين للقيام بمثل تلك الأمور.

واعتبر التجمّع أن فرض ضريبة على الراتب التقاعدي يخالف قانون الضريبة العامة، لا سيما المادة 47 منه، والتي تنص على عدم جواز إخضاع المعاش التقاعدي لضريبة الدخل، علما أن من واجب المسؤولين وضع أموال التقاعد في صندوق خاص لأنه نتيجة التوقيفات التي دفعها الأساتذة وسائر الموظفين خلال ممارستهم للمهنة.

منذ العام 2011، تاريخ إقرار السلسلة الجديدة لأساتذة الجامعة، زاد غلاء المعيشة 35%، ولم يستفد أساتذة الجامعة من سلسلة الرتب والرواتب إلا في مجال زيادة أجر مراقبة الساعة، وهو أمر امتنع الدكتور فؤاد أيوب عن تطبيقه.

وهكذا، ونتيجة الإجراءات السلبية التي تتخذها الحكومة، يرصد التجمع تناقضاً مع "التوصية بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي" الصادرة عن الأونيسكو، والتي وافقت عليها الحكومة اللبنانية عام 1997.

أسئلة مطروحة على الحكومة... فساد وهدر بمليارات الدولارات

وبعد سرده مجموعة ما اعتبره مخالفات قانونية ترتكبها الحكومة، قال التجمع إن أساتذة الجامعة المتقاعدين- والأرجح سائر الموظفين- كانوا على استعداد للتبرع للخزينة العامة بنسبة أكبر من رواتبهم لو قامت الحكومة بجمع كل مداخيلها التي يصادرها بعض أهل النفوذ. وسأل:

- ألم يُقدّر "بنك عوده" في إحصاءاته أن حجم التهرّب الضريبي هو في حدود 1.8 مليار دولار سنويا؟ 

- ألم تؤكد دراسة "ماكنزي" (التي وضعت رؤية اقتصادية للبنان هذه السنة) أن عدم جباية واردات الخزينة يُقدّر بحدود 5 مليارات دولار سنوياً؟ 

- لماذا يستمر الهدر في دعم الكهرباء فيتجاوز الملياري دولار سنوياً؟
 
- ألا يوفر على الخزينة مليارا ونصف مليار دولار سنوياً تخفيضُ فوائد الدين العام نقطتين؟

- لماذا لا يتم دمج شركتي الهاتف الخليوي "ألفا" و"تاتش" ومن وراء كل منهما؟

- لماذا تتراجع واردات الخزينة منهما (شركتا الخليوي) بدل أن تتزايد (انخفضت في سنة من مليارين إلى مليار و300 مليون)؟ وماذا فعلت "أوجيرو" (الاتصالات) بالسِلَف التي بلغت قيمتها 550 مليار ليرة في المرحلة الأخيرة؟ (الدولار= 1507.5 ليرات بالسعر الرسمي).
 
- لماذا سُجّلت في جمارك الصين بضائع تم شحنها إلى لبنان، وتبيّن أنها تبلغ 3 أضعاف ما تم تدوينه في سجلات الجمارك اللبنانية؟

- لماذا يستمر 182 معبراً غير شرعي مفتوحاً بين لبنان وسورية؟ ومن يحمي ومن يستفيد من هذه المعابر؟
 
- لماذا لا تقر الموازنة الغرامات الصحيحة على الأملاك البحرية المصادرة (ومساحتها 3.242 ملايين متر مربع)؟ وماذا عن الأملاك النهرية المصادرة (مساحتها 15 مليون متر مربع)؟ ولماذا لا تستفيد الخزينة بمبلغ ملياري دولار من هذا الأمر كغرامات سنوية؟

- من يسيطر على "اللوتو" (أوراق حظ) و"البارك ميتر" (المواقف المدفوعة على جوانب الطرق) في المدن ومغارة جعيتا والاستراحات السياحية والبريد والمقالع والكسارات والمرامل، ومن وضع يده على "الزيتونة باي" وردميات البحر في بيروت؟ وما هي المداخيل التي تعطى للخزينة من هذه المرافق؟

وأشار التجمّع إلى أن قيمة الأملاك المصادرة بشكل غير شرعي تفوق 100 مليار دولار، ولو تم توظيفها بشكل سليم لأعطت أكثر من 7 مليارات دولار سنويا.

- ماذا عن النفايات والمبيعات العقارية والكهرباء والمرفأ والتلزيمات بالتراضي؟

التجمع انتهى في بيانه إلى القول إن "الجامعة اللبنانية تعوّدت أن تخوض المعارك النقابية الكبرى وأن تنتصر فيها. وفي معركتها الحالية لا مجال إلا الدفاع عن الجامعة والانتصار على كل العاملين لانهيارها وتاليا انهيار الوطن". 

وأشار إلى أن "الإجراءات المتخذة من الحكومة ستؤدي إلى تراجع الناتج الوطني المحتسب بنسبة تجاور 10%، وبالتالي لن ينخفض عجز الموازنة إلى الحدود المقدرة وإنما ستستمر نسبته كما هي. وأن التضامن والتعاون بين كل المتضررين من تلك الإجراءات هو السبيل السليم للانتصار في المواجهة المفتوحة". 

اعتصام "اللبنانية" في طرابلس شمالاً

كما نفذ أساتذة وطلاب الجامعة اللبنانية، بمشاركة النائب علي درويش، اعتصاما أمام سراي طرابلس، احتجاجا على "قضم ميزانية الجامعة اللبنانية والانقضاض على مكتسبات الأساتذة من خلال صندوق التعاضد"، و"رفضا للمساس بالرواتب والتقديمات الاجتماعية"، وحمل المشاركون اليافطات التي تؤكد المضي بالإضراب المفتوح حتى إقرار موازنة تصون حقوق الأساتذة".




وزير التربية ينفي خفض موازنة الجامعة اللبنانية

وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب، أكد أن "ما يتم الترويج له عن خفض لموازنة الجامعة اللبنانية للعام 2019 وما قبلها هو مجرد شائعات لا صحة لها مطلقا". ونشر الوزير أرقام مساهمة الدولة في موازنة الجامعة اللبنانية والتي جاءت بحسب الترتيب الآتي:

- عام 2017 المساهمة 347 مليار ليرة


- عام 2018 المساهم 386.6 مليار ليرة (من دون لحظ موجبات القانون46 /2017 حيث طلب لها اعتماد إضافي ولم يؤخذ بمضمونه) 


ويعود الفارق بين العامين المذكورين إلى إضافة ما توجب عن موازنة العام 2005 وما لحقها من قوانين رفعت قيمة اعتماداتها.

أما بالنسبة لعام 2019، فقد رفعت رئاسة الجامعة اللبنانية طلبا لتخصيص 450 مليار ليرة مساهمة، تتضمن اعتمادات رواتب الأساتذة الثانويين الملحقين بكلية التربية تقديرا منها في حال عدم صدور مرسوم الحاقهم بوزارة التربية - ملاك التعليم الثانوي، وقيمة هذه الاعتمادات 6,33 مليارات ليرة. وقد صدر المرسوم. وفي النتيجة، فإن الجامعة لم تعد في حاجة إلى هذا الاعتماد بحيث أصبحت وزارة التربية هي المسؤولة عن دفع رواتبهم.


من جهة أخرى، طلبت الجامعة إضافة اعتمادات على مشروع موازنة 2019 لما أوجبه القانون 46/2017 لجهة زيادة رواتب الموظفين الإداريين والفنيين والمتعاقدين والأجراء في الجامعة اللبنانية ، يضاف إليها مبلغ مليارين ونصف مليار ليرة لتغطية رواتب الأساتذة الثانويين الملحقين بكلية التربية والذين لا يزالون يتابعون دراستهم في شهادة الكفاية. 

لذلك، طلبت الجامعة اعتمادا عن العام 2020 بمبلغ 428 مليار ليرة مساهمة من الدولة أي بزيادة 5.2 مليارات لكلية التربية+ 30 مليار موجبات القانون 46+ 10 مليارات دفعة أولى من ديون متوجبة الأداء عن سنوات سابقة للضمان الإجتماعي. 

وفي المحصلة، تكون أرقام مساهمة الدولة في موازنة الجامعة للسنوات 2018 و2019 
و2020 هي نفسها لم تمس، باستثناء ما أوجبه القانون 46/2017 للعام 2018، وأن الكلام على تخفيضات سابقة هو مجرد شائعات". 

مطالبة نيابية بزيادة موازنة الجامعة

في السياق، غرّد النائب إبراهيم الموسوي عبر حسابه على "تويتر" قائلاً إن "الجامعة اللبنانية، جيش الوطن الثاني بوجهه المدني، هي المصهر الأكاديمي التربوي للوطن، خريجوها صفوة قيادات الوطن وكوادره المتقدمة، وشهداؤها في سبيله كثر. كنا نأمل زيادة موازنتها لا إنقاصها، لذا نرفض المس بالحقوق المستحقة والمكتسبة. معا جميعا لنصرة مطالب الجامعة وأهلها وطلابها".


بدوره، أمل عضو "كتلة التنمية والتحرير"، النائب قاسم هاشم، في تصريح، أن "تنجز الحكومة الموازنة في حينها بعد أن طال الانتظار كثيرا، وفي وقت أحوج ما تكون إلى عامل الوقت لتأخذ الأمور مسارها الصحيح، وتنتظم بشكل طبيعي بدل الاستمرار بالمراوحة تحت حجج وذرائع دراسة الأوراق والملفات للوصول إلى نسب جديدة في خفض العجز، وكأننا نملك الوقت ومطمئنون إلى واقعنا الاقتصادي والمالي".

ورأى أن "السجلات والمناكفات والأفكار المستجدة لم تجد نفعا مع الموازنة الحالية، والمسؤولية تحتم الإسراع بإقرارها وإحالتها للمجلس النيابي كي لا يداهمنا الوقت أكثر".

كما غرّد عضو "اللقاء الديموقراطي"، النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على موقع "تويتر" قائلاً: "سمعنا أمس صرخة مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وكم حذرنا من التأخير أو المس بحقوقهم، وسمعنا من يزايد بالتخفيض للقول أنا المنقذ، أنقذوا تلك المؤسسات التي تؤوي هؤلاء المستضعفين وخفضوا الهدر الحقيقي والمخفي، عوضوا بالأملاك البحرية والضريبة التصاعدية، ومجددا كفى بهلوانيات". 


وعلّق على موضوع الموازنة أيضاً المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، في خطبة الجمعة، قائلاً: "وسط المخاضات الصعبة، والمواقف الانقسامية بخلفيات التحدي والكيدية، تكاد تولد الموازنة المترنحة بين السقوط في هاوية الإفلاس، أو الوقوف على حافة انهيار الدولة ومؤسساتها، وإدخال البلد في حال الجمود الاقتصادي والإنمائي، الذي بلغ حدودا غير مسبوقة، جراء المناكدة، وتراكم الأخطاء والارتكابات التي فاقمت الدين العام، وأثقلت خزينة الدولة بمبالغ وفوائد لا طاقة للبنان واللبنانيين على تحملها، أو الحد من تداعياتها.

وتابع قائلاً: "لهذا، نحن أمام واقع معقد من المعالجات التي لم ترق بعد إلى مستوى الأزمات الحقيقية في البلد، ولا يمكن أن تشكل حلولا جذرية ونهضوية ما لم يكن هناك موازنات مستنيرة وجريئة تقوم على وقف الهدر ومكافحة الفساد فعلا لا قولا، تواكبها رؤية إصلاحية واقتصادية واعدة، تضع حدا لسياسة التعطيل والصفقات والتنفيعات وتوزيع المغانم على المستغلين والمتنفذين من أصحاب السلطة وزعمائها".
إلى ذلك، أوضح المكتب الإعلامي لوزيرة الداخلية والبلديات، في بيان، أن "مشروع فرض رسوم على وضع عازل للرؤية (Fume)، لم يُقر بعد، وبالتالي لن يصبح نافذاً إلا بعد مناقشته في مجلس النواب من ضمن مشروع قانون موازنة 2019". وأشار إلى أن "إعطاء التراخيص سوف يخضع لآلية وشروط تحدد لاحقاً بعد صدور قانون الموازنة. وبالتالي فإن فرض الرسوم على وضع عازل للرؤية على زجاج السيارات لا يعني أن الرخصة ستصبح في متناول الجميع".
المساهمون