وقالت الصحيفة إنّ رؤساء وكالات التجسس في المملكة المتحدة يستعدّون لهجوم انتقامي روسي، يرجّح أن يقوم فيه المتسلّلون المدعومون من الكرملين بنشر معلومات محرجة عن وزراء ونواب وغيرهم من البريطانيين البارزين.
وتلقّت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، تقييماً للمخاطر الاستخبارية، منذ هجوم الأعصاب في ساليسبري، بأنّ نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن يردّ بـ"كومبرومات" (مواد محرجة) على أعضاء حكومتها.
وأتى هذا التحذير بعد الضربة الثلاثية على سورية، أمس السبت. والتي أطلقت خلالها طائرات وبارجات حربية بريطانية وأميركية وفرنسية شحنةً من 105 صواريخ في أقل من عشرة دقائق حوالى الساعة الثانية صباحاً بتوقيت بريطانيا، بعد مقتل وإصابة المئات في مجزرة الكيميائي في دوما، الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر أمنيّة لـ"صنداي تايمز" إنّ بريطانيا مستعدّة لشنّ هجوم سيبراني ضدّ روسيا، إذا استهدفت الأخيرة البنية التحتية الوطنية في المملكة المتحدة.
وتدهورت علاقات بريطانيا مع روسيا إلى مستوى تاريخي بعد أن حمّلت لندن روسيا المسؤولية عن هجوم بغاز الأعصاب على الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنكلترا مما أدى إلى عمليات طرد ضخمة لدبلوماسيين. ونفت روسيا ضلوعها في هذا الأمر، كما دانت، أمس السبت، الضربة الثلاثية.
وأصبح الأمن الإلكتروني نقطة محورية في العلاقات المتوترة. وقال مدير وكالة مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية وهو جهاز مخابرات بريطاني يوم الخميس إن وكالته "ستواصل فضح سلوك روسيا غير المقبول في المجال الإلكتروني"، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وجاءت تفاصيل التحضيرات بعد أن قالت تيريزا ماي لصحيفة الصنداي تايمز إنها على استعداد لأن تأمر بشن حملة جديدة ضد الأوليغارشيين الروس في لندن. وقال مسؤولون في "داونينغ ستريت" إن أصدقاء فلاديمير بوتين قد يواجهون المزيد من العقوبات الاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه تمّ تحذير ماي من احتمال التمييز بين السياسيين في الهجوم الروسي المضادّ، كما كانت هيلاري كلينتون مستهدفةً خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
وتقف وكالة الاستخبارات الإلكترونية البريطانية GCHQ ووزارة الدفاع على أهبّة الاستعداد لـ"الردّ المناسب".
وكان خبراء الإنترنت قد قاموا بـ"التخزين المسبق" داخل شبكات كمبيوتر خاصة بالأهداف الروسية، بحسب الصحيفة. وقال المصدر "نحن نعرف قواعد اللعبة الروسية. مواد كومبرومات، ونحن مستعدّون لذلك. نحن نعلم أنّ لديهم القدرة على القيام باختراق بهذا النطاق".
وأجريت الاستعدادات للردّ العيني إذا ما استهدفت موسكو مرافق حرجة مثل الشبكة الوطنيّة والخدمات الصحية الوطنية NHS، وكلاهما في حالة تأهب قصوى.
وقال مصدر استخباراتي "لن يكون من المستحيل أن يمروا بطريقة تؤذينا. إذا لاحقونا بقوة، سيكون لدينا بالتأكيد القدرة على القيام ببعض الأشياء. ولكن خلافاً لروسيا، فإننا نلتزم بالقانون، لذا فإن أي شيء نقوم به سيتم تنفيذه بشكل متناسب".
ووافق المصدر الثاني على ما يلي "من المرجح أن يعودوا إلى المعلومات المستهدفة ويحاولون إحداث أكبر قدر ممكن من الإحراج والفوضى".
وفي إشارة إلى استعداد ماي لمواجهة مستمرة مع موسكو، ربطت رئيسة الوزراء صراحةً الضربات الجوية بهجوم الأعصاب في ساليسبري، وأوضحت أن بريطانيا مستعدة لاتخاذ خطوات أخرى لكبح جماح عدوان الكرملين.
وقالت "إن هذه الضربات تدور حول ردع الاستخدام البربري للأسلحة الكيميائية في سورية وما وراءها". ووصفت تسميم سيرغي ويوليا سكريبال بأنه "جزء من نمط من الاستهتار" فيما يتعلق بـ"معايير" السلوك المقبولة.
وأضافت: "في حين أن هذا الإجراء يتعلق تحديدًا بردع النظام السوري، فإنه سيرسل أيضًا إشارة واضحة إلى أي شخص آخر يعتقد أنه بإمكانه استخدام الأسلحة الكيميائية ويفلت من العقاب".
وقالت رئيسة الوزراء لصحيفة "صنداي تايمز" إن الحكومة سوف تستهدف أصدقاء بوتين الذين لديهم "أموال غير مشروعة" في لندن. وقالت: "إننا ننظر إلى كل جانب من جوانب الأفعال التي يمكن اتخاذها".
وأضاف مصدر في داوننغ ستريت: "سنرى إجراءات مكثفة بشأن التدابير المالية ضد الأوليغارشية الروسية في المملكة المتحدة قريباً".
ومن جانبه رحّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الليلة الماضية بـ "الضربة المنفذة بشكل مثالي"، وشكر بريطانيا وفرنسا على "حكمتهما وقوتهما العسكرية الرائعة" معلناً "إنجاز المهمة". في حين رفض بوتين ذلك ووصفه بأنه "فعل عدواني" من شأنه "أن يكون له تأثير مدمر" على العلاقات.
وفي مؤتمر صحافي في داوننغ ستريت صباح أمس، أوضحت ماي أنّها مستعدة للإذن بمزيد من الضربات الجوية على منشآت الأسلحة الكيميائية السورية إذا استمر نظام الأسد، المدعوم من موسكو، في استخدام الأسلحة المحظورة.
وقالت: "يجب ألا يكون للنظام السوري شكّ في عزمنا في ما يتعلق بمسألة استخدام الأسلحة الكيميائية".
وستدلي ماي ببيانٍ في البرلمان غداً. فرغم انها وجدت دعماً من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي لكنّها واجهت مزاعم زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، الذي قال إنّ الضربات "مشكوكٌ فيها قانونياً" لأنها "لم تطلب موافقة برلمانية".
وردّ داونينغ ستريت بنشر ملخّص عن المشورة القانونية الرسمية التي خلُصت إلى أنّ الغارات الجويّة كانت قانونيّةً بناءً على أسبابٍ إنسانيّة.