حرية التعبير في مصر: "مُحاصرة من الشارع إلى الإنترنت"

18 فبراير 2020
انتهاكات بالجملة لحرية التعبير (Getty)
+ الخط -
"تعبير محاصر من الشارع إلى الإنترنت"، تحت هذا العنوان أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) تقريرها السنوي الحديث عن حالة حرية التعبير في مصر خلال عام 2019، قائلةً إنّ النظام الحالي "رسَّخ على مدى السنوات الست السابقة سيطرته على الحياة السياسية، وانقضَّ على مكتسبات ثورة 25 يناير التي عززت حرية التعبير والنقاش العام والمساءلة السياسية، وكانت آخر تلك الخطوات ما رصده التقرير السنوي السابق من إصدار تشريعات تنتهك حرية الإعلام والحقوق الرقمية، بطريقة غير مسبوقة".

وأضافت المؤسسة "يبدو أن السنوات السابقة، بما شهدته من تقييد لحرية التعبير، لم تكن كافية لضمان استقرار النظام الحالي، فكلما تصاعد الاهتمام بالشأن العام، عاد نظام السيسي ليضرب بقوة مستهدفًا كل أشكال التعبير الحر عن الرأي والفئات الأكثر تفاعلًا في النقاش العام، مثل الصحافيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وأساتذة الجامعات والنشطاء السياسيين".

واعتبرت المؤسسة وجود "علاقة طردية بين الاهتمام بالسياسة وانتهاك حرية التعبير. وأنها قد تجلّت في حدثين على مدار العام 2019، الأول هو التعديلات الدستورية التي كان الهدف الرئيسي منها منْح الرئيس السيسي صلاحية البقاء في منصبه حتى عام 2030، أما الحدث الثاني فكان دعوة الاحتجاج على سياسات الرئيس السيسي والمعروفة بتظاهرات سبتمبر، في كلا الحدثين كان الهدف الرئيسي إسكات الأصوات الناقدة، كما يُظهر التقرير في قسمه الأول الذي يستعرض الانتهاكات على مدار العام".

من جانب آخر، أكد التقرير مواصلة النظام الحالي حجب المعلومات، مدفوعًا بالخوف من تعبير المواطنين عن آرائهم وسعيهم إلى الوصول إلى المعلومات. حيث "عطَّل البرلمان إصدار قانون لحرية تداول المعلومات، واقترح قانونًا لمكافحة الشائعات، من دون أن يتكلف أحد من المشرعين بالإجابة على تساؤل: كيف ندرك الفرق بين المعلومة والشائعة إذا كانت الدولة لا تفصح من الأساس عن المعلومات الرسمية؟ هذا بالإضافة إلى استمرار الجهات الأمنية أو السيادية في حجْب المواقع الإلكترونية، من دون اكتراث باستخدام القوانين القمعية التي صدرت في العام 2018" حسب التقرير.
وانقسم التقرير إلى قسمين، استعرض الأول الانتهاكات التي ارتكبتها أجهزة الدولة المختلفة في ما يتعلق بحرية التعبير وتحديدًا في ملفات الإعلام والحقوق الرقمية والإبداع والحرية الأكاديمية وتداول المعلومات. أما القسم الثاني فركز على تحليل وتفنيد الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية خلال حدثين سياسيين بارزين وقعا خلال شهري إبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول الماضيين.

ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خلال عام 2019، 69 واقعة عوقب خلالها 144
شخصًا بالحبس الاحتياطي والاحتجاز والتحقيق، بسبب تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي سواء بالكتابة أو بنشر فيديوهات، وفي بعض الأحيان بسبب تظاهرهم في الشوارع أو حتى لقيامهم بإطلاق الصفافير في منازلهم، إلا أن النيابة -في أغلب الحالات نيابة أمن الدولة العليا- وجهت إليهم جميعًا تهمة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة.

وقعت النسبة الأكبر من الانتهاكات في محافظة القاهرة بـ119 انتهاكًا، تلتها محافظة الجيزة بـ10 انتهاكات، ولحقتهما محافظة الإسكندرية بـ8 انتهاكات والشرقية بـ4 انتهاكات، بينما وقعت حالة انتهاك وحيدة في كل من محافظات: الفيوم، الغربية والقليوبية، حسب التقرير. ورصدت المؤسسة حجب السلطات في مصر لما يقارب 40 موقعًا إلكترونيًّا خلال العام. وبهذا ارتفع عدد المواقع المحجوبة إلى 546 موقعًا.

كما تعرض 13 موقعًا لتطبيقات التراسل الفوري للحجب في سبتمبر الماضي، من بينها مواقع تطبيقات شهيرة مثل Signal وWire، وكان هذا على مدار الأيام القليلة السابقة لـ28 سبتمبر، حين دعا المقاول والممثل محمد علي إلى تظاهرات في الميادين المختلفة في هذا اليوم ضد الرئيس السيسي.

ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير حبس خمسة على الأقل من أعضاء هيئات تدريس جامعية احتياطيًّا على ذمة قضايا سياسية. كما رصدت إحالة إدارة جامعتين أستاذين بهما للتحقيق على خلفية تعبيرهما عن آرائهما. كما تعنتت إدارة جامعة القاهرة من جديد في تجديد الإجازة الدراسية لباحثة الدكتوراه خلود صابر في جامعة لوفان الكاثوليكية.

وخلال عام 2019 تصدرت نقابتا المهن الموسيقية والمهن التمثيلية قائمة مرتكبي الانتهاكات بأربعة انتهاكات للأولى وانتهاكين اثنين للأخيرة، من بين 11 انتهاكًا رصدتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير على مدار العام في 9 وقائع مختلفة ضد مُبدعين. ولحق بهم جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بانتهاك واحد. تنوّعت الانتهاكات ما بين: شطب، منع من القيد بالنقابة، إلغاء عضوية، وإيقاف عن العمل.
المساهمون