لائحة جزاءات صحافيي مصر "تعجّل بوفاة الصحافة"... ونقابيون: سنطعن أمام القضاء

19 مارس 2019
جزاءات فضفاضة ودق لناقوس الخطر (GETTY)
+ الخط -
أصدر "المجلس اﻷعلى لتنظيم اﻹعلام" في مصر، برئاسة مكرم محمد أحمد، لائحة الجزاءات التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ﻷحكام قانون تنظيم الصحافة واﻹعلام، بالرغم من تقدم المئات من الصحافيين بمذكرة رسمية للمجلس ترفض مسودة اللائحة، باعتبارها تستهدف فرض الصمت التام على جميع وسائل الإعلام، عبر نصوص عقابية جرمت تماماً ممارسة مهنة الإعلام والصحافة، إلا في الحدود المسموح بها أمنياً وحكومياً.
وتضمنت اللائحة جزاءات وعقوبات مغلظة، في إطار محاولات النظام المستمرة للتضييق على عمل الصحافيين، منها "معاقبة كل من استخدم أو سمح بألفاظ واضحة وصريحة، تشكل جريمة سب أو قذف، بأحد الجزاءات الآتية: إما معاقبة الوسيلة الإعلامية بغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه، ولا تزيد على 250 ألف جنيه، أو لفت النظر أو الإنذار، أو إحالة الصحافي أو الإعلامي للتحقيق بمعرفة النقابة، أو إلزام الوسيلة بتقديم اعتذار أو وقف بث البرامج المخالفة، أو حجب الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، أو منع الصحافي أو الإعلامي من الكتابة". (الدولار يساوي حوالى 17 جنيهاً)

ونصت اللائحة كذلك على أنه "يُعاقب كل من استخدم أو سمح باستخدام عبارات سوقية، أو
إيماءات أو إشارات من شأنها إهانة جهة، أو شخص ما أو كانت تنطوي على تهكّم، أو سُخرية، أو تهديد، أو تؤذي مشاعر المواطنين بأحد الجزاءات الآتية أو أكثر حسب الأحوال: غرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه، ولا تزيد على 250 ألف جنيه، أو لفت النظر، أو الإنذار".

ونصت أيضاً على أنه "يُعاقب كل من نشر أو بث شائعات، أو أخباراً مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدم منصات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، إما بلفت النظر أو الإنذار، أو توقيع غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 25 ألف جنيه، أو مضاعفة العقوبة. واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، حال استخدام عبارات تشمل التخوين دون سند. ويجوز وقف بث البرامج، أو الباب أو الصفحة أو الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، وتوقيع غرامة لا تقل عن 250 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين".
كما نصت على أنه "يُعاقب كل من استخدم أو سمح باستخدام عبارات، أو ألفاظ تدعو إلى التحريض على العنف، أو الحض على الكراهية، أو التمييز أو الدعوة للطائفية، أو العنصرية، أو يسيء لمؤسسات الدولة، أو الإضرار بمصالحها العامة، إما بمنع نشر أو بث أو حجب الصفحة، أو الباب، أو البرنامج، أو الموقع الإلكتروني لفترة محددة أو دائمة أو منع نشر أو بث الوسيلة لفترة محددة، أو توقيع غرامة لا تقل عن 250 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه".

كما نصت اللائحة على أنه "يُعاقب كل من سمح ببث أو نشر صور أو فيديوهات لمتهمين من غير الشخصيات العامة في أثناء التحقيقات معهم، وقبل إحالتهم للمحاكمة، بلفت نظر، أو إلزام الوسيلة بتقديم اعتذار واضح، أو منع نشر أو بث أو حجب الصفحة أو الباب أو البرنامج أو
 الموقع الإلكتروني لفترة محددة. كما يُعاقب كل من سمح، أو قام بإجراء مناقشات، أو حوارات على حالات فردية باعتبارها ظاهرة عامة، أو خلط الرأي بالخبر، إما بلفت النظر أو غرامة مالية لا تقل عن 25 ألف جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه".
ونصت على أنه "يُعاقب كل من سمح، أو خاض في الأعراض، أو شكك في الذمم المالية دون دليل، أو قام بانتهاك حرمة الحياة الخاصة، إما بمنع النشر، أو البث، أو الحجب المؤقت للصفحة، أو الباب، أو البرنامج، أو الشاشة، أو الموقع الإلكتروني، أو إلزام الوسيلة بتقديم اعتذار، أو غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 250 ألف جنيه".
ونصت اللائحة على أنه "يُعاقب كل من خالف قواعد التغطية الصحافية، أو الإعلامية للعمليات الحربية، أو الأمنية أو الحوادث الإرهابية، إما بمنع النشر، أو البث، أو الحجب المؤقت للصفحة، أو الباب، أو البرنامج، أو الموقع الإلكتروني. ويجوز للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منع بث الوسيلة لفترة محددة حال جسامة المخالفة".

إلى ذلك، علق عضو مجلس نقابة الصحافيين، محمد سعد عبد الحفيظ، على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، قائلاً: "بالاتفاق مع عدد من الزملاء أعضاء مجلس نقابة الصحافيين، وعدد من المحامين تم الاتفاق على الطعن على لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى للإعلام أمام القضاء الإداري، باعتبارها قرارا إداريا صادرا من المجلس".
وأضاف عبد الحفيظ: "سيتم عرض موضوع الطعن على أول اجتماع لمجلس النقابة بتشكيله الجديد. وأرجو من الزملاء أعضاء الجمعية العمومية أن ينتبهوا لخطورة ما جاء في تلك اللائحة، لأنها ستنهي على ما تبقى من صحافة في هذا البلد".

 بدوره، قال عضو مجلس النقابة، الصحافي عمرو بدر، إن "لائحة المجلس الأعلى للإعلام ستقضي على ما تبقى من مهنة الصحافة"، مضيفاً "اللائحة المتعسفة تحاسب المؤسسات على النفس، وتحمل اتهامات فضفاضة من نوعية: التعصب، والكراهية، والفسق، والفجور، وإهانة مؤسسات الدولة، وإهانة الأديان".
وزاد بدر: "اللائحة المتعسفة المكتوبة بروح عدائية ضد الصحافة وحريتها، وتفرض غرامات تصل إلى 250 ألف جنيه، فضلاً عن إجازتها غلق المؤسسات الصحافية بشكل مؤقت أو دائم!"، مستطرداً "إسقاط اللائحة واجب وفريضة، لأنها تجاهلت كل ملاحظات النقابة، وحالة الرفض الواسع من جانب الصحافيين".



وقال الصحافي الخاسر في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة، حازم حسني، إن "اللائحة تمثل تحدياً عظيماً للجمعية العمومية للصحافيين، لأن إصدارها بشكل رسمي بعد إجراء انتخابات التقابة بأيام قليلة لهو دليل على أن الدولة تتعجل إعلان وفاة الصحافة"، مطالباً بنبذ
 الخلافات والتكتل والتوحد في مواجهة اللائحة.
واقترح حسني على مجلس النقابة "استغلال سخونة الوضع العام بين الصحافيين بعد الانتخابات، والدعوة لعقد اجتماع عام لدراسة سبل المواجهة، ودعوة الصحف للاحتجاب أو على الأقل الاحتجاج بأي شكل يحدده المجلس، ومساندة المسلك القانوني للتعبئة والحشد ضد اللائحة ، والخروج ببيان يدين إصدار اللائحة، ويدعو للاجتماع والاحتجاج المبدئي (بشارة سوداء) لحين عقد الاجتماع، وتحديد شكل الاحتجاج".


وقالت الصحافية إيمان عوف: "هذا أول اختبار لنقيب الصحافيين والمجلس الجديد، كون إقرار لائحة جزاءات الأعلى للإعلام سيقضي على ما تبقى من مهنة تئن من القيود... اقتراحاتي الدعوة لانعقاد طارئ للجمعية العمومية، وإقامة دعوى بطلان أمام المحاكم المختصة، واتخاذ كل السبل لوقف تلك الكارثة".


بينما قال عضو مجلس نقابة الصحافيين، الفائز بأعلى أصوات في الانتخابات الأخيرة، محمود كامل، إن "المجلس الأعلى للإعلام تجاهل مطالب مجلس نقابة الصحافيين، والمقترحات المقدمة له بمذكرة موقعة من 400 صحافية وصحافي"، مشدداً على أن "لائحة الجزاءات الكارثية
 ستظل هي والعدم سواء، وسيسلك مجلس النقابة كل الطرق القانونية لإسقاطها".

وحسب المذكرة المقدمة من الصحافيين، فإن اللائحة "اغتصبت سلطة القضاء بمنحها المجلس الأعلى للإعلام سلطة فرض عقوبات جنائية على الصحف والمؤسسات، ما يعد خرقاً لمبدأ عدم ازدواج العقوبة، علاوة على تعديها على سلطة النقابات في معاقبة أعضائها تأديبياً، وتجاهلها النصوص القانونية والدستورية التي تعطي للنقابات المهنية من دون غيرها سلطة معاقبة أعضائها تأديبياً".
وأفادت المذكرة بأن اللائحة منحت للمجلس الأعلى للإعلام حق استدعاء الصحافيين والإعلاميين للتحقيق، وفرض عقوبات تأديبية ضدهم كالمنع من الظهور في وسائل الإعلام، أو حجب الصفحات والأبواب تماماً أو وقفها لفترات، بالمخالفة للدستور، وقانون المجلس نفسه، الذي ينص على منع إعادة نشر المادة الصحافية محل المخالفة أو حذفها، وصولاً إلى الحجب التام للموقع الإلكتروني لمجرد الاشتباه في ارتكاب جريمة.

وقننت اللائحة للمرة الأولى قوائم المنع من الظهور في وسائل الإعلام بدواع فضفاضة كاعتبارات الأمن القومي، أو حتى في حالة اتهام الصحافي أو الإعلامي بارتكاب مخالفة قد تشكل جريمة جنائية، وهو ما يمثل فرض عقوبة من دون إدانة ولمجرد الاتهام، إلى جانب مخالفة اللائحة لأحكام الدستور، الذي ينص على حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بحرية من دون قيود.


تجدر الإشارة إلى مصادقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على أربعة تشريعات جديدة خلال العام الماضي، تهدف إلى السيطرة على الإعلام والإنترنت، وهي قوانين مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وهي القوانين التي صاحب إصدارها موجة من الانتقادات من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين.