لجنة الحريات... الاختبار الأول لمجلس نقابة الصحافيين المصريين الائتلافي

30 مارس 2017
الحكم ضد يحيى قلاش ليس الانتهاك الوحيد (العربي الجديد)
+ الخط -
حزمة من قضايا الحقوق والحريات، أُلقيت مصادفة في وجه مجلس نقابة الصحافيين الجديد، الذي يدّعي علاقته "الطيبة" بالنظام المصري الحاكم؛ تضعه في اختبار حقيقي، إما الانتصار للحريات أو البقاء في جناح السلطة. 

فالحكم الصادر، السبت الماضي، من محكمة جنح مستأنف قصر النيل، والقاضي بقبول استئناف نقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، وعضوي المجلس، خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، شكلًا، بتخفيض العقوبة إلى سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات؛ كان التحدي الأول لمجلس النقابة الجديد المكون من أعضاء مختلفين أيديولوجيا، يجعل عملهم سوياً في ظل الظرف السياسي الراهن، صعبا إلى حد كبير.

وبالتزامن مع إصدار مجلس النقابة قراراً بتشكيل لجنة من أعضائه وفريق قانوني لمساندة قلاش والبلشي وعبد الرحيم، بشكل كامل، في إجراءات النقض على الحكم، كانت وتيرة الانتقادات والرفض تتعالى من قبل منظمات حقوقية عدة داخل مصر وخارجها، وصفته بـ "نقطة سوداء جديدة في سجل حرية الصحافة"، وأنه "يدخل ضمن قائمة الأحكام المُسيَّسة
الصادرة بحق نشطاء المجتمع المدني في مصر في السنوات الأخيرة".

وقالت تسع منظمات حقوقية مصرية، في بيان مشترك لها، الإثنين، إن الحكم يأتي في "سياق تتعرَّض فيه حرية التعبير بشكل عام، وحرية الصحافة والإعلام بشكل خاص، لانتهاكات مُمنهجة تستهدف قمع الأصوات المختلفة، وإقصاء وتهميش كل رواية تختلف مع الرواية الرسمية للأحداث، ومحاولة تسييد صوت واحد محافظ يدعم سياسات وتوجهات النظام السياسي".


وينتظر الصحافيون والحقوقيون المصريون، تنفيذ مجلس النقابة قرارا بمخاطبة النائب العام لاستكمال التحقيقات في البلاغات المقدمة من النقابة، بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2016 و4 مايو/أيار 2016، ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة بصفتيهما، والمتعلقة بتوقيف واحتجاز عدد من الزملاء ومنعهم من دخول النقابة، وذلك استكمالا للدور النقابي في الدفاع عن المهنة وأعضاء الجمعية العمومية.

يذكر أن محكمة جنح قصر النيل قد عاقبت، في نهاية العام الماضي، الصحافيين الثلاثة بالحبس عامين مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، وذلك بعد اتهامهم بإيواء مطلوبين
للعدالة، ونشر أخبار كاذبة عن واقعة اقتحام النقابة، والقبض على الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا من داخلها، في الأول من مايو/أيار من العام الماضي.


تحدّ آخر يواجه مجلس النقابة الحالي، مع اقتراب جلسات الحكم في الدعوى المقامة من أحد المحامين، والتي تطالب بإسقاط الجنسية عن عدد من الصحافيين والإعلاميين من أعضاء النقابة، المعارضين للنظام الحالي والمتواجدين خارج مصر وداخلها.

وكانت محكمة مجلس الدولة المصرية، قد حددت جلسة 23 أبريل/نيسان المقبل، موعداً للنطق بالحكم في الدعوى القضائية المطالبة بإسقاط الجنسية عن ستة إعلاميين مصريين هم، حسب ما ورد بأوراق الدعوى، أحمد منصور، وإبراهيم هلال، وعبد الفتاح فايد، وأيمن جاب الله، ومحمد عبد القدوس، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحافيين سابقا والذي لم يخرج من مصر مطلقا، ومحمد ماهر عقل، وزين العابدين توفيق، والصحافي بجريدة الأسبوع سابقا، وسالم المحروقى، والكاتب الصحافي ومدير تحرير الشروق سابقا، وائل قنديل، بتهمة عملهم في قناة الجزيرة، والتحريض ضد مصر، وتعريض الأمن القومي للخطر وبث الفتنة بين الشعب واستعداء الجيش.


تحد آخر أيضاً يواجه مجلس النقابة بتشكيله الحالي، بعد اعتماد هيئة مكتبه ومقرري لجان
النقابة، متعلق بلجنة الحريات التي تم إسنادها لعضو المجلس، إبراهيم أبو كيلة، والذي علق على منطوق الحكم على قلاش والبلشي وعبد الرحيم بـ"احترم كل أحكام القضاء".

وكان خمسة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصريين، بتشكيله الجديد، قد انسحبوا من أول اجتماع لمجلس النقابة، على خلفية اعتراضات على آلية الدعوة للاجتماع لاختيار مقرري اللجان، على خلفية تخوفات من تكيف لجنة الحريات لأحد من أعضاء النقابة الموالين سياسيا للنقيب الجديد (مرشح الدولة)؛ ما سيؤدي بالتبعية إلى إهدار فكرة ودور اللجنة التاريخي في الدفاع عن الحريات بشكل عام لا عن حريات الصحافيين وحدهم.


ويترقب الصحافيون دور لجنة الحريات في نقابة الصحافيين، في المرحلة القادمة في عهد المجلس الجديد، خاصة بعد التركة الثقيلة التي خلفها مقرر اللجنة السابق، خالد البلشي، الذي أصر على اعتماد مجلس النقابة خلال اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، تقرير اللجنة عن عام 2016، قبل انتهاء ولايته بيوم.


وبحسب تقرير لجنة الحريات عن عام 2016، فقد بلغت الانتهاكات بحق الصحافيين 800
انتهاك ضد الحريات الصحافية والإعلامية، على المستوى اليومي أثناء التغطيات على الأرض، أو على مستوى الهجمة على نقابة الصحافيين، وأيضا على مستوى البنية التشريعية والقانونية، لتختتم السلطة الحالية، بتفتيت قانون الإعلام الموحد، واستمرار استخدام سلاح حظر النشر في العديد من القضايا.

وشهد الحظر في قضايا النشر أكثر من 10 وقائع خلال العام المنصرم، سواء بقرارات صادرة من النائب العام أو من المحاكم المختلفة، أو على مستوى القضايا التي حركتها السلطة ضد الصحافيين.

ووصل الأمر، بحسب التقرير، إلى صدور 8 قرارات ضبط وإحضار ضد أعضاء بالنقابة في قضية واحدة، من دون أن يتم تحريكها، مع تصاعد ظاهرة المنع من الكتابة لتطاول بعض كبار الصحافيين. ووصلت إلى منع نشر مقالات أحد رؤساء مجالس الإدارات بالصحف القومية، ومقال لأحدهم تم اختياره بعد فترة بسيطة كرئيس للجنة العفو الرئاسي.

كما كشف تقرير لجنة الحريات عن وجود أكثر من 50 صحافياً مهدداً بالحبس، طبقا لآخر إحصاء أجرته اللجنة، بينهم أكثر من 30 صحافياً رهن الحبس فعلياً، و20 آخرون مهددون بالحبس، سواء صدرت بحقهم أحكام ابتدائية في قضايا تتعلق بالنشر أو بممارستهم عملهم النقابي، أو رهن المحاكمة حاليا، وبين هؤلاء نقيب الصحافيين ووكيل النقابة وسكرتيرها العام وعدد من رؤساء التحرير، في قضايا حركها وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد الزند.