هكذا دعمت حملة مصرية سرّية عسكر السودان على مواقع التواصل

07 سبتمبر 2019
بدأت الحملة بعد مجزرة فض الاعتصام (أوزان كوسي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أيام من المجزرة التي ارتُكبت بحق المعتصمين المنادين بمدنيّة الدولة، أمام القيادة العامة للجيش في العاصمة السودانية الخرطوم، في 3 يونيو/حزيران الماضي، بدأت شركة "نيو وايفز" New Waves المصرية بعملية سرية للإشادة بعسكر السودان على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان قد قُتل في المجزرة 87 معتصماً وفق الرواية الحكومية، بينما قدّرت "لجنة أطباء السودان المركزية" المستقلة إجمالي الضحايا ومعظمهم من الشباب بـ 130 قتيلاً. وفضّت قوات عسكرية في 3 يونيو/حزيران الماضي الاعتصام السلمي الذي كان قائماً منذ 6 إبريل/نيسان الماضي.

وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الجمعة، بأن الشركة المصرية "نيو وايفز" وظفت أشخاصاً، مقابل 180 دولاراً أميركياً شهرياً، مهمتهم كتابة منشورات مؤيدة للجيش السوداني، باستخدام حسابات زائفة على مواقع "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" وتطبيق "تيليغرام". وعينت مرشدين حددوا للموظفين الجدد الوسوم (هاشتاغ) الواجب استخدامها، والقضايا والنقاط المطلوب التحدث عنها.

واستناداً إلى أربعة أشخاص على دراية بأعمال الشركة من دون الكشف عن هوياتهم خوفاً من السلطات المصرية، لفتت "نيويورك تايمز" إلى أن المرشدين المذكورين قالوا للموظفين الجدد إن إزاحة عمر البشير من الحكم، في إبريل/نيسان الماضي، قلبت السودان رأساً على عقب، وإن المتظاهرين ينشدون الفوضى، ومطالبتهم بالديمقراطية سابقة لأوانها وخطيرة، وبالتالي يجب استعادة النظام. وقال أحدهم حرفياً "نحن في حالة حرب. الأمن ضعيف، وعلى الجيش أن يحكم الآن".

وأوضحت الصحيفة الأميركية أن شركة "نيو وايفز" يديرها عمرو حسين، وهو ضابط تقاعد من الجيش المصري عام 2001. ويصف نفسه على صفحته الـ "فيسبوكية" بأنه "باحث في الحروب السيبرانية". وحسين مؤيد شرس للرئيس المصريالحالي عبد الفتاح السيسي، وتولى حملات دعائية علنية لدعم حملة السيسي الصارمة على حريات الإنترنت. وبين عامي 2015 و2017، كتب عموداً في صحيفة "البوابة" المؤيدة للنظام الحالي. زعم في مقابلة أجريت معه، في يوليو/تموز الماضي، أن شركته ليس لديها أي عملاء، باستثناء العرض المسرحي الذي تتولى الدولة المصرية إنتاجه، "أوبرا بنت عربي".

وتعمل "نيو وايفز" من مشروع إسكان مملوك للجيش، شرق القاهرة حيث يُحذّر الموظفون من التحدث إلى الغرباء عن عملهم.

وفي حديثها لناشطين سودانيين، أكدوا أنهم لم يتفاجأوا حين علموا عن هذه الحملة السرية، لأنهم لاحظوا ارتفاعاً في الحسابات الزائفة المؤيدة للجيش خلال فصل الصيف.

وكانت شركة "فيسبوك" أعلنت، في الأول من أغسطس/آب الماضي، أن أشخاصاً مرتبطين بحكومة السعودية أداروا شبكة من الحسابات والصفحات الزائفة على الموقع الشهير، للترويج لدعاية الدولة، ومهاجمة الخصوم في المنطقة.

وفي التقرير نفسه، لفتت "فيسبوك" إلى أنها أغلقت مئات الحسابات والصفحات المرتبطة بشركتي تسويق، هما "نيو وايفز" المصرية و"نيوايف" Newave الإماراتية. وكشفت "فيسبوك" أن الشركتين عملتا معاً، واستخدمتا 361 حساباً وصفحة في نشر أخبار زائفة ومضللة، وُجهت إلى نحو 14 مليون متابع على موقع "فيسبوك" والآلاف على "إنستغرام"، وأنفقتا 167 ألف دولار أميركي على الإعلانات. وقد أغلقت "تويتر" حساب "نيو وايفز" المصرية بعد تقرير "فيسبوك".

وركزت منشورات الشركتين على دعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي يحظى بدعم مصر والإمارات العربية المتحدة، وأشادت بالإمارات العربية المتحدة، وانتقدت دولة قطر التي تواجه حصاراً رباعياً (مصر، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية) منذ يونيو/حزيران عام 2017. تحدثت رسائل أخرى عن الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، وعززت استقلال أرض الصومال التي تعدّ هدفاً رئيسياً للإمارات العربية المتحدة، في سباقها من أجل النفوذ والعقود المربحة في القرن الأفريقي.

وعلى الرغم من أن "فيسبوك" لم تربط نشاط الشركتين مباشرة بحكومتي مصر والإمارات العربية المتحدة، لكن ممارساتها تبيّن هذا الرابط؛ إذ تعكس رسائل "نيو وايفز" و"نيوايف" أهداف السياسة الخارجية لكل من مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

أما حسين فردّ على اتهامات "فيسبوك"، واصفاً إياها بـ "الكاذبة"، ونافياً أي علاقة له بالإمارات العربية المتحدة، في رسالة وجهها إلى "نيويورك تايمز".

والشركة الإماراتية Newave التي أغلقت، بعدما فضحت "فيسبوك" أعمالها في الأول من أغسطس/آب الماضي، كانت تعتمد عنواناً لنشاطها التجاري "هيئة المنطقة الإعلامية" التابعة لحكومة أبو ظبي، "توفور 54" twofour54. وقد وظفت عشرة أشخاص، وعُين محمد حمدان الزعبي مديراً عاماً لها.

المساهمون