تاريخ اليورو (9) المستحيل ليس دنماركياً

04 يونيو 2016
تاريخ اليورو 9 (العربي الجديد)
+ الخط -

تترقب جماهير الساحرة المستديرة في القارة الأوروبية العجوز بشغف انطلاق النسخة الخامسة عشرة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2016" التي تستضيفها ملاعب كرة القدم الفرنسية، خلال الفترة ما بين العاشر من شهر يونيو/حزيران الجاري وحتى العاشر من شهر يوليو/تموز المقبل، ومع بدء العد التنازلي لساعة الصفر إيذاناً بانطلاق البطولة، يُواصل موقع "العربي الجديد" تسليط الضوء على تاريخ البطولة القارية التي ربما تفوق في قوتها بطولات كأس العالم.

إسبانيا تعتذر عن استضافة البطولة
وسنستعرض معكم في حلقة هذا اليوم ذكريات ما حدث في النسخة التاسعة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها السويد في عام 1992، بعدما اعتذرت إسبانيا عن احتضانها، بسبب انشغالها باستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في برشلونة في العام نفسه، ومعرض إكسبو العالمي، الذي أقيم آنذاك في مدينة إشبيلية الإسبانية.

لا مفاجآت في التصفيات
لم تشهد مباريات التصفيات أي مفاجأة تُذكر، فقد صعد المنتخب الفرنسي للنهائيات بعدما أضحى تحت قيادة مدربه، ميشيل بلاتيني، أوّل منتخب يجمع العلامة الكاملة في التصفيات، حيث نجح منتخب الديوك بالفوز في جميع المباريات الثماني التي خاضها في المجموعة الأولى، ليتأهل للبطولة الأوروبية مُتفوقاً على منتخبات: (تشيكوسلوفاكيا، وإسبانيا، وأيسلندا، وألبانيا).

فيما عرفت المجموعة الثانية إثارة كبيرة جسّدها تقارب مستوى المنتخبات الأربعة المشاركة فيها وصعوبة حسم المباريات، قبل أن ينجح المنتخب الاسكتلندي في حجز تذكرة الصعود للنهائيات، مُتفوقاً بفارق نقطة واحدة عن منتخبي سويسرا ورومانيا، بينما نجح منتخب الاتحاد السوفييتي في التأهل للنهائيات عن المجموعة الثالثة بعدما تفوق على المنتخب الإيطالي، الذي كان قد أحرز المركز الثالث في بطولة كأس العالم 1990.

وصعد منتخب يوغسلافيا بدوره للنهائيات بعدما تصدّر المجموعة الرابعة متفوقاً بفارق نقطة واحدة فقط على المنتخب الدنماركي، صاحب المركز الثاني، بينما تأهل المنتخب الألماني هو الآخر عن المجموعة الخامسة مُتفوقاً أيضاً بفارق نقطة واحدة عن منتخب ويلز.

ونجح المنتخب الهولندي في الصعود للنهائيات بعدما احتل صدارة المجموعة السادسة، فيما أكمل المنتخب الإنجليزي عقد المنتخبات المتأهلة باحتلاله المركز الأول في المجموعة السابعة والأخيرة من التصفيات.

منتخب رابطة الدول المستقلة يُعوّض غياب الاتحاد السوفييتي
بعد انتهاء التصفيات، خيّمت الاضطرابات السياسية التي شهدتها القارة الأوروبية في أواخر الألفية الثانية كثيراً على أجواء ما قبل البطولة الأوروبية، التي تأثرت كثيراً بتغيّر المشهد السياسي في شرق القارة العجوز، إذ لم يُشارك منتخب الاتحاد السوفييتي العريق في البطولة بعد تفكك الاتحاد في عام 1991، ليُشارك بالتالي عوضاً عنه منتخب رابطة الدول المستقلة، الذي ضم آنذاك عدداً من اللاعبين الذين يتبعون لدول: (روسيا، وأوكرانيا، وروسيا البيضاء، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزباكستان، وطاجيكستان، وأذربيجان، وأرمينيا، ومولدوفا).

استبعاد يوغسلافيا بسبب الحرب الأهلية
كما لم يُشارك منتخب يوغسلافيا في النسخة التاسعة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي أقيمت في السويد، على الرغم من تربعه على عرش المجموعة الرابعة في التصفيات، حيث استبعده الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "اليويفا" من النهائيات في إطار الحظر الذي فرضه مجلس الأمن على يوغسلافيا يوم الثلاثين من شهر مايو (أيار) 1992، بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد، ليتم بالتالي استبداله بالمنتخب الدنماركي، الذي حلّ في المركز الثاني بالتصفيات التمهيدية.

ألمانيا الموحدة تُشارك بالنهائيات للمرة الأولى في تاريخها
وشهدت البطولة أيضاً خوض منتخب ألمانيا الموحدة للنهائيات للمرة الأولى في تاريخه، إذ شارك الناشيونال مانشافت في البطولة بعد أن تمت إعادة توحيد الألمانيتين الغربية والشرقية في الثالث من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 1990، وقد تصدّر عملاق أوروبا في ذلك الوقت قائمة المرشحين لنيل البطولة، ولا سيّما أنه قد تُوّج قبلها بعامين بلقب كأس العالم 1990 التي أقيمت في إيطاليا.

لا تغيير في نظام البطولة
وسط أجواء سياسية مشحونة، انطلقت نهائيات النسخة التاسعة من بطولة أمم أوروبا، بمشاركة ثمانية منتخبات في النهائيات، تم تقسيمها إلى مجموعتين تتنافس فيها الدول المشاركة في ما بينها، على أن يترشح للدور نصف النهائي متصدّر كل مجموعة، إضافة للمنتخب صاحب المركز الثاني، بحيث يلتقي أول المجموعة الأولى مع ثاني المجموعة الثانية، ويلعب أول المجموعة الثانية مع ثاني المجموعة الأولى، ويتأهل الفائزان إلى المباراة النهائية.

بداية قصة جميلة
أوقعت القرعة المنتخب الدنماركي، الذي كان يطمع بنقطة واحدة على الأقل وبخروج مشرّف، في مجموعة الموت الحديدية إلى جانب كل من: منتخب السويد، البلد المضيف، ومنتخبي إنجلترا وفرنسا، حيث استهل منتخب الديناميت مشواره في البطولة بتعادل سلبي أمام المنتخب الإنجليزي، قبل أن يخسر أمام نظيره السويدي بنتيجة هدف دون مقابل.

وظنَّ الجميع بعد ذلك أن المنتخب الدنماركي في طريقه لمغادرة البطولة من الدور الأول، لكن رفاق الحارس، بيتر شمايكل، قد أثبتوا للجميع أنهم قادرون على مقارعة الكبار في القارة الأوروبية العجوز من خلال تحقيقهم لفوز تاريخي على حساب المنتخب الفرنسي بنتيجة هدفين مقابل هدف، ليصعد بالتالي منتخب الديناميت برفقة جاره السويدي للدور نصف النهائي مستفيداً من سقوط المنتخب الإنجليزي أمام نظيره السويدي في الجولة الثالثة والأخيرة.

لا مفاجآت تُذكر في المجموعة الثانية
وعلى النقيض تماماً مما حدث في المجموعة الأولى، لم تشهد المجموعة الثانية أي مفاجأة تُذكر، فقد حجز المنتخبان الهولندي والألماني تذكرة الصعود للدور نصف النهائي، بعدما تصدر المنتخب الهولندي المجموعة برصيد خمس نقاط، مُتفوقاً بفارق نقطتين عن المنتخب الألماني، الذي جاء في المركز الثاني، فيما ودع المنتخبان الاسكتلندي ومنتخب اتحاد الدول المستقلة النهائيات بعدما جاءا في المركزين الثالث والرابع برصيد نقطتين لكل منتخب.

منتخب الدنمارك يُبهر الجماهير بفوز تاريخي على هولندا
في الدور نصف النهائي، ضرب المنتخب الدنماركي، الحصان الأسود في البطولة، موعداً في الدور نصف النهائي مع المنتخب الهولندي، حامل اللقب، حيث تمكن أبناء اسكندينافيا في تلك المباراة من اقتناص تعادل ثمين بهدفين لمثلهما مع انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي، بفضل هدفين للأسطورة هنريك لارسون وأداء مذهل للحارس المخضرم، بيتر شمايكل، الذي ذاد عن مرماه ببسالة في أكثر من مناسبة طوال مجريات المباراة، قبل أن يتصدى أيضاً لركلة الترجيح التي سددها ماركو فان باستن ليُهدي منتخب بلاده انتصاراً تاريخياً على حساب نظيره الهولندي.

ألمانيا تُطيح بالبلد المستضيف
من جانبه، أطاح المنتخب الألماني الأول لكرة القدم بالمنتخب السويدي، البلد المضيف، بعدما نجح في تحقيق الفوز عليه بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين، في مباراة الدور نصف النهائي التي جمعت بين المنتخبين، على ملعب "راسونداستاديوم"، ليضرب "الناسيونال مانشافت" بالتالي موعداً مع المنتخب الدنماركي في المباراة النهائية.

الدنمارك تتربع على عرش أوروبا
احتشد قرابة 38 ألف متفرج في ملعب نيا أولفي في مدينة غوتيبورغ السويدية، وذلك من أجل متابعة المباراة النهائية التي جمعت بين المنتخبين الدنماركي والألماني، وسط توقعات بفوز الناسيونال مانشافت بلقب البطولة، ولا سيّما أن تشكيلة المنتخب الألماني كانت تضم في ذلك الوقت نخبة كبيرة من أفضل النجوم في عالم الساحرة المستديرة، لعل أبرزهم: أندرياس بريمه وماتياس سامر وستيفان إيفنبرغ وتوماس هاسلر وكارل-هاينز ريدلي ويورغان كلينزمان.

لكن المنتخب الدنماركي قد خالف كل التوقعات والتكهنات، ونجح في تحقيق أمر أشبه بالمعجزة، بعدما حقّق الفوز في المباراة النهائية على حساب المنتخب الألماني بنتيجة هدفين دون مقابل، ليُتوج بالتالي باللقب للمرة الأولى والأخيرة في تاريخه، في واحدة من كبرى المفاجآت في تاريخ كرة القدم.

المساهمون