وكشف الصحافيون الذين أنتجوا تحقيقات استقصائية، العديد من التجاوزات في مجال حقوق الإنسان، وحالات عبودية، وقضايا فساد طاولت الحق في الحياة، وموارد الدول وشعوبها المسلطة على رؤوسهم سيوف الفقر والمكبلين بالقيود القانونية التي تسلبهم حريتهم.
وقالت المديرة التنفيذية لشبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج)، رنا الصباغ، لـ"العربي الجديد"، "إن السنوات الماضية، وبالضبط منذ عام 2011، كانت الأصعب في مسيرتي وعمل أريج، فبعد أن عقدت الآمال على الربيع العربي، لوحظ أن هذا الأمل تلاشى، ذلك أن غالبية الحكومات العربية سنّت قوانين وتعليمات مقيدة لحرية الصحافة"، مضيفة "ربما قريبا جدا يصدر قانون يجرّم العمل الصحافي، بعد قوانين تكميم الأفواه".
وأضافت: "دورنا هو حراسة المجتمع، وكشف الإخفاقات، والمطالبة بالحلول، من خلال نشر ثقافة صحافة الاستقصاء، وتسليط الضوء على المشاكل والصعوبات التي تواجه المجتمعات العربية، ونبش ممارسات الظلم التي تؤدي إلى القهر والتعاسة، إضافة إلى دورنا في مساءلة الفاسدين والمهملين وغير الأكفاء حتى يقوموا بمهامهم، من خلال الطرح الموضوعي، والاعتماد على مبدأ التوازن، والحديث مع جميع الأطراف لتقديم موقفهم من القضية".
وأوضحت "الصحافي الاستقصائي ليس كالصحافي الإخباري، فعمله متواصل"، مشيرةً إلى أن الشبكة تحاول العمل على القضايا التي لا تحمل خطورة عالية على حياة الصحافي وسلامته، كما يتم التوجيه بالعمل على القضايا التي تمس المواطنين كقضايا البيئة والتعليم والصحة، والتي تكون فيها المصادر مفتوحة وليست مغلقة.
وأضافت: حتى في القضايا البيئية أحيانا يدفع الصحافيون ثمناً غالياً. ففي السودان أعدّ أحد الصحافيين تحقيقاً حول مزارع الدجاج وسط المناطق السكنية، لكن بعد ذلك اتضح أنّ مالك الصحيفة هو أحد المستثمرين في هذا العمل، مما كلّف الصحافي فقدان وظيفته.
وقالت إنّ هناك أحياناً نقاطاً إيجابية، فقد أصدرت هيئة النفاذ إلى المعلومة في تونس قراراً يقضي بإلزام وزارة الداخلية بتمكين الصحافية أمل المكّي، معدّة تحقيق "S17: ضحايا مزاج الداخلية"، من الحصول على نسخة ورقية من الإحصائيات المتعلّقة بعدد المعنيّين بإجراء حدودي يقيد حرية تونسيين في التنقل، والمعبّر عنه بمصطلح "S17".
وأوضحت، جاء في قرار الهيئة أنّ "وزارة الداخلية لم تفلح في إثبات الأضرار، سواء الآنية أو اللاحقة، والتي يمكن أن تترتّب على حصول المدّعية على الإحصائيات المطلوبة، أو مدى تهديدها للأمن العام وعلاقتها بحالة الطوارئ"، مشيرة إلى أنّ التحقيق كشف عن انتهاكات تمارسها وزارة الداخلية التونسية في تقييد حرية مواطنين تونسيين في التنقل خارج البلاد وداخلها، باعتماد إجراء حدودي مخالف للدستور والقوانين المحلية.
وقالت الصباغ إنّ الحكومة الأردنية سحبت قانون الحصول على المعلومات، ونأمل أن تكون هناك تغييرات جذرية على القانون، ومنها تجريم كل من يمتنع عن إعطاء المعلومات، وتخفيض مدة الانتظار من شهر إلى أقل من أسبوعين، وإلغاء البنود المتعلقة بحماية أسرار الدولة.
وحول الجائزة، أوضحت أنّ منح الجائزة يراعي العديد من المعايير المتعلقة بجودة العمل الصحافي. وهناك العديد من المعايير، منها الصعوبة، والإبداع، وعنصر المخاطرة، والتأثير بعد البث. مشيرةً إلى أنّ الشبكة تواكب بشكل مستمر في جوائزها وتقييمها التطورات التي تحصل في منصات البث ووسائل الإعلام.
Twitter Post
|
وأعلنت "أريج" أسماء الفائزين في مستهل ملتقاها الحادي عشر في العام الحالي بمشاركة 475 إعلامياً عربياً وخبيراً أجنبياً من 18 دولة. حيث استحوذ إعلاميون من مصر واليمن وقطاع غزّة وموريتانيا على جوائز (أريج)، العام الحالي، عن أفضل تحقيقات متلفزة ومتعددة الوسائط، كشفت لدى نشرها/ بثها تجاوزات على حقوق الإنسان، وحالات عبودية، وقضايا فساد طاولت الحق في الحياة.
Twitter Post
|
وحصد المصريان علي سطوحي وعزّة مغازي مرسي جائزة أفضل تحقيق استقصائي معمق "تحت التجربة"، ضمن فئة التقارير المتلفزة الطويلة. وأوضحت لجنة التحكيم أنها اختارت هذا التقرير "بسبب انتشار مشكلة الفحوص الكلينيكة غير المنضبطة، وسط ضعف الرقابة عبر العالم العربي، ولأنها تؤثر على جميع شرائح المجتمع".
أما الجائزة الأولى لفئة الأفلام القصيرة، فتقاسمها الإعلاميان السالك زايد من موريتانيا وأصيل سارية من اليمن. وتمحور تقرير الأول بعنوان "أحياء أموات" حول كشف الظروف المعيشية للمحررين من العبودية في بلاده، وسط ضعف رقابة "الوكالة الوطنية لمكافحة الفقر وآثار الاسترقاق". أما تقرير سارية، فكان تحت عنوان "رحلة اللا عودة" حول وقوع صيادين يمنيين في قبضة السلطات الإريتيرية، في خرق لاتفاقيات الملاحة في البحر الأحمر. ووصفت لجنة التحكيم التقريرين القصيرين بأنهما "قويان وشديدا التأثير"، ذلك أنهما يؤثران على عدد كبير من المستضعفين.
وفازت المصرية آية نبيل عبد الجواد بجائزة أفضل تحقيق متعدد الوسائط (ملتيميديا)، وكان بعنوان: "أطفال تعرّضوا للاغتصاب يواجهون المجتمع بأضرار نفسية"، في غياب استشارات علاجية وآلية فعّالة لجمع بيانات عن هؤلاء الأطفال. وأشادت اللجنة بـ"شجاعة معدة التحقيق وقدرتها على الوصول إلى المتضررين من حالات الاغتصاب"، وهي مسألة حسّاسة مسكوت عنها في المجتمعات العربية.
وحصدت المصرية مها صلاح الدين أحمد جائزة أفضل تحقيق في صحافة البيانات عن عملها: "اختبار المعارضة في البرلمان.. النتيجة صفر". وأشادت لجنة التحكيم بـ"عملها المضني في قراءة محاضر جلسات البرلمان واجتماعاته وتفسيرها، وصولا إلى استنتاجات علمية محكمة، واضحة وسهلة الفهم".
وفاز محمود هنيّة من قطاع غزة بجائزة أفضل تحقيق مكتوب ومتلفز عنوانه: "الصيد الممنوع في حوض ميناء غزّة.. من يتقاسم الغلّة؟". وأشاد المحكمون بقدرة الصحافي الفلسطيني على كشف تواطؤ ضمني بين صيادي سمك وعناصر في الشرطة البحرية بغزّة، بحيث يتغاضى شرطيون عن صيد أسماك ملوثة ثم بيعها للمستهلكين. ولاحظت اللجنة أن نشر التحقيق أدّى إلى تشكيل لجنة لعقاب أفراد شرطة متورطين، كانوا يحصلون على ثلثي إنتاج الصيادين.
Twitter Post
|
وكانت لجنة التحكيم قرّرت تخصيص جوائز ضمن خمس فئات: أربع منها مفتوحة أمام الأريجيين الذين تلقوا تدريباً ودعماً من شبكة (إعلاميون عرب من أجل صحافة استقصائية)، فيما تنافس على الفئتين الأخريين جميع المتقدمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمن فيهم غير أريجيين.
Twitter Post
|
وتتلقى (أريج) تمويلها من المنظمة السويدية للتعاون الدولي (سيدا)، منظمة دعم الإعلام الدولي (IMS) الدنماركية، برنامج الشراكة الدنماركية العربية (DAPP)، مؤسسات المجتمع المفتوح (OSF)، سفارتي النرويج وهولندا في عمّان، ومؤسسة "فربدريش ناومان" الألمانية.
Twitter Post
|
Twitter Post
|