عودة الوحش...هل بعثرت أوراق "الأتليتي" الهجومية؟

08 نوفمبر 2017
تراجع كبير في نتائج أتلتيكو مدريد (Getty)
+ الخط -

"إذا سألتموني، هل تريد اللعب بشكل جيد حتى يثني عليك الأخرون؟ سيكون جوابي لا، ما أريده هو أن أفوز ولا يهمني ما إذا كان هذا سيعجب الأخرين أو لا يعجبهم"، هكذا يُعرف المدير الفني الأرجنتيني دييغو سيميوني عن نهجه التدريبي في كرة القدم في الكتاب الخاص بسيرته الذاتية "Creer".

لكن يبدو أن المدير الفني لأتلتيكو مدريد يواجه مشاكل جمة في الآونة الأخيرة لتحقيق الانتصارات، حتى بدون لعب كرة قدم جميلة، إذ يواجه الفريق خطر الإقصاء من دوري أبطال أوروبا باحتلاله المركز قبل الأخير في مجموعته برصيد ثلاث نقاط، فيما يقبع في المركز الرابع في بطولة الدوري المحلي.

ويواجه النجم الأرجنتيني السابق، أكبر موجة من الانتقادات من الصحافة المحلية منذ توليه قيادة "الروخيبلانكوس" منذ أكثر من ستة أعوام، وكان أخر تلك الانتقادات، عندما وصفت صحيفة "ماركا" الإسبانية الفريق بـ "مجموعة من الأشباح + غابي"، تعقيباً على الأداء الباهت الذي قدمه رجال سيميوني في مباراتهم أمام "المغمور" كاراباك الأذربيجاني في بطولة دوري أبطال أوروبا.

وعلى الرغم من الأجواء السلبية التي تحيط بالفريق في الوقت الراهن، إلا أن "الأتليتي" لم يتعرض لأية هزيمة حتى الآن في الدوري المحلي بعد مرور 11 جولة وهي المرة الثالثة فقط التي يتحقق فيها هذا الرقم، بعد أن نجح الفريق في تحقيق ذلك مسبقاً في موسمي (1967/1968)، و (1995/1996)، فيما يحتل الفريق المركز الثاني كأفضل فريق على المستوى الدفاعي في بطولة الدوري المحلي (6)، بعد المتصدر برشلونة (4)، لكن هذه الأرقام لم تعد كافية، وتتعالى الأصوات داخل أروقة النادي المدريدي مطالبة المدير الفني الأرجنتيني بإيجاد حل سريع لأزمة "هجوم الفريق" الذي ظهر جلياً للجميع، أنه أكثر ما يؤرق "التشولو".

وسجل الفريق 16 هدفاً في الدوري الإسباني حتى الآن، 7 منها فقط بتوقيع مهاجمي الفريق، بواقع هدفين لغريزمان، 4 أهداف لكوريا، وهدف وحيد لغاميرو، فيما لم يسجل توريس وفييتو أي هدف. وازداد الوضع تعقيداً في دوري أبطال أوروبا، إذ سجل الفريق هدفين فقط، واحداً منهما بتوقيع الفرنسي غريزمان. ويبقى اللغز المحير لجماهير "الروخيبلانكوس"، لماذا لا يسجل مهاجمو أتليتكو مدريد الأهداف؟ ونستعرض سوياً الأسباب الرئيسية التي أدت لأزمة هجوم الفريق.

عودة الوحش
أعلن أتليتكو مدريد عن تعاقده مع نجمه السابق، دييغو كوستا قادما من تشلسي الإنكليزي مقابل أكثر من 60 مليون يورو في سبتمبر/ أيلول الماضي، على أن يلعب بدايةً من يناير/كانون الثاني حينما تنتهي العقوبة الموقعة على الفريق والتي تمنعه من التعاقد مع أي لاعب حتى ذلك التاريخ بسبب ارتكاب مخالفات في التعاقد مع لاعبين قُصّر.

وابتهجت جماهير الفريق بعودة لاعبها المفضل إلى بيته القديم، لكن عودة كوستا سرعان ما أثرت بشكل غير مباشر على مهاجمي الفريق وخاصة الثلاثي (غاميرو، وتوريس، وفييتو). ويعيش الثلاثي في قلق كبير منذ قدوم كوستا، إذ يعلم كل لاعب على حدة أن مستقبله سيكون بلا أدنى شك خارج أسوار النادي، حيث سيضطر النادي لبيعهم في فترة الانتقالات القادمة لإفساح المجال لكوستا ليقود هجوم الفريق من جديد.

وأشارت تقارير محلية إلى أن النجم الإسباني توريس، قد قرر الانتقال من الفريق في الميركاتو الشتوي متجهاً إلى الصين أو أميركا، بعد عودة كوستا إضافة إلى الدقائق المعدودة التي أتيحت له هذا الموسم، فيما يعاني فييتو من فقدان للثقة، إذ شارك أساسياً في 6 مباريات من أصل 7، وسنحت له 14 فرصة للتسجيل لكنه لم يسجل أي هدف. أما غاميرو فمازال يحاول العودة لمستواه بعد الإصابة التي ألمت به الصيف الماضي، ليحتل مكانه كوريا، ليصبح شريك غريزمان في الهجوم الذي يفضله سيميوني.

علاقة متوترة
"ليس لدينا لاعب يستطيع أن يفوز لنا بالمباريات بمفرده"، وجه سيميوني انتقادا ضمنيا لنجم فريقه، أنطوان غريزمان، لتحميله سوء النتائج في بعض المباريات، وكشفت تصريحات الأرجنتيني الأخيرة عن وجود ما يشبه انكسار في العلاقة مع النجم الفرنسي، وما يؤكد ذلك، هو حادثة المباراة الأخيرة في الدوري أمام ديبورتيفو لا كورونيا عندما أخرج سيميوني، غريزمان قبل نهاية المباراة بدقائق معدودة في محاولة من الأرجنتيني لمواصلة بعث رسائله الضمنية لنجم الفريق بأنه "قابل للمس".

ليأتي لاعب الوسط الغاني، توماس ليحرز هدف الفوز، وهو يمثل انتصارا لفكرة سيميوني "الجماعية" على فكرة غريزمان "الفردية"، حيث أوضح سيميوني في مرات عديدة هذا الموسم، أن  مصلحة الفريق تعلو على مصلحة الفرد في إشارة ضمنية للثنائي غريزمان وكاراسكو، وعلى الطرف الأخر انتقد شقيق غريزمان خطط "التشولو" وخاصة في "الرياثور" عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا " نتقدم 40 متراً ، ونتأخر 80، شيء معتاد، غريزمان يلعب وكأنه رقم 6 في الملعب"، وفي تغريدة أخرى أضاف " غريزمان لا يستطيع خلق فرص، إذا كان لا يمتلك الكرة". وكان غريزمان أحرز ثلاثة أهداف فقط في كل المسابقات منذ بداية الموسم (هدفين في الدوري وواحد في دوري أبطال).

معدل التحول
يعتمد أسلوب لعب أتليتكو سيميوني على خنق المساحات أمام الخصم دفاعياً، وعلى مباغتته سواء بهجمات مرتدة أو استغلال اندفاعه هجومياً لإحراز الأهداف، وتضع الخطة أعباءً كثيرة على مهاجمي الفريق بحيث يتوجب عليهم التسجيل من أنصاف الفرص المتاحة لهم في مرات معدودة خلال سير اللقاء، ويظهر الفريق بشكل سيئ إذا لم يتم استغلال هذه الفرص خصوصاً أن الفريق لا يتميز ببناء اللعب هجومياً في جميع فترات المباراة.

ففي مباراة الذهاب أمام فريق كاراباك الأذربيجاني، سدد الفريق 12 مرة (ثلاث منها فقط على المرمى)، وفشل في تسجيل أي هدف، فيما اختلف الوضع في مباراة الإياب بـ 34 تسديدة للفريق منها 11 على المرمى وهدف وحيد بمعدل تحول ضعيف للغاية وصل لـ 2%، على الطرف الأخر سدد الفريق الأذربيجاني 4 تسديدات، منها 3 على المرمى بهدف وحيد أيضاً بمعدل تحول وصل إلى25%. وارتفع هذا المعدل قليلا في مباراة الفريق أمام ديبورتيفو لا كورونيا ليصل إلى 9% بواقع 11 تسديدة، منها 3 على المرمى وهدف وحيد. وهي الإحصائيات التي تؤكد يدورها وجود أزمة بالنسبة لمهاجمي الفريق في الثلث الأخير من الملعب.

وعلى الرغم من ابتعاد الفريق عن مستواه المعهود، إلا أن سيميوني يحتفظ بثباته في وقت هو الأصعب عليه منذ توليه إدارة الفريق فنيا، ويرى الأرجنتيني أن "المحنة هي أفضل مدرسة، لا أحد يتعلم بكثرة مثلما يتعلم في وقت الصعوبات"، وذلك بحسب ما ذكره في سيرته الذاتية.

المساهمون